هذا الضريحُ من الحجارة أم ضريحك من شعورْ
كلٌّ مع الدنيا يدورُ، وأنت في فلكٍ تدورْ
إني لأسمعُ صوتك البركانَ من حممٍ يثورْ
يستأصلُ الداءَ الدفينَ يمجُّ بالشرر الشرورْ
ويري الحقيقة َللذي أعمى بصيرته الغرورْ
كلُّ امرئٍ وزمانهِ كسفينةٍ عبر البحورْ
هذا الضريح أبا العلاء أجلُّ من كلِّ القصورْ
أين الجبابرةُ العظامُ، وأنت معجزةُ العصورْ؟
يا آية الشعر العجيبِ، ويا أقانيمَ الدهورْ
الويلُ للزمنِ المريرِ، وما به عسفٌ وجورْ
إني لألمسُ بالصخورِ الحسَّ يسري بالصخورْ!
العبقرية ُوالنبوغ ُكما تريدُ وما تشاءْ
شيخَ المعرَّةِ بالبصيرةِ جُزتَ ما بعد السماءْ
وكشفت أسرارَ الطبيعة ثم ثرتَ على النساءْ
وشرحت فلسفةَ الوجود سبرت أحكامَ القضاءْ
بين المسَّيرِ والمخَّيرِ والتزلُّفِ والدهاءْ
وكذا العقيدة والقناعة حيثُ لامك
[1] دون باء
[2] [3]
وبلوتَ ناساً كالذئابِ، فكلُّ ما فيهم رياءْ
عذراً إذا همستْ شفاهي عند لحدكَ بالوفاءْ
ليس الصحيحُ أبا النزولِ، فأنت أنتَ أبو العلاءْ
[4]
أنا إن وقفتُ على الضريحِ، فهاكَ قلبي قد سجدْ
ورهيفُ حِّسي إذ وقفتُ بكلِّ ما فيك اتَّحدْ
هذا سليلُ الأنبياء، وفيلسوفُ المعتقدْ
أزلُ الوجودِ، وحكمة الدنيا، وتاريخُ الأبدْ
لما تحرَّرَ من سجونِ العيشِ، واحتقرَ الجسدْ
وقرأتُ فلسفةَ الزَّمانِ، كما النجومُ بلا ولدْ
( هذا جناه أبي عليَّ وما جنيتُ على أحدْ)