أنشودةُ النوْرس الضائِع
يُقِلُّكَ الحَرفُ إن أمْسَكْتَ دَفَّتَهُ
يَقُدُّكَ الصَّمتُ إن حاولْتَ إغفالَهْ
حرفٌ تَفَننَ في إبداءِ زينتِهِ
حتى تسببَ في إيذاء مَن قالَهْ
كأنَّهُ الليلُ في الآفاقِ مُرتَحلٌ
والصبحُ يَنسُجُ في كفيكَ منوالَه
أحببتُ ما في سكونِ البحْرِ من دعةٍ
وزدتُ حبًا لهُ إذ خُضتُ أهوالَهْ
لا تسألِ الموجَ كيف اختارَ وجهَتَهُ
لنْ يهدأ البحْرُ إن برَّرتَ أفعالهْ
قد كانَ أولى بهِ تخفيفَ أمتِعتي
لا أن يُضاعِفَ بالتذكارِ أحمَالهْ
أتيتَ والعُمرُ أشلاءٌ مبعثرةٌ
ماذا يُضيرُكَ لو رتَّقتَ أثمالَهْ
قلبي المُعلُّقُ في جفنيكَ يسألُني
كيفَ استطعتَ بأرضِ التيهِ إنزالَهْ
هذا المُسافِرُ قد أخفى مدامعهُ
كي لا يَكونَ على أحبابِهِ عالَهْ
تهُزُّهُ الريحُ؛ يأبى أن يُهادِنها
حتي يُعَلِّق في الأقمارِ آمالَهْ
في رِحلةِ البحثِ عن ذاتٍ تُشابِههُ
طافت بهِ الريحُ حتى مزَّقت شالَهْ
ما عاد يذكُرُ من تلك الحياةِ سوى
إدبارُها عنهُ حتى ملَّ إقبالَهْ
وكُلَّما هدَّأ الإعصارُ ثورَتهُ
تَعمَّد الصمتُ في جنبيهِ إشعالَهْ
ملَّ الغيابَ وعَن أخبارِهِ انقطعتْ
كلُّ الدروبِ وقد أدمنتَ إهمالَهْ
يُقاوِمُ الدمعَ والتسكابُ يفضَحهُ
فهل سيغْسِلُ بالتسكابِ أوحَالَهْ
يُعربدُ الوجدُ في جنبيهِ مرتهنًا
بكلِّ سرٍّ من الأسرارِ أوحى لَهْ
يُطاردُ الخوفَ والذكرى تُطارِدُهُ
في كلِّ وادٍ يَمدُّ الشوقُ أحبَالَهْ
طيرٌ تشَبَّث في زنديكَ مبتَكراً
لَحنًا جديداً وكَم أغفلتَ أفضالَهْ
تُرى ستَنبتُ في كفيهِ أجنحةٌ
حتى يُحّطِمَ بالتحليقِ أغلالَهْ؟
مِن خلفِ ألفِ غيابٍ عادَ يَحمِلُ لي
عمراً يُرَممُ بالآمالِ أطلالَه