الخميس ٤ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤
بقلم سيد حسني سيد شاكر

حين لملمتني إيزيس

عَلَى بَابِهِ دَقَّ الْفَنَاءُ وَأَرَّقَا 
 

 

فَكَمْ سَارَ فِي دَرْبِ الْوُجُودِ مُؤَرَّقا

دَمِي مُنْذُ لْلشِّرْيانِ حَجَّ وَجَدْتُهُ
 

قَضَى عُمْرَهُ بَينَ الْمَشَانِقِ عَالِقا

غَرِيبٌ يَرَى الْأَيَّامَ تَدْهَسُ ظِلَّهُ
 

وَمُذْ بَلَّلَتْهُ الشَّمْسُ جَفَّ وَأُحْرِقَا

وَإِنْ يَقْصِد الْأَبْوَابَ تُغْلِقْ عُيُونَهَا
 


وَلَو جَاءَ مِنْ طَرْفِ الْمَجَرَّةِ مُرْهَقا

يَطِيرُ بِلَا أُفْقٍ تِجَاهَ سَرَابِهِ
 

وَإِنْ أَبْصَرَ النِّسْيَانَ حَطَّ وَحَدَّقا

يَحِنُّ إِلَى أَنْ تَصْطَفِيهِ، وَكُلَّمَا
 

تَذَكَّرَ مَنْ قَدْ مَزَّقُوهُ تَزَنْدَقَا

سَيَفْنَى إِذَا حَاكَتْ يَدَاكِ تُرَابَهُ
 

فَمَا كَانَ إِلّا بَعْدَمَا قَدْ تَمَزَّقَا

يُضَمِّدُهُ وَحْيُ الْبُكَاءِ كَغَابِرٍ
 

وَكَمْ مِنْ دُمُوعٍ لا تَهُونُ تَصَدَّقَا

فَمِنْ دَمِهِ الْأَقْلَامُ تَرْوِي مِدَادَهَا
 

وَكَمْ دَمُهُ بَينَ الدَّفَاتِرِ أُهْرِقَا

وَمِنْ عَظْمِهِ يَبْنِي الْفَنَاءُ مَجَرَّةً
 

وَمِنْ شَدْوِهِ يَنْمُو الْحَمَامُ مُحَلِّقا

عَلَى قَبْرِهِ يَنْمُو التُّرَابُ وَمَا لَهُ
 

صَدِيقٌ سِوَى النِّسْيَانِ وَفَّى مُصَدِّقا

وَفِي رُوحِهِ أُنْثَى الْأَرِيجِ تَهَيَّأَتْ
 

وَمَا غَلَّقَتْ بَابًا لِيُبْعَثَ زَنْبَقا

فِإِنْ تَبْعَثِيهِ الْآنَ يُنْكِرْ وُجُودَهُ
 

فَمُذْ سَارَ فَوقَ الْمَاءِ يُبْعَثُ غَارِقا

وَمُنْذُ ارْتَدَى الْمَاءَ اسْتَحَالَ سَحَابَةً
 

تُسَافِرُ فِي كَفِّ الشُّمُوسِ لِتُخْلَقَا

هُنَا قَدْ رَأَى الْأَشْيَاءَ تَلْبَسُ لَونَهَا
 

وَلَا تَرْتَدِي إِلَّا الْأُفُولَ لِتُشْرِقَا

فَلَا أَيَّ أُفْقٍ سَوفَ يُزْعِجُ سِرْبَهُ
 

إِذَا مَدَّ سَاقًا فِي الذُّهُولِ وَحَلَّقَا

يُنَادِي فَتَأْتِي كَالْبُرَاقِ سَمَاؤُهُ
 

وَكَمْ وَسَّعَ الْآَفَاقَ حُرًّا وَضَيَّقَا

وَمَا نَبَّهَ الْعُشَّاقَ حِينَ تَثَاءَبُوا
 

وَلَمْ يَتْرُك الْأَضْغَاثَ تُزْعِجُ عَاشِقا

وَكَمْ بَاتَ مِنْ ضَوءٍ يَخِيطُ سَرَابَهُ
 

لِيَبْزُغَ فِي أُفْقِ الْمَتَاهَةِ مُشْرِقا

وَتَسْقِي لَهُ الذِّكْرَى حَدِيقَةَ أَمْسِهِ
 

وَكْمَ قَدْ سَقَى الْأَوهَامَ حَتَّى تَحَقَّقَا

فَيَحْيَا كَأَنَّ الْأَرْضَ تُبْصِرُ وَجْهَهُ
 

وَيَطْفُو عَلَى سَطْحِ التُّرَابِ مُخَنْدَقا

يُثَبِّتُ مِسْمَارَ الْخُلُودِ بِغَيمَةٍ
 

وَمِنْ حَولِهَا يَنْمُو الْوُجُودُ مُعَلَّقا

وَلَمْ تَشْرَب الْأَيَّامُ نَخْبَ بَقَائِهِ
 

وَلَمْ يَنْتَبِذْ غَيرَ الْفَنَاءِ لِيُعْتَقَا

دَعِيهِ...فِفِي كَفَّيهِ قَشَّةُ رُوحِهِ
 

تُنَادِي... وَلَا تَهْوَى الْحَيَاةُ مُمَزَّقا



أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى