إمام مسجد يدير من خلاله شبكة للدعارة، والبقية تأتى

ناقشنا فى التحقيق الذى نشرناه فى العدد الماضى موضوعا تحت عنوان "محجبات وبائعات للهوى".. وفى هذا العدد نواصل التحقيق فى نفس الموضوع ولكن من زاوية أخرى ..

عشق الجنس قديم، وأزلى، ولولا أهمية الجنس فى حياتنا لما زرعه الله عز وجل كغريزة طبيعية لدى الإنسان، ولما جعل ممارسة هذا الجنس هو الوسيلة الوحيدة –سابقا- للإنجاب، وللتناسل، والتكاثر بين الجنس البشرى.

لا خلاف على هذا.. ولكننا فى هذه السطور لن نحاول أن نناقش الأمور البديهية، فمن الطبيعى أن فى كل مجتمع يوجد الصالح والطالح، المؤمن والفاسق. ولن ننزلق إلى ملف التعميم، ولكننا سنستشهد ببعض الحالات الفردية، حتى نلفت الانتباه إلى خطورة بعض الظواهر التى يعيشها المجتمع ..

يحكى أحد الأصدقاء متباهيا ببعض مغامراته أيام الدراسة بالجامعة..ويقول.. إنه صادف فى إحدى المرات شابا من إحدى كليات جامعة عين شمس، وهو يعرض عليه قضاء سهرة حمراء مع إحدى الفتيات.. ولما كان زميلنا من النوع المحب للمغامرات وافق على الفور، ووافق على دفع عربون بشرط رؤية الفتاة أولا. وهو ما حدث. تردد صاحبنا للحظات.. فالفتاة لا يبدو عليها أنها من النوع الذى يمكن أن يفرط فى جسده بسهولة. فهى تبدو متحفظة جدا فى ملابسها لدرجة أنها كانت ترتدى قفازات فى يديها حتى لا تلامس يدها أثناء المصافحة أيدى الشباب.. وخاف صديقنا من أن يتعرض لعملية نصب .. لكنه وافق فى النهاية، وبعد تردد، اصطحب صديقنا الفتاة إلى شقة صديق ثالث وافق على استضافتهما، وترك لهما الشقة ليرتاحا.

لم تكن ممارسة فنون الحب هى نهاية القصة بين صديقنا والفتاة، بل كانت البداية. فصديقنا مرتاح ماديا، ووالداه يعيشان فى الكويت، ويرسلان له مصروفا شهريا يكفيه، ويزيد عن حاجته هو وخمسة من أصحابه لو أراد. ونجح صديقنا فى إقامة علاقة خاصة مع الفتاة.. وعلم منها أنها بنت واحد من شيوخ هذا العصر، الذين حسبوا أن الدين مجرد مجموعة تعليمات ووعيد بالنار للعصاة، وأن الله عز وجل أعد للعاصين عذابا رهيبا.. ولم تسمع منه فى يوم من الأيام أن الله أعد للمتقين، وللمحبين جنة واسعة، ولم تعرف أن من صفات الله الرحمة. وهكذا، نشأت على القسوة، وسط تسعة من الأشقاء الأولاد، وخمسة من الأخوات البنات..ومستوى التعليم مترد، وحالة الأسرة منهارة اقتصاديا.. فمن المسئول عن ضياع مثل هذه الفتاة، وتنقلها من أحضان شاب إلى أحضان آخر..

قد تكون اللذة، وعشق الجنس واحدا من العوامل التى تدفع بفتاة منحدرة من أسرة ملتزمة دينيا إلى ممارسة الجنس. فى أثناء الدراسة الجامعية لصديق آخر، كان -حسب ما يصف نفسه- خجولا، لا أصافح الفتيات، والتقيت زميلة كانت مغرمة بارتداء الملابس القصيرة.. لم يكن صديقنا يهرب من لقائها، ولكن وجهه كان يحمر خجلا عندما يلتقيها، وهى آية فى الجمال، أبدع الخالق تبارك وتعالى فى صنعها، وجعلها آية للناظرين.. وكانت من النوع الجذاب الذى يأسر الواقف والمار لجمالها..وكان معظم زملاء الدراسة يتوددون إليها، ويطمعون بالفوز بلمسة أو احتكاك قصير بجسدها الذى يكاد يرفض الملابس التى يزيدها حر الصيف إثارة، ويلهبها أنوثة.

لم تكن تلك الزميلة تعشق الجلوس فى المحاضرات لمجرد الاستماع إلى الدرس، بل كانت تعشق منح زملائها متعة مشاهدة أجزاء مختلفة من جسدها ..وكان زملاء الدراسة يتندرون – وأحيانا يتراهنون- فيما بينهم عن لون الملابس الداخلية التى سترتديها (س) اليوم.. ليس هذا هو الغريب فى قصة (س).. لكن الأغرب أنها كانت ابنة أستاذ جامعى أزهرى.. وهو رجل فاضل تربت على يديه أجيال أخرى من الشباب الذين أعرفهم أنا شخصيا، وهم يمتدحون أخلاق الرجل. والذين يعرفونه عن قرب لا يمكن أن يمر بخيالهم أن لهذا الرجل الفاضل فتاة بمثل تلك السلوكيات.. ولم يشكوا للحظة واحدة أن هذه الفتاة التى تمر على والدها بالسيارة كل يوم لتصطحبه إلى المنزل يمكن أن تكون من ذلك النوع الذى حكينا عنه.. وهم يقولون.. لا بد أن فى الأمر خطأ ما..

هنا الموقف يختلف.. الفتاة تعشق تعرية جسدها، ومشاهدة نظرات الشبق فى عيون الآخرين، تعشق أن تلمسها الأصابع، وأن تتفحصها العيون.. تعشق إلهاب خيال الشباب، وتعشق نظرات الوله فى عيونهم، وهى تحملق بدهشة فى مناطق الثمار المحرمة.. وهى.. تعطيهم بقدر محسوب، وتمنحهم من رعايتها، وعنايتها ما شاءت، وقتما تريد..تعشق أن يتحدث عنها الجميع، وتعشق أن ترى فسها تشارك كل واحد فيهم ليلته، وسريره، وفى خيال الشباب المحروم طاقات كبيرة تحتاج إلى تفريغ ..

إذا كانت الأحوال تمشى على هذا المنوال.. فلماذا نسمح لأنفسنا بالكلام فى هذه المواضيع؟ وإثارتها على الملأ؟ وعلى صفحات الإنترنت؟

الواقع يقول إن عملية التشخيص، هى أولى خطوات العلاج.. والعلاج ليس مطلوبا منى كصحفى، بل المطلوب منى، ومن القائمين على هذه المجلة لفت الأنظار، والتحذير، وتنبيه المجتمع، وليس فرض الوصاية عليه.. وهكذا، سأسمح لنفسى أن أقول إن من بين ملاحظاتى أن التشدد الدينى يؤدى إلى نتائج عكسية، وأن من الضرورى أن نفصل بين الشخص والدين كأخلاقيات.. فالمحجبة يمكن أن تكون أقل طهارة من المرأة السافرة.. ويمكن للغنية أن تبيع نفسها ليس شرطا مقابل المال، ولكن مقابل الحصول على المتعة.. إذا الموضوع ليس فيه قواعد محددة يمكن تحديدها، ومن هنا تكمن الصعوبة .. لكن الضرورى أن لا نسمح لبعض المتمسحين بالدين أن يستخدموه كستار لأعمالهم الدنيئة.

أحد زملائى وهو رسام للكاريكاتير حكى لى تجربة غريبة عن إمام مسجد فى إحدى القرى التى تقع على الطريق السريع الذى يربط العاصمة القاهرة بمحافظة الشرقية.. هذا الرجل كان يتخذ من المسجد الذى يعمل فيه مؤذنا وخطيبا وكرا لإدارة شبكة الدعارة..وهذه الشبكة لم تكن تتكون سوى من ثلاث نساء.. زوجته، وشقيقة زوجته، والمفاجأة الأكبر.. كانت الثالثة هى أخته.. ويتردد الزبون الذى يجب أن يأتى عن طريق وسيط معروف جيدا لدى الشيخ على المسجد لأداء الصلاة، وبعد خلو المسجد من المصلين يعرض عليه فضيلة الشيخ صور النساء، ليختار من بينهن من تروق له.. وبعد الاتفاق يصطحبه معه إلى داره ليتم التنفيذ. وبالطبع لم يكن أحد من جيران الشيخ يشك فى هذا الأمر، لأننا فى العادة كشعوب عربية نصبغ مسحة من الروحانية والقداسة على الشيوخ، ولا نرى أفعالهم.. وعلى ما يبدو أن هذه الشبكة ما زالت تعمل لأن هذه الحكاية لم يمر عليها شهر أو شهر ونص منذ سمعتها، من صديقى الذى تابعها عن قرب عبر صديق له يعرف هذا الشيخ.. بل الغريب أن صديقى كان مدعوا للتجربة ليقطع الشك باليقين. لكن صديقى الرسام رفض، وحكى لى سائلا إن كنت أرغب فى المرور بمثل هذه التجربة... وبالفعل أنتم تعرفون الإجابة مسبقا...

هذه نماذج مختلفة لحالات غريبة.. ولعل البعض يتعجب إذا سمع عن مثل هذا الشيخ، ولكن ما العمل إذا كان هناك مناخ يسمح بتوالد، وتكاثر مثل هذه النماذج؟

لعل الذى يجمع بين النماذج الثلاثة السابقة أنها توحى بمظاهر غير التى تبدو عليها.. ونحن فى العادة نقول لنا الظاهر، أما الباطن فيعلمه الله..

ولكن الواضح مع تكرار الحالات وتعددها وتشابه الوقائع أن العملية باتت متكررة، ومعتادة.. ولا تثير الدهشة.. فنار الجنس قد اشتعلت فى المجتمع العربى من قديم الزمن، ولم تستطع نيران التعاليم الدينية، ولا قيود المجتمع، ولا العادات ولا التقاليد فى إطفاء نيران تلك الشهوة. ولن تفلح كل أفكار الرقابة، والترهيب على أن تجبر الفتاة أو الشاب على التوقف عن فعل شيء طالما لم تكن هناك وسائل مناسبة لتلبية تلك الرغبات، وإطفاء لهيبها.. والسؤال الذى نلقيه فى وجه عقلاء المجتمع هو.. كيف يمكنكم أن تفعلوا ذلك؟ وهل فكرتم فى وسيلة عصرية لمواجهة مثل هذه القضايا بحلول عملية مقنعة تكون بديلا عن اللجوء لأساليب الوعظ، والتخويف؟؟