الثلاثاء ١١ نيسان (أبريل) ٢٠٢٣
بقلم ريم محمد التمرو

الأخ الصديق

قصة للأطفال

قصة قصيرة للأطفال - من سن العاشرة فما فوق

كان يا مكان في هذا العصر وهذا الأوان، كان هناك فتاةٌ في العاشرة من عمرها تدعى رؤى، كانت رؤى فتاةً حالمةً مثل الفتيات اللاتي في سنّها، تحلم بقصور الحكايات والأميرات، عاشت رؤى في بلدةٍ صغيرةٍ مع عائلتها الكبيرة بالقرب من نهرٍ جارٍ، وكان لديها أخٌ اسمه ميمون يكبرها بثلاثة أعوام، يحبها كثيراً ويحرص دائماً على حمايتها وتسليتها باللعب والمزاح، ويُحاول أن يأتي بألعابٍ جديدةٍ كي لا تشعر بالملل، ورغم ذلك أصبحت كثيرة الملل من اللعب معه، وفي ذات يوم وبينما كانت رؤى جالسةً بالقرب من النهر، جاء إليها ميمون كي يلعبا سوياً كالعادة، لكنَّ رؤى نظرت إليه بمللٍ وأجابته بأنَّها لا تشعر برغبةٍ في اللعب اليوم وقالت له: "لقد سئمت من اللعب معك، أريد شيئاً جديداً وغريباً" ثم تابعت قائلةً: "أريد أيضاً أصدقاءَ جُدداً" فأجابها بأنَّ لديه لعبةً جديدةً وغريبةً أكثر ممَّا تتخيل، لكنَّها لم تُصغي إليه، واستمرت بالتحديق في النهر الذي كان يبدو شديد الجريان، فذهب ميمون وجلس بعيداً وهو ينظر إليها بحزنٍ بسبب ما قالت له، وفي هذه الأثناء، وبينما كانت تنظر إلى النهر وإذ بشيءٍ يطفو فوق الماء وكأنَّه يسبح، كان أشبه بالبساط وعندما اقترب، سارعت بمد يدها إلى النهر كي تلتقطه ظناً منها بأنَّه البساط السحري الذي في الحكايات، وعندما وضعت يدها عليه خرج من البساط رأس إنسان، ففزعت فزعاً شديداً وإذا به ميمون، ذُهلت عندما رأته وقالت له: "لكن كيف هذا"

أجابها: "ألم أقل لكِ أنَّ لديَّ لعبةً جديدةً"

قالت له: "وماهي"

قال لها: "تعالي معي" ثمَّ أمسك بيدها وجعلها تصعد على ظهره، وتابع قائلاً: "تمسكي جيداً فسوف نغوص في الماء وعليكِ أن تحبسي أنفاسك... هيا افعلي ما أقول لكِ" فأجابته: "لماذا"

قال لها: "سندخل في النفق الموجود في النهر" وعندما فعلت ما قال لها وجدت نفسها مع ميمون في أرضٍ تشبه بلدتها الى حدٍ كبير ولكنَّها تبدو غريبة، فقالت لميمون: "أين نحن"

قال لها: "إنَّها أرض الخيال"

قالت رؤى: "أرض الخيال! وما أرض الخيال؟"

قال ميمون: "إنَّها ما كُنتِ تحلمين به عندما كنت جالسةً على ضفة النهر"

قالت رؤى: "لكنَّها تبدو كبلدتنا تماماً ولكن..."

قاطعها ميمون: "نعم.. ولكن هنا كلُّ شيءٍ مجرد خيال، أي ليس حقيقياً"

قالت رؤى: "إذن ما الفائدة من وجودنا هنا"

قال ميمون: "هنا يمكنك أن تتخيلي ما تحبين وسوف يظهر أمامك في الحال"

قالت رؤى بتعجب: "أيُّ شيء!"

قال ميمون: "نعم.. ولكن يجب ألَّا يكون لديك مثله في الواقع" ثم تابع قائلاً "فإذا تخيلتِ عائلتنا فسوف تكون مجرد خيال ولن تتمكَّني من الحديث معهم.. هيا حاولي" وعندما فعلت ما قال لها، فإذا بعائلتها تجلس أمامها على طاولة الطعام وهم يتحدثون، وعندما سارعت إليهم لتحدثهم لم ينظروا إليها حتى، ولم تستطع لمسهم فحزنت كثيراً، فقال لها: "لا تحزني.. نحن أتينا إلى هنا للمرح فقط وسوف نعود أدراجنا" ثم تابع قائلاً وهو يبتسم "ألم تقرأي قصة أليس في بلاد العجائب" فضحكت وقالت له: "هل يوجد هنا أوراق لعبٍ تتكلم.. هل هذه الأشجار والحيوانات والأشياء تتكلم" فضحك هو أيضاً وقال لها: " لا.. انظري.. فقط تخيلي ماكنت تحلمين به وسوف يكون حقيقةً في الحال، وتتمكني من لمسه أيضاً" ثم تابع قائلاً "هيا تمنّي واحرصي أن أكون معك" فتمنت رؤى ما كانت تحلم به دائماً، وهو القصر الكبير، وبالفعل كان القصر أمامها في لحظات، وقفت رؤى أمام القصر ووضعت يدها على باب القصر الكبير وشعرت بوجوده فعلاً وكان حقيقياً كما قال ميمون، ودخلت إلى القصر مع ميمون وبدأت تتمنّى أشياءَ كثيرة، وكانت كلمَّا ظهر أمامها ما تتمنى تزداد فرحاً وتشكر ميموناً على هذه الرحلة، لكن فجأة بدا على ميمون القلق فسألته رؤى "ما الخطب؟! لما لا أراك سعيداً مثلي؟!"
قال ميمون: "إننَّي سعيدٌ لكن أريد أن أخبرك شيئاً" وتابع كلامه وكان يبدو شديد التوتر "علينا العودة قبل الغد وإلاَّ سوف نبقى هنا إلى الأبد" وأخذ بيدها ليريها شيئاً من نافذة القصر، وإذا بأشخاص جالسين هنا وهناك، فدهشت لرؤيتهم وقالت: "من هؤلاء ولِمَ يبدون كالأموات"

قال ميمون: "هؤلاء آثروا البقاء هنا فكان هذا مصيرهم، لذلك أقول لكِ إنَّه علينا العودة قبل الغد وإلَّا أصبح حالنا كحالهم"، لم تكترث رؤى لكلام ميمون وقالت له: "دعنا نمرح الآن" ثم تابعت وهي تبتسم: "أريد حفلةً راقصةً كبيرةً يحضرها أمير الحكايات" وفي لحظات امتلأ القصر بالشبان والفتيات، كانوا يرتدون ثياباً جميلة تماماً مثل القصص التي كانت تقرؤها، فطلبت ملابسَ لها ولميمون وبدا كلاهما كالأمير والأميرة، ثم اقترب منها الأمير وهو ينظر إليها بإعجاب وبدأ يحدثها لكنها لم تفهم لغته، وعندما أخبرته أنها لا تفهم ما يقول، لم يجبها، فأخبرها ميمون بأنَّ هؤلاء لديهم لغةٌ خاصةٌ بهم، وعليها أن تتعلمها، على الرَّغم من أنَّهم يفهمون لغتنا، لكنهم يرفضون الكلام معنا إلاَّ بلغتهم، وعلينا أن نغادر في الحال، مرةً أخرى لم تصغي رؤى لميمون، وفي هذه الأثناء كان الأمير ينظر إلى ميمون ويصغي لكلامه، فالتفت إلى رؤى وأمسك بيدها وراح يحدثها بكلمات غريبة لم تفهم منها شيئاً ويحاول أن يبعدها عن ميمون، وفعلاً استطاع أن يغيبا عن عيني ميمون الذي كان يراقبها طوال الوقت، ولكن فجأة اختفت وسط الزحام، وراح يبحث عنها وهو يلوم نفسه، فقد نسي أن يخبرها أن لا تنام مهما تعبت كي لا يبقوا في هذا المكان، كان يصرخ ويناديها باسمها ولكن دون جدوى، وكاد اليأس يدخل إلى قلب ميمون لولا فضل الله عليه الذي ألهمه أن يتخيل مكان رؤى، وبالفعل وجد نفسه في الشرفة، لكن رؤى كانت نائمة وتضع رأسها على سور الشرفة، فهرع إليها وبدأ يوقظها، وهرع إليه كل من في الحفل ليساعدوه وهم يصرخون محاولين إيقاظها ولكن دون جدوى، هنا قرر ميمون أن يحمل رؤى ويعود بها رغم صغر سنه وجسده النحيل، مضى وهو يفكر كيف سيعبر النفق الذي في النهر، لكن لم يكن لديه خيارٌ آخر لأن بقاءهم في هذا المكان يعني هلاكهم أيضاً، وحمل ميمون رؤى على ظهره الصغير ومضى بها واستطاع بفضل الله أن يعود بها الى ديارهم بعد عناء كبير، وعندما فتحت رؤى عينيها وجدت نفسها على العشب بجانب النهر، وحولها عائلتها وأهل البلدة، دهشت رؤى عند رؤيتهم ولم تستطع في البداية أن تفهم ما جرى، فسألتهم: " أين أنا وماذا جرى" وعندما شعرت بيد والدتها التي وضعتها على جبينها، فرحت كثيراً وسألتهم فيما إذا كانوا حقيقةً وليسوا خيالاً فتبسمت والدتها وقالت لها: "يبدو أنَّك متعبةٌ كثيراً يابنتي" ثم تابعت " لقد كنت جالسةً بجانب النهر كالعادة وعندما حاولتِ أن تمسكي بقطعة قماش كانت تطفو فوق الماء وقعت في النهر، والحمدلله أنَّ ميموناً كان بالقرب منك، ورغم صغره استطاع إنقاذك بعد ما كاد يغرق معك" وقاطعتها إحدى سيدات البلدة وقالت:" إنَّ ميموناً فتىً قويٌّ وشجاع وأخٌ رائعٌ وحنون، فعندما وجد نفسه وحيداً قرَّر أن يُنقذك، ولو كان انتظر قليلاً حتى يأتي أحدٌ منَّا لكنت قد غرقتِ" هنا علمت رؤى أنَّ كلَّ ما مرت به كان حلماً ليس إلَّا، وإنَّ ميموناً كان معها كي يُساعدها ويُنقذها من الغرق، تبسمت بخجل وقالت: "الحمدلله أنَّني بينكم الآن وأنَّ لديَّ أخاً مثل ميمون" وهكذا عادت رؤى تلعب مع ميمون ولم تعد تشعر بالضجر كما كانت من قبل، فقد علمت بأنَّ عليها أن لا تتخلى عن الحقيقة مهما كان الخيال جميلاً، وإنَّ الله وهبها بلدةً جميلة وعائلةً رائعة، وأخاً صديقاً.

= انتهت =

قصة للأطفال

مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى