الأحد ٢٩ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٢٣
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

البطل الذي رفض تدويل سيناء

الأرض عند المصري مثل العرض ولايمكن التفريط في ذرة رمل واحدة من تراب الوطن المقدس وقد ضرب في هذا الصدد الشيخ سالم الهرش أروع المثل والقدوة ولمن لايعلم نقول أن الشيخ سالم الهرش من مواليد عام 1910 ببئر العبد بمحافظة شمال سيناء وعاش الأحداث التي مرت بها سيناء وهو شيخ مشايخ قبائل سيناء وزعيم قبيلة البياضة وكان أحد أبطال بطال مصر إبان حرب السويس 1956 وحرب يونيو 1967 والاستنزاف وغمرنه السعادة بنصر أكتوبر الذي تحقق عام 1973 م.

كان لدى الشيخ سالم الهرش من أربع زيجات 11 ولدًا و8 فتيات وتعمد الزواج من مختلف القبائل لأن الترابط القبلي كان أكثر ما انشغل به.

بعد نكسة 1967 ودخول اليهود سيناء بدأوا في جمع القبائل في مخيمات واستخرجوا لهم بطاقات هوية إسرائيلية وبعد مرور ما يقرب من 3 شهور وأثناء جلوس الشيخ سالم في خيمته دخل عليه بعض الضباط المصريين وسألوه عن نصيحته في كيفية دخولهم للمجتمع القبلي ليكونوا بذلك قريبين من المعسكرات الإسرائيلية؟ فما كان منه إلا أن قام بتدريبهم على اللهجة وألبسهم الزي البدوي وبعدها أخذهم إلى المعسكر الإسرائيلي وقدمهم للإسرائيليين على أنهم مجموعة من أهله لم يكونوا موجودين وقت حصار القبيلة وبالتالي طالبهم باستخراج هوية لهم وكان له ما أراد فأتم بذلك زراعتهم في المكان وفي عام 1968 كانت القوات الإسرائيلية تعد إلى مؤتمر الحسنة واستمرت فترة التحضير لشهور عديدة وكانت القوات الإسرائيلية حينها تمارس الترغيب والتدليل للشعب السيناوي لكي تجعل لسان حاله يقول إنهم أكثر قربًا لهم من مصر وقد أقنعهم الشيخ سالم حينها بأن الأرض مهيأة تمامًا وأن إسرائيل في قلب كل سيناوي إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة وعقد يوم 31 أكتوبر عام 1968 في منطقة الحسنة بوسط سيناء وتجمع مشايخ سيناء وجاء موشى ديان ومعه أشهر مخرج إيطالي في ذاك القوت لكي يكون الخطاب مذاعًا ومسموعًا للعالم أجمع واستضاف مجموعة لا بأس بها من رجال الأمم المتحدة وبدأت فعاليات المؤتمر الذي تحدث فيه اليهود عما قدموه للأهل في سيناء وعن طموحهم وآمالهم بالنسبة لهم وعندما طلبوا الكلمة من شيوخ سيناء وقع الاختيار الذي كان متفقًا عليه مسبقًا علي الشيخ سالم الهرش الذي خدعه في بداية كلمته قائلًا: (أنتم تريدون سيناء دولية يعني أنا الآن لو أعلنت سيناء كدولة ستضعون صورتي على الجنيه السيناوي) فأجاب موشي ديان بابتسامة مهللة وكأنه يقول بالطبع وإذا بالشيخ سالم يقول: (إن باطن الأرض أولى لنا من ظاهرها إن قبلنا أن تكون ارض سيناء غير مصرية فمن أراد التفاوض على أرض سيناء فعليه التفاوض مع الزعيم جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية نحن مصريون ولن نقبل أن نكون غير مصريين وأنتم قوة احتلال ولابد لهذا الاحتلال أن ينتهي وأؤكد لكم أن سيناء مصرية وستظل مصرية 100% ولا يملك الحديث عنها إلا السيد الزعيم جمال عبد الناصر) فكانت الصاعقة التي نزلت علي الوجوه الصهيونية وما كان من موشى ديان إلا أن أطاح بالمنصة وكانت كلمات الشيخ سالم الهرش صفعة على وجه موشى ديان وإسرائيل.

المصير الذي كان ينتظر الشيخ سالم هو الإعدام علي يد الإسرائيليين لولا المخابرات المصرية التي كانت تعلم كل شيء فانتظرته بسيارة جيب ورحلته إلى الأردن وأسرته عبر ميناء العقبة فاستقبله الأردنيون استقبال الفاتحين هناك وأستقبله الرئيس جمال عبد الناصر وأهداه نوط الامتياز من الدرجة الأولى وبعد مرور سنوات عاد مرة أخرى وقدم له مجموعة من الهدايا عبارة عن طبنجة وعباءة وسيارة جيب ولكن الشيخ سالم تبرع بكل شيء للقوات المسلحة عدا العباءة التي اعتبرها رمز وتذكار من الزعيم جمال عبد الناصر وبعد انتهاء حرب أكتوبر 1973 عاد الشيخ سالم إلى سيناء.

يوم 28 أبريل عام 1991 توفى البطل الشيخ سالم الهرش تاركا أولاده وأحفاده وبطولاته ومواقفه الوطنية المشرفة تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل مابقيت الحياة.

في عام 2001 تم عمل تكريم وإحياء لذكرى مؤتمر الحسنة وقام البطل اللواء علي حفظي محافظ شمال سيناء بتكريم السيدة كوكب هجرس إحدى زوجات الحاج سالم بجامعة سيناء وأهداها ثلاثة جنيهات ذهبية تقديرًا له وفي 2019 أصدر وزير الشباب والرياضة المصري أشرف صبحي قرار بإطلاق اسم المجاهد سالم الهرش على مركز شباب رابعة بشمال سيناء..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى