التاريخ الاقتصادي والاجتماعي وتاريخ الذهنيات بالمغرب والأندلس
صدر مؤخرا الجزء الثالث من كتاب"التاريخ الاقتصادي والاجتماعي وتاريخ الذهنيات بالمغرب والأندلس: قضايا وإشكاليات’"، في 450 صفحة، وذلك عن مطبعة شمس الرباط- سلا 2020، بتنسيق الدكتور محمد الشريف. ويهتمّ الجزء الثالث بموضوع"تاريخ الذهنيات والأفكار"، وهو موضوع لا يزال حقلا معرفيا جديدا في الكتابة التاريخية العربية. وبهذا الكتاب تكتمل الأجزاء الثلاثة من أعمال الندوة الدولية التي نظمتها الجمعية المغربية للدراسات الأندلسية، تكريما للمؤرخ المغربي إبراهيم القادري بوتشيش، أستاذ التاريخ والحضارة بكلية الآداب بمكناس الذي يعدّ من الرواد الأوائل في هذا التخصص بالنسبة للدراسات التاريخية العربية.
يرصد هذا الكتاب – كما ورد في غلافه- مجموعة من المشاهد حول المجتمع المغربي- الأندلسي وعاداته وطقوسه وتمثّلاته الشعبية، مما يجعله قيمة مضافة للدراسات المغربية- الاندلسية، وموردا لإنتاج أسئلة جديدة، يؤدي تناسلها الى تحويل تاريخ المغرب إلى درس متجدد.
وقد شارك في هذا الكتاب نخبة من المفكرين والمؤرخين من المغرب والجزائر ومصر ولبنان والسعودية وسلطنة عمان، وإيطاليا، وذلك ضمن خمسة محاور أساسية:
عالج المحور الأول موضوع"الأسطورة والمتخيّل والتمثّلات والمواقف تجاه الكوارث". وفيه تم إلقاء الضوء على الأسطورة، وكيفية توظيف القيادات السياسية المغربية الفكر المتخيّل لتمرير أفكارهم ومشاريعهم، وخاصة لدى الزعامات الموحدية. كما تناول أثر التغيرات المناخية في تشكيل الأفكار والمعتقدات الشعبية. وعرّجت بعض الأبحاث على دراسة علاقة الانسان بالنار، فسواء في إيجابياتها، أو تعارضها مع أهدافه ومقاصده.
وخصّص المحور الثاني لدراسة العادات والطقوس بمنظور أنثروبولوجي وطوبونيمي. وفيه تمّ تسليط الضوء على البعد الانثروبولوجي الثقافي لدى الرحالة الأندلسيين، ورصد عادات ساكنة غرناطة وسحنتهم وأزيائهم ولهجتهم. كما تطرقت أبحاث هذا المحور إلى التقاليد الجنائزية لدى الأقلية اليهودية بتطوان، ومدى إسهام المنهج الطوبونيمي في فهم عقلية المجتمع المغربي.
أما المحور الثالث فتناول موضوع"الطابوهات والسلوكات المستهجنة"وفيه تمّت معالجة مواضيع طريفة مثل مقدمات دخول القنب الهندي (حشيشة الكيف) للمغرب، والرشوة وعلاقتها بخراب العمران، وبعض السلوكات الجنسية المستهجنة كالمثلية واللواط وممارسة الجنس مع الحيوانات، ثم ادعاء بعض الأشخاص النبوة في الريف المغربي، وخاصة المتنبئ حاميم الذي زعم أـنه بعث نبيا لأهل الريف، وألّف قرآنا باللغة الأمازيغية.
أما المحور الرابع فقد سلط الضوء على"التأويلات والتصورات والافكار"التي صاغها المجتمع المغربي والأندلسي حول الفلسفة والفقه والتاريخ والأزمات، وتصوّر الصقليين لشخصية النبي محمد (ص)، ورؤية المستشرقين للفتح الإسلامي للأندلس. ومنظور الأوروبيين لفكرة العصر الوسيط كحقبة تاريخية.
اما المحور الأخير من الكتاب، فانصب حول دراسة"قيم الجمال والمرأة والحب في الثقافة المغربية- الاندلسية"، وتوزع بين رصد ثقافة التجميل لدى المغاربة والأندلسيين، وجمال المرأة والحب والغرام والعشق، وبعض العادات النسائية في العائلات ذات النسب الشريف شمال المغرب، وظاهرة اختطاف النساء في بعض مناطق الأندلس، وممارسة العنف ضدهن، وغيرها من المواضيع التي تقدم مائدة علمية متنوعة تثير شهية القارئ، كتبت بلغات متنوعة: عربية وفرنسية وانجليزية.