الثلاثاء ٢٣ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٠

الحكمة قارب نجاة

مازن حمدونه

على هامش الظل وقفت الشمس من خلف أمواج البحر غائرة كالسيف .. تاهت الدنيا من بين أصابعها وانسلت متبعثرة بين أطياف ناعمة متموجة بين ذرات الهواء فرسمت خطوطا مزجت لونا قانيا بدموع الرحيل وأعلنت أشجارها صارخة في وجه الغزاة على مر الزمان أن القدر غرسها لتقول: أننا هنا باقون حتى تمر نزوة زنادقة التاريخ .. ليمروا بين الكلمات ويندثروا تحت تراب أقدام الأطفال: فالغد كفيل بأن تنقض سواعدهم على رقاب الصهاينة كالرماح كما رشقتهم حجارة السجيل.

أكتب إليكم من خلف جدار القهر والصمت الرهيب ... عندما غاصت أقدام الطغاة في وحل العار ... حين هللوا بنصرهم الفاشي وكانت أخماص أقدامهم تغوص في وحل العار والرذيلة ..شهد العالم صراخ وعويل المكبلين بطاغوت أسفار الطاغوت . كان العالم يشهد في كل لحظة كيف كفنوا ضمائرهم في توابيت العهر .سمع العالم جمعاء ضحكاتهم من خلف الطائرات التي تمترست تلاصق غلاف السحب ..

الم يحن الوقت بعد كي يستيقظ الغافلون عن فهم طلاسم الحروف؟!

كان القدر يتأمل الواقع باستهجان عما اقترفت أيدي المغفلون المغلفين بأكذوبة النصر المبين ..كان يعاتب التاريخ قصص وروايات دونتها ذاكرة الأيام من دماء الضحايا الذين ساقتهم الأقدار حتى الأمس القريب!!

أوليس للتاريخ حق حين يلعن أمجاد من لا يصونون الحق والحقيقة ولم يرعى حرمة الدم المستباح ؟

في كل يوم منذ بزوغ إطلالة وجه الشمس حتى مغيبها لتخلد النفس في جوف خالقها ، تسجل الأفئدة نحيبها من قيم تجدلت بالخسة وقضم الحقيقة .. حين تاهت كل الخطى وباتت المعايير ترقص على أنغام المداهنة في صحراء الكراهية ..حين انتحرت الأخوة على أبواب الشهامة .
أصبح الفقر كقصيدة عشق تلازم الجدران الممزقة ..أصبح الكذب والمداهنة تذكرة ضمان وجبة عشاء تقتاها أحشاء الصعاليك بعدما تلوت من شدة الوجع ولم يكن لها من مغيث ،وقالوا هذا قدرك .. وإلا تصبح شيطان رجيم!

أرى في الطرقات وقد تزاحمت أكف الأطفال البائسة ، وأكتاف الرجال العاجزة والنساء الباكية تمتد في وجوه المارة تناجيك كالغريق !

أو ليس حصار غزة لعنة طالت الفقراء المتضورين جوعا ونالت من المنهكين في الأرض والعالم مازال يصفق لمن نشروا الرذيلة في معابد الإيمان ؟! ترى هل ينالوا منا .. بالفقر .. بالقتل .. بالتنكيل ..بالاعتقال .. بالتهجير .. آن الأوان كي نرسم لهم مشهدا لم يقرءوه في الصحف والتوراة والإنجيل.

دققوا المشهد جيدا واقرؤوا كيف بأكذوبة السلام يتشدقون ..وهم في كل لحظة ينحرون الأمل في رحم كينونته ..فكفاكم أحلاما عبثية ..وسلوا بنادق الحرية من جرابها ،فاني لا أرى في الغد سوى ألوانا داكنة ثقيلة ضبابية ودعونا نسافر برحيق الشهادة واتركوا عروشكم الوهمية.

دعونا أولا نحسم الصراع ونوجه بوصلتنا ..دعونا نتخلص من عقدكم الوهمية ..دعونا وتطهروا من نعراتكم الجوفاء الباطنية ..ودوسوا على الأبواق المزركشة بالخداع والمداهنة لمفردات الحرية .

لا يكفي ان تسمعني، ولكن .. عليك أن تفهم مفرداتي ورموزي وان تدرك المراحل جيدا فلا مجال للاستدراكات إن ضاعت منك الهوية وسقطت البندقية وفقدت البوصلة ،فمهما ملئت الدنيا صراخا وعويلا لن تنجو بعدها من عصمة التاريخ لو شتت أشلاء الحلم وجعلت من نفسك قديسا واستدركت في الغد البعيد انك ذبحت النصر بمعولك وركبت قارب نجاتك بعدما أغرقت الأمل وذبحت حريتي ..فلا مجال من بعدها لتعترف بخطأ في النظرية أو ربما في التطبيق!

مازن حمدونه

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى