الثلاثاء ١٩ كانون الثاني (يناير) ٢٠٢١

الحلم في ديوان على ضفاف الأيام للشاعرة نائلة أبو طاحون

عمار توفيق أحمد بدوي

بدعوة من الأستاذ منتصر الكم مدير مكتب وزارة الثقافة الفلسطينية بطولكرم، شاركتُ بحفل إشهار ديوان (على ضفاف الأيام) للشاعرة الفلسطينية نائلة أبو طاحون، وقد أعددتُ ورقة موجزة بعنوان "الحلم في ديوان على ضفاف الأيام". وقد حضر الحفل لفيف من الأدباء والشعراء والمثقفين.

الحلم في الشعر: عادة ما يرسم الشعراء أحلام شعوبهم، وتمثل أحلامهم رؤى المستقبل المشرق المتولّد من رحم المعاناة والكفاح. وقد قرأت ديوان شاعرتنا واستمتعت بذلك لما فيه من شاعرية متدفقة في بحور الشعر، فتارة علت أمواجَها الصاخبة، وأخرى تنهدت الكلمات على موسيقاها مترنمة لا تبالي.

الحلم في الديوان: تتبعتُ كلمة الحلم ومشتقاتها في الديوان، فكانت على النحو التالي:
الحلم الوطني والقومي: تحدثت عن الحلم كتعبير عن الحالة الوطنية في التحرر والاستقلال، والحالة القومية كرديف عربي لفلسطين، ففي قصيدتها نواح العروبة أسِفت بمرارة على الحلم القومي الذي توارى عن الأنظار تجاه فلسطين كأنه شيع في جنازة، قالت:

حتى توارى كل حُلم ضمنا
وكأننا في العالمين هباءُ
وكأنّما الأمالُ أضحت هوةً
فتهافت في ردمها الأرزاءُ

وعظمت الشاعرة شأن الحلم الوطني فجعلته في عيون القدس العاصمة الأبدية حين خاطبت الأسرى البواسل:

لا تنحنوا..
إلا لحلمٍ قد تنامى
في عيون القدس..
غرساً من وفاء
الظلم مهما عاثَ فينا زائلٌ
وسينتهي من عمرنا عهدُ الشقاء

والحلم الوطني حالةٌ دائمةٌ لا تتوقف، قالت في قصيدة خلف الجدار:

وبكل عزمٍ قد رسمْ
شمساً توهجَّ ضوؤها
حُلمٌ عبَر.
في الفكرِ في الوجدانِ مَر
فهوى الجدار كسدِّ مأربَ وانصهر

الحلم بمعنى تحقيق السعادة: كانت شاعرتنا بليغة في عبارتها؛ إذ جعلت الحروف تنحني لتقدم بين يديها السعادة، قالت في قصيدة أمُّاه:

أوّاهِ يا وجعَ القصيدةِ حينما تجثو الحروفُ وحلمُها إسعادي
الحلم كحالة خاصة شخصية ثنائية: قالت في قصيدة توأمة:
تجري السّنون وتوأمي لمّا يزل صِنو الوفاء وحُلمه أن أُسعدا
الكل يحلم حتّى السراب: قالت في قصيدة حَلُم السّراب:
حَلُم السراب بأن يكونَ حقيقةً وأنا الحقيقةُ وهمًا من سراب

الحلم تعبير عن المشاعر العاطفية ولو في زمن الحرب:

قالت في قصيدة (خلف الجدار)
وتواعدا قربَ الجدار
ليرسُما شمسَ الأمل
وليحلما بالحبِ في زمنِ الوغى
وليعزفا لحن المحبةِ والغزل
الحلم بمعنى الأمل: قالت في قصيدة (لا تساوم)
كم حلمنا أن نعيدَ الحقَّ يومًا
أن نشقَّ الصخرَ دربًا للضياء
صوتُ جدي لم يزل
يتلو الوصيّة
لا تُساوم..لا تُهادن
ترتضي حمل الدنيّة؟

وجهة نظر على الحلم في الديوان: ظلَّت مسيرة الحلم عند شاعرتنا في ديوان على ضفاف الأيام محافظة على وهجها، تتعاظم في جنبات ديوانها، إلا أننا نجدُ أنَّ مؤثرات لعلها وجدانية، أثّرت في بعض المواقف على هذا الوهج، منها قولها في قصيدة (أمّاه) قالت بيتاً جميلاً ومعبراً في شطره الأول، لكنَّ الحلم تراخى في شطره الثاني، والبيت هو:

لكنَّ من بالحلمِ أسرجَ خيله
سيسير دهرا دون أيّ مرادِ

فالأصل في الحلم أن تسرعَ الخليلُ بهِ لأنه يعرف منطلقهُ ومراده. ولو كنت محلّ شاعرتنا لقلت : سأسير برقا خاطفا في النادي

وفي موضع آخر في القصيدة نفسها كأنّ الشاعرة تعيد حساباتها من ثقل مصيبة موت أمها –رحمها الله- قالت في قصيدة أمّاه:

فأعود أنسج من دعائيَ حلة وأوازنُ الأحلام في أضّادي

الموضع الأخير في قصيدة أيها البعيد خاطبت البعيد قائلة:

أتراك تعاند أحلامي فيُساق الحلم ... وينهزم

ولو افترضنا أنّ الحلم في هذه القصيدة يعبر عن حالة وجدانية، فينبغي للشاعرة ألّا تهزم أحلامها. ولو كنت قائلها لقلت:

أتراك تعاند أحلامي
بصخور الحلم سترتطم

وفي الختام أبارك للشاعرة ديوانها الجميل، وأتمنى أن تحقق أحلامها الشخصية والوطنية.

عمار توفيق أحمد بدوي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى