الثلاثاء ٢٣ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٧
الشاعر السوري الدكتور محيي الدين اللاذقاني :
بقلم لطيفة اغبارية

الرجال العرب ليست لهم حقوق

والمرأة العربية صارت تعرج مثل الحجل

هو شاعر وناقد زكاتب مسرحي، له عشرات المؤلفات تعبر عن الهموم الإنسانية التي تداخلت في وجدانه ومع نمو هذا الإحساس وبعد انتقاله من الريف إلي المدينة حيث حلب الشهباء والأقرب إلي تركيا والكواكبي حيث أنهى دراسته بدأت وانطلقت أشعاره تأخذ وقعها وخصوصيتها بين القصائد ومع جريان نهر دراسته كان لا ينقطع عن اللعب بالكلمات، وكان اللاذقاني مقلاً في شعره أثناء تحضيره للدراسة العليا وقد استطاع أن يجمع قصائده بديوانه الأول الذي سماه (عزف منفرد علي الجرح) وتستطيع تلمس همومه السياسية ومعاناته العربية الإنسانية داخل الكلمات التي لم تستطع إخفاء مشاعره ثم زاد ذلك في عمله الثاني (انتحار أيوب)، عمل محررا ومديرا للتحرير في عدة صحف عربية منها صحيفة الشرق الأوسط الدولية، وأستاذا محاضرا في عدة جامعات، سياسي لبق، يتمتع بآفاق وثقافة واسعة وبعيدة المدى وقدم الكثير من البرامج السياسية والإنسانية على الفضائيات العربية، إي ان ان،العربية، والجزيرة،يعيش في العاصمة البريطانية لندن منذ 15 عاما.

 كيف تُعرف نفسك ؟
 ولدت في شمال سوريا في قرية سرمدا عام 1951،فلاح سوري،في قريتي يوجد عامود روماني قديم لا يوجد مثله إلا في روما،وعندما يسألونني عن سر اهتمامي بالتراث أقول لهم أنني مولود بين خرائط رومانية،درست حتى المرحلة الإعدادية في القرية،وبعد ذلك انتقلت إلى حلب وأنهيت دراستي الثانوية في مدرسة الكواكبي.هذه المدرسة تقع على قمة جبل «الجوشن» وهذا الجبل كان سيف الدولة والمتنبي يتسامرون عليه،ومن ثم حصلت على الليسانس من كلية الآداب في جامعة حلب،وحصلت على الماجستير من جامعة الإسكندرية في موضوع القرامطة والحركات السرية في الإسلام،وحصلت على الدكتوارة في الصورة والخيال في الشعر الحديث.

 هلا حدثتنا عن طفولتك في ضيعة (عيوش ) السرمدية وكيف تجلى حبك للأدب في ذلك الوقت ؟
 د. محيي الدين اللاذقاني: كنت وحيدا مع خمس شقيقات، وكنت مدللاً بينهن وكل كتاباتي متعاطفة مع الأدب الأنثوي والنسائي،وهذا أتى من الفترة التي عشتها مع خمس بنات. عشت طفولة إمبراطوية، والدتي كانت أمية، ووالدي لم يكن يعرف سوى قراءة القرآن الكريم، وعندما دخلت المدرسة كان والدي يمنعني من قراءة أي كتاب سوى كتاب الحساب والقراءة. أي كتاب غير مشمول في المناهج الدراسية منعني والدي من قراءته معتبرا إياه مطبوعات غربية،فكنت احتال على والدي واضع أي كتاب أريد قراءته داخل الكتب المدرسية واقرأه، وعندما أنهيت قراءة مجموعة كتب قمت بدفنها في كرم الزيتون داخل حفرة بضيعتنا، وفي إحدى المرات ذهب والدي لفلاحة الأرض فرأى الكتب وخوفا منه قمت بالهرب لمدة أسبوع من البيت. بعد ذلك استسلم والدي ورضخ للأمر الواقع، وأصبحت المطالعة عادية دون قيود ودون أسرار، حتى إحساسي بالمعرفة رمزي و جاء من أمي،والتي كانت أمية إلا أنها أصرت أن أكمل دراستي، والدي كان مثل أي والد ريفي يردني أن أتزوج وأن أعمل معه لإعالة إخوتي. الفضل يعود في تعليمي لوالدتي لأنها كانت على علم بان المعرفة والدراسة ستغير حياتنا. وفعلا تغيرت حياتنا للأفضل وتغيرت أشياء كثيرة.

 يمكن الاستنتاج انك كنت طالباً متميزاً ومحباً للقراءة؟
 د.محيي الدين اللاذقاني: كنت «شاطر»،ولست متفوقاً بالتقدير الحقيقي، ولكن في الامتحانات كنت أدبر حالي وفي الليسانس تخرجت بدرجة جيد ومن يتخرج بهذه الدرجة كان يكمل دراسته على حساب حزب البعث،ولكن أنا لم احصل على المنحة لأنني لم أكن من رواد البعث.
 أنت من القائلين أن حركة الحداثة ألأوروبية غيرت مدارس الأدب وبنت الثورة الصناعية والقلق الوجودي وعصر الأنوار الذي نادى بالقضاء على كل قيد بما في ذلك قيود الشعر، أما القصائد النثرية الحديثة فتتهمها ببناء عصور الانحطاط الفكري وهذه تهمة توجهها للحداثة في الأدب؟
د. محيي الدين اللاذقاني: عندما ألفت كتاب «آباء الحداثة العربية» ذكرت فيه نقداً لنظرية أدونيس ومدرسة الشعر في بيروت لأنهم اعتبروا الحداثة فرنسية ومعاصرة، في حين أن رأيي كان مختلفا ومتناقضا تماما،إذ أن الحداثة موجودة في التراث العربي. وقمت بتقديم ثلاثة مظاهر، الحلاج أبو حيان التوحيدي،الجاحظ,أنا اعتبر هؤلاء من كتاب حداثة أكثر من الكتاب والشعراء المعاصرين.

 لك الكثير من المؤلفات هلا حدثتنا عنها؟
 د. محيي الدين اللاذقاني: انتحار أيوب» و»أغنية خارج السرب» و»من كان حزينا فليتبعني» و"عكس التيار" ومسرحية «الحمام لا يحب الفودكا» ودراسة في أدب القرامطة «ثلاثية الحلم القرمطي» ودراسة أخرى حول التنوير «آباء الحداثة العربية»، "الأنثى مصباح الكون"،وآخر إصدار لي كان "طواحين الكلام "،"مشاغبات ثقافية معاصرة"،وهذا أكثر كتاب يكرهه سميح القاسم لأنه يوجد فصل خاص احكي فيه عن الشعر الرديء وأنا اتخذت شعره نموذجاً لهذا النوع من الشعر. يوجد أناس نضطر أن نتعامل معهم كشعراء رغم أن شعرهم رديء."طواحين الكلام "هذا عنوان الزاوية التي كنت اكتبها في عدة صحف عربية في الإمارات، مصر، لندن، أحمل العنوان معي بكل مكان, وقد صدر هذا الكتاب في الأردن، وهو قابل للحياة والعيش ضمن الأشياء التي كتبتها فيه، بخاصة في مرحلتي الأولى عندما كنت شابا.

 إذا أنت تتنكر للشعراء المعاصرين ولا تعترف بهم مع العلم أن لكل عصر مميزاته في الشعر والشعر الحديث له مدرسة خاصة به ويختلف عن الشعر القديم ؟
 د. محيي الدين اللاذقاني: ليس كل من كتب شعرا فهو شاعر. ونظريتي في هذا الموضوع هي أن الحداثة تعتبر نضارة النص، نصوص من العصر العباسي، والجاهلي نقرأها بشغف، النص القادر على العيش هو الذي يعتبر نص حديث، وليس له علاقة بالعصر الحديث والمعاصرة فيها خلط، ونتيجة لذلك درسوا الحداثة، أنها حداثة شعر وأشياء ليس لها معنى ونسوا الأساسيات. النص الحديث يفرض نفسه من حيث اللغة، ويخاطب العقول من مختلف العصور، وأنا أرى بالشعر الجاهلي أكثر حداثة من شعر الخمسينات والستينات.

 وأي من الشعراء تصنفهم في درجة جيدة؟
 د. محيي الدين اللاذقاني : أحب كثيرا الشاعر نزار قباني وكان يعيش في لندن وصديق عزيز علي ووفاته خسارة كبيرة، محمد الماغوط شاعر كبير، وقد تزاملنا معاً في الإمارات،ومحمود درويش من الشعراء الكبار الذين لا يمكن إنكار شعرهم، وأدونيس.

 وكيف تصنف نفسك كشاعر؟
 د. محيي الدين اللاذقاني: صدر لي كتاب شعري "انتحار أيوب" أغنية خارج السرب"،" من كان حزينا فليتبعني"، "تجربتي الشعرية"،أنا املك القدرة على أن انتقد نفسي، ومن لا ينتقد نفسه لا يتجدد،كنت سعيد جدا في أثناء دراستي أن اصعد إلى مدرجات جامعة حلب والقي الشعر، والكل يصفق لي كان شعري سياسي ضد الطغاة والاستبداد ولما تعمقت قراءاتي الفنية اكتشفت أن ذلك النوع من الشعر لن يعيش طويلا.الشعر الإنساني العميق هو الشعر الأساسي، وعندما كنت اكتب شعر رديئاً حملوني على ألأكتاف، الجمهور العربي يهتم بالشعر السياسي أكثر من الجانب الإنساني.

 حدثنا عن فحوى كتابك "الأنثى مصباح الكون "؟
 د.محيي الدين اللاذقاني: فحوى الكتاب يشمل بكل ما يتعلق ويخص المرأة من سياسة، وأدب، إعلام، كل ما يتعلق بالشؤون النسوية، وذكرت في مقدمة الكتاب أن أكثر جو تأثرت به هو الجو الأنثوي بسماحته وبقدرته على معالجة الأمور الحياتية بسلام ودون عنف.من اجل ذلك كرست هذا الكتاب للنساء. تطرقت فيه إلى عدة شخصيات مثل أنديرا غاندي، ويني مانديلا،كان فصل كامل عن النساء القويات، ومن التراث العربي تطرقت في عرض نماذج مثل الغزالة الخارجية، علية بنت المهدي، زوجة أبو سفيان، وهؤلاء نماذج قوية ومؤثرة في التاريخ.

 وقد تحدثت في هذا الكتاب عن نساء الكهوف في العصور القديم, وعن النساء في العصر الحديث ما هو الفرق بينهما؟
 د. محيي الدين اللاذقاني: يعجبني في نساء العصور القديمة ثلاثة أشياء، الحرص الشديد على الأسرة، وتربية الأبناء جزء أساسي من مهامهن، وكن يغرسن في نفوس أبنائهن حب الشجاعة،الكبرياء،الكرامة، كل هذه القيم كانت المرأة في الزمن القديم تغرسها في نفوس أبنائها. أما نساء العصر الحديث صاروا انتهازيات، يستثنى من ذلك النساء الفلسطينيات. ونساء العصر الحديث لا يعملن على ترسيخ القيم للأجيال الجديدة،مبهورات في أنفسهن، المرأة الحديثة لم تعد متوازنة، ضاعت بين تقاليد قديمة وتقاليد الحداثة، صارت تعرج مثل الحجل، وانتقادي لممارسات المرأة السلبية لا يعني إلغاء لدور المرأة العربية، ولن يحدث تغيير حقيقي ما لم تأخذ المرأة دور كامل اقتصاديا، اجتماعيا، سياسيا،وبكل الأحوال فان الرجال العرب ليس لهم حقوق سياسية، بالتالي كلنا نساء.

 تحولت بين ليله وضحاها من العمل الكتابي إلى التلفزيوني ما هي الدوافع ؟
 د. محيي الدين اللاذقاني: أنا لم اتخذ الإعلام يوما كمهنة، بل اعتبرته رسالة , وقد ارتكبت أخطاء كبيرة وأساسية مثل أي شخص لا يتخذ الإعلام كمهنة، خربت علاقاتي مع أصحاب المحطة، عندما عملت في كبرى الصحف العربية الشرق الأوسط الدولية كان يرد على مقالاتي عشرات القراء في حين عندما كنت اطلع على الهواء كان يصلني مئات الفاكسات و حجم التأثير كبير ولا مقارنة.

 ما هي دوافع تقديم برنامجك قناديل في الظلام؟
 د. محيي الدين اللاذقاني: بدأ بث برنامج قناديل في الظلام في عام 1999 في محطة «أي إن إن» لتصحيح التاريخ العربي المعاصر، التاريخ العربي كله كذب، والتاريخ الحديث كذبوا فيه ولكن يوجد مجال لتصحيحه، واعتمدت على شهود عاشوا الأحداث، صححت تاريخ الوحدة بين مصر وسوريا، أكاذيب نكسة حزيران، حرب عام 1973، واستضفت الكثير من الشخصيات الهامة، الفريق الشاذلي، محمد صادق وزير الدفاع المصري، وشخصيات أخرى،ووصلت إلى تصحيح الحركة التصحيحية، وأصحاب المحطة «حرنوا» لان جزء من أكاذيبهم يجب أن تصحح، بعد ذلك تحول إلى برنامج يهتم بالقضايا الإنسانية الكبرى.وفي عام 2001 قمت بأكبر حملة مساعدة لجياع العالم، أخذنا قلم من الأديب المصري نجيب محفوظ، ومنديل من ورثة سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وجمعنا كل التلفزيونات العربية،وليس من السهل أن تجمعهم في نفس الوقت على وحدة وقضية واحدة, وجمعنا 35 مليون دولار في ليلة واحدة. واكبر حملة بعدها كانت لإنقاذ مخيم جنين في عام 2002. أثناء حصار جنين شاركني في الحملة الفنان نور الشريف، وفردوس عبد الحميد، ومن الأسماء الفلسطينية التي شاركت فدوى البرغوثي ومن عرب الداخل د. عزمي بشارة، د. احمد الطيبي، وساهموا في الحوارات، وشارك أيضا مارسيل خليفة، ومن الوجوه الفلسطينية التي كنت أحبه كثيرا وأحب استضافته مصطفى البرغوثي،أنا اعتبره من أوعى الشخصيات السياسية الفلسطينية.

 كلمة خاصة توجهها لعرب الداخل 48 ؟
 د. محيي الدين : انتم خلاصة الشعوب التي بقيت ورابطت على أرض فلسطين أدعوكم للصمود والتشبث بما تبقى من الأراضي، وأنا أعز وأثمن جدا دوركم في الصمود والبقاء على أرض الوطن الحبيب.

والمرأة العربية صارت تعرج مثل الحجل

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى