
العمل التطوعي
دعت دراسة علمية حديثة تمحورت حول ’دور الشباب الفلسطيني في العمل الطوعي في المؤسسات الفلسطينية’ وزارة التربية والتعليم الفلسطينية لإدراج مواضيع في المناهج الدراسية حول العمل التطوعي مؤكدة ضرورة دعم ومؤازرة المؤسسات الأهلية ماديا ومعنويا وبشريا وتقديم التسهيلات اللازمة لها.
وحثت الدراسة التي أعدها الدكتور عبد القادر حماد أستاذ الجغرافيا المساعد ورئيس قسم الجغرافيا في جامعة الأقصى بغزة إبراز دور العمل التطوعي في خدمة المجتمع، وإبراز التجارب الوطنية والعربية والعالمية في هذا المجال.
ودعت الدراسة التي تعتبر من الدراسات الرائدة في مجال العمل التطوعي، إلى السعي لدى وسائل الإعلام من اجل إبراز أهمية وقيمة العمل التطوعي في المناسبات المختلفة، مثل يوم المرأة العالمي، يوم كبار السن، ويوم البيئة، ويوم الأرض وغيرها، وتفعيل دور المدرسة والجامعة والمؤسسة الدينية لممارسة دور اكبر في حث الشباب على التطوع خاصة في العطل الصيفية والإجازات.
ونبه الدكتور حماد في دراسته إلى أهمية تقديم المشورة للراغبين في التطوع بما يناسب استعداداتهم وقدراتهم وميولهم من أعمال تطوعية، وكذلك تقديم المشورة لمختلف المؤسسات فيما يتعلق بخطط التدريب والإشراف، والتنسيق بين رغبات المتطوعين واحتياجات هذه المؤسسات العامة للجهود التطوعي، مع التأكيد على ضرورة تأصيل القيم والمبادئ القومية الوطنية من خلال ثقافة سياسية تعمل على ترسيخ العمل التطوعي وتفعيله بين أفراد المجتمع والمؤسسات.
وحث رئيس قسم الجغرافيا في دراسته على إتاحة الفرصة أمام مساهمات الشباب المتطوع وخلق قيادات جديدة وعدم احتكار العمل التطوعي على فئة أو مجموعة معينة، من خلال التوعية والاتصال المباشر والتثقيف والتدريب وتنظيم الأداء، مع التركيز على تكريم المتطوعين خاصة من الشباب، ووضع برنامج امتيازات وحوافز تشجيعية تدفعهم إلى الانخراط في ميادين التطوع.
وأوصت الدراسة بتطوير منظومة القوانين والتشريعات المنظمة للعمل التطوعي بما يكفل إيجاد فرص حقيقية لمشاركة الشباب في اتخاذ القرارات المتصلة بالعمل الاجتماعي، مع العمل على عقد دورات تدريبية للعاملين في الهيئات والمؤسسات التطوعية مما يؤدي إلى إكسابهم الخبرات والمهارات المناسبة، ويساعد على زيادة كفاءتهم في هذا النوع من العمل.
التطوع في العمل الاجتماعي قوة لحركة نابعة من داخل المجتمع
وشددت الدراسة على ضرورة التركيز في الأنشطة التطوعية على البرامج والمشروعات التي ترتبط بإشباع الاحتياجات الأساسية للمواطنين؛ مما يسهم في رفع معدلات الإقبال على المشاركة فيها خاصة من الشباب، والعمل على إنشاء إطار عام أو ’جمعية أو اتحاد المتطوعين الفلسطينيين’ يأخذ على عاتقه تنمية العمل التطوعي وتنظيمه، ومساعدة المؤسسات والجمعيات الحكومية والأهلية على أداء رسالتها من خلال العمل التطوعي، مع استخدام العمل التطوعي في المعالجة النفسية والصحية والسلوكية لبعض المتعاطين للمخدرات والمدمنين أو العاطلين أو المنحرفين اجتماعياً.
واعتبرت الدراسة حركة التطوع في العمل الاجتماعي قوة لحركة نابعة من داخل المجتمع تدفعه وتستثيره نحو الاعتماد على جهود أفراده وجماعاته وموارده المتاحة لمواجهه احتياجات مواطنيه، لتقليل درجة الاعتماد على معونة الدولة التي يجب أن تكرس مواردها لمواجهه الاحتياجات القومية الأكثر إلحاحاً، منوهة إلى أن التطوع يعبر عن إرادة وطنية نابعة من تصميم المواطنين في المجتمع على النهوض والمبادئه في مواجهه الصعوبات التي تقف في وجه المجتمع لتحقيق أفضل من الحياة.
وبينت أن العمل التطوعي يختزن في واقعنا بعدين أو نظامين، الأول: هو نظام التكافل الاجتماعي والذي يستند إلى تعاليم الدين الإسلامي المتمثل في صوره المتعددة من توظيف لأموال الزكاة والصدقات لمساعدة الأيتام والمعوزين والمستحقين، والثاني: يرتبط بنظام الفزعة وهو النظام الذي يعتمد على التراث الاجتماعي الذي ينحدر في أصوله إلى التكوين الاجتماعي القبلي، وهو نظام نصرة أو نصرة المحتاج.
ورأت الدراسة أن العمل التطوعي يشكل أهم الوسائل المستخدمة لتعزيز دور الشباب في الحياة الاجتماعية والمساهمة في النهوض بمكانة المجتمع في شتى جوانب الحياة، منوهة الى أن خير شريحة ممكن أن تُنجح العمل التطوعي وتعطي فيه باندفاع وحماس، بل وتصل به إلى حد الإبداع والتميّز هي فئة الشباب.
ونبه د. حماد في دراسته إلى أن الشباب خاصة في المجتمعات الفتية مثل الشعب الفلسطيني يمكن أن يساهموا بشكل ملحوظ في العمل الطوعي في المؤسسات والمنظمات الأهلية وغير الحكومية، مما ينعكس بشكل جلي في استغلال الطاقات والموارد المتاحة، وتنمية قدرات هؤلاء الشباب وتوجيهم الوجهة السليمة.
وقال د. حماد أن العمل التطوعي المؤسسي في فلسطين يعود بشكله الحديث إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حيث بدأت في ذلك الحين عملية تشكيل المؤسسات الفلسطينية الطوعية التي اتخذت طابع الجمعيات التعاونية والخيرية، كما سيطرت الملامح المدنية على مظاهرها الخارجية وتسمياتها على الأقل، أما العمل غير المؤسسي فقد كان ولا يزال يتخذ شكل ’ العونة’ المعروفة تاريخياً في فلسطين، حيث يهب المواطنون للتعاون مع بعضهم البعض في مواسم الحصاد وقطف الزيتون أو صب سقف البيت ..... الخ.
وأضاف، أنه رغم أن الكثير من الجمعيات الفلسطينية الوطنية اتخذت صبغة واضحة مثل ’ إسلامية’ أو ’ أرثوذكسية’ أو ’خيرية’ إلا أن النشاط السياسي لم يكن بعيداً عن غالبيتها، وذلك أمر طبيعي لأن الشعب الفلسطيني يخوض معركة مصيرية منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى أيامنا هذه.
ورأى أن التغيرات السياسية التي تعرضت لها فلسطين لعبت منذ النكبة الأولى والنكسة التي أحلت بالشعب الفلسطيني دوراً حاسماً وبارزاً في تكوين وتطوير الشباب وبزوغ العمل التطوعي في فلسطين
وأشار إلى أنه في فترة الانتفاضة الأولى عام 1987 لعب الشباب دوراً رئيساً فيها والتي شكلت نقلة نوعية لدى الشباب الفلسطيني ليس على مستوى الحس والوعي الوطني فحسب، بل على مستوى الدور المجتمعي الذي لعبوه خلال هذه الفترة حينما ترجموا ولائهم وانتمائهم الوطني لواقع عملي ملموس في خدمة القضية كأرض وشعب.
18% من الشباب الفلسطيني هم فاعلين في مؤسسات وأندية شبابية
ومع دخول انتفاضة الأقصى عام 2000، بدأ العمل التطوعي يظهر بكل جدارة وقوة في كل الميادين لمواجهه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من اجتياحات وحصار ودمار وإغلاقات، فقدم الشباب نموذجاً رائعةً مع بدايات هذه الانتفاضة في التكافل الاجتماعي والرفض لما يحدث على الساحة الفلسطينية، وتنظيم الكثير من الفعاليات الشعبية لتوصيل الصورة للمجتمع العربي والعالمي لما يحدث على الأراضي الفلسطينية، عدا عن تشكيل مجموعات طوارئ من الشباب لتقديم المساعدات الإنسانية والخيرية للمجتمع، ومروراَ بالأحداث المتتالية لهذه الانتفاضة التي راح ضحيتها آلاف الشباب من شهداء وجرحي ومعتقلين.
وبالرغم من أنه لا توجد إحصائيات دقيقة حول نسبة المتطوعين في المجتمع الفلسطيني بشكل عام، والمتطوعين من الشباب بشكل خاص، إلا أن هناك بعض الإحصائيات التي تشير إلى أن 18% من الشباب الفلسطيني هم فاعلين في مؤسسات وأندية شبابية، منهم 40% قد شاركوا في الفترة القريبة الماضية في فعاليات أو مهرجانات أو ورش عمل.
وعدد د. حماد أسباب التطوع لدى الشباب الفلسطيني التي تعود لأسباب مختلفة تعتمد على طبيعة وسمات الشخصية نفسها وعلى دوافع التطوع، ملخصاً هذه الأسباب في العديد من النقاط من أهمها: ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب الفلسطيني خاصة في ظل الحصار الإسرائيلي المتواصل على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وغير ذلك من الأسباب