الخميس ٤ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

القبر الجريح

حمزة العلوي

 مَا مَاتَ حَرْفُكَ يَا حَلاَّجُ وَاللُّغَةُ
مَا زِلْتَ تُمْطِرُ وَالأَعْدَاءُ قَدْ صَمَتُوا
مَا زِلْتَ تَشْرَبُ مِنْ شَكٍّ تُعَانِقُهُ
وَنَحْنُ مِنْ ظَمَإٍ يَلْهُو بِنَا الْعَنَتُ -
قَتَلُوا فَرَاشَاتٍ تَطُوفُ بِقَبْرِكَ الْمَجْرُوحِ
وَا أَسَفِي وَقَدْ وَأَدُوا السُّؤَالَ عَنِ الْحَقِيقَةِ
وَالْحَقِيقَةُ عِنْدَكَ الشَّكُّ الْمُقِيمُ عَلَى مَزَامِيرِ الْوُجُودِ
تَوَزَّعُوا دَمَكَ الزَّكِيَّ عَلَى الْمَسَاجِدِ
فِي فَتَاوَى شَيْخِهِمْ
قَتَلُوا فَرَاشَاتٍ تَطُوفُ بِقَبْرِكَ الْمَجْرُوحِ
عُذْرًا فَالضَّرِيحُ بَكَى عَلَيْكَ وَمَا بَكَتْ أَخْطَاؤُنَا
صَارَتْ بِلاَ هَدَفٍ حَيَاةُ الْعَابِدِينَ
تَغَيَّرَتْ أَشْيَاؤُنَا
مَا الْحُبُّ؟
ضَاعَتْ فِي الطَّوَاسِينِ الْحِكَايَةُ كُلّهَا
فِي شِعْرِكَ الْمَشْحُونِ تُكْتَبُ صَفْحَة أُخْرَى
تَجَاهَلَهَا شُيُوخُ قَبِيلَةٍ
بَاعُوا قَرَاطِيسَ السَّلاِم مُقَابِلَ الْحَرْبِ الْعَقِيمِ
لأَجْلِ ثَأْرٍ مِنْ خُوَارِ الْعِجْلِ
لاَ تَكْتُبْ قَصَائِدَكَ الْجَمِيلَةَ
فَالْمُعَلَّقَةُ الْقَدِيمَةُ قَدْ أُزِيحَتْ عَنْ جِدَارِ الْبَيْتِ
قُلْ: عَنْ أَيِّ شَيْءٍ يَسْأَلُونَ (الْمُومِسَ الْعَمْيَاءَ)؟
أَسْئِلَةُ الْخَرِيفِ تُعِدُّ أَجْوِبَةَ الشِّتَاءِ
وَنَارُ مِدْفَأَةٍ تَبُوحُ بِسِرِّهَا
حَطَبُ الْخَطِيئَةِ صَاهِدٌ فِي بَرْدِهَا
مَا زِلْتَ تَغْرَقُ فِي غَرَابِيبِ الطَّوَاسِينِ الَّتِي اكْتَمَلَتْ
وَشَمْسُ الْحُبِّ تَمْسَحُ عَنْ ظَلاَمِ الطِّينِ غُرْبَةَ نَبْضِهِ
(نُونٌ) وَتَكْتَمِلُ الْحِكَايَةُ
عِنْدَ مُرْتَفَعِ الْغَرَامِ
يَطُوفُ حَرْفٌ فِي صُرَاخِ الطِّفْلِ حَتَّى يَنْزَوِي فِي آَهَةِ الشَّيْخِ الضَّرِيرِ
عَلَى تُرَابِ الْعُمْرِ يَجْلِسُ صَامِتًا
وَيَصِيحُ دَاخِلَهُ صَبَاحٌ عَابِرٌ
أَوْ رُبَّمَا خَيْطٌ صَغِيرٌ قَدْ تَخَلَّفَ مِنْ غُبَارِ الصَّيْفِ
يَذْكُرُ سُنْبُلاَت الْحَقْلِ
أُغْنِيَةَ الْعَجَائِزِ
إِذْ تُعَانِقُ بَيْدَرَ الأَحْلاَمِ
تَجْرِي طِفْلَةٌ فِي كَفِّهَا دَلْوٌ صَغِيرٌ
تُخْبِرُ الرَّاعِي بِأَنَّ الْقَرْيَةَ الصَّمَّاءَ
تَطْرُدُ سَاكِنِيهَا
تَحْرِقُ الْكُتُبَ الْجَلِيلَةَ
تَدْفِنُ التَّارِيخَ فِي وَحْلِ الْخَطِيئَةِ
كَيْ تُبَرِّئَ عَاهِرَةْ
هَذِي الْقُرَى تَلْهُو وَتَشْرَبُ مِنْ نَبِيذِ الْجَهْلِ
تَعْشَقُ طِفْلَةً فِي الْعَاشِرَةْ
مَا زِلْتَ وَحْدَكَ فِي مَقَامِ الْحُزْنِ
تَتْلُو آَيَةَ الْفَرَحِ الْقَرِيبِ
وَتُخْبِرُ الأَطْفَالَ عَنْ سِرِّ الْبَرَاءَةِ فِي عُيُونِ الْعَاشِقِينَ
تَقُولُ لِلْجَلاَّدِ: إِنَّ اللهَ أَكْبَرُ مِنْ سُجُونِ الْحَاقِدِينَ..
وَيَبْسِمُ الثَّغْرُ الْمُشَرَّدُ فِي ضَوَاحِي الأَنْبِيَاءِ
عَلَى ضِفَافِ بُحَيْرَةٍ تَغْفُو السَّمَاءُ
وَهَكَذَا يَتَجَاهَلُ السُّكَّانُ حِكْمَةَ هُدْهُدٍ
فِي اللَّيْلِ تُرْعِبُهُمْ حَكَايَا (الْغُولِ)
صِحْتَ وَقُلْتَهَا: أَنَا كَافِرٌ بِإِلَهِكُمْ
هَذَا الَّذِي تَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِ زُلْفَى
فَوْقَ أَشْلاَءِ الْعَصَافِيرِ الَّتِي غَنَّتْ نَشِيدَ الْحُبِّ
كَانَتْ (تَغْمِزُ) الزَّيْتُونَ
تَرْعَى فَوْقَ صَدْرِ طُفُولَةٍ
وَتَنَامُ عِنْدَ اللهِ
تَلْتَحِفُ الْجَلِيدَ
تَضُمُّ أَلْوَانَ الْقَصِيدِ إِذَا يَجِيءُ
لِيَكْتُبَ الآَلاَمَ حُلْمًا
عِنْدَ مُنْحَدَرِ الْغُرُوبِ إِلَى صَبَاحٍ ضَاحِكٍ
مَا زِلْتَ تَحْمِلُ غَيْمَةً فِي كَفِّكَ الْمَصْلُوبِ تَحْتَ النَّخْلِ
تَقْرَأُ لِلْمَجَانِينِ الْقُدَامَى
سِفْرَ تَكْوِينِ الْحَيَاةِ
وَتَشْتَهِي مِنْ زَنْجَبِيلِ الْعُمْرِ فَاكِهَةَ الرُّعَاةِ
تَمُدُّ لِلْيَقْطِينِ كَفًّا ضُمِّخَتْ بِالأَسْئِلَةْ
وَتَقُولُ دَوْمًا لِلْمَجَانِينِ الْقُدَامَى
نَحْنُ أَصْلُ الْمُشْكِلَةْ
مَا زِلْتَ تَحْمِلُ شَمْعَةً
وَتَدُقُّ أَبْوَابَ الْمَدِينَةِ...
مَا لَهَا مُدُنِي تَنَامُ وَلاَ تُفَكِّرُ فِي الْيَتَامَى
مَا يَزَالُ الْعَقْلُ عِنْدَ النَّاسِ طِفْلاً مُعْدَمًا
لاَ يَمْسَحُونَ بِرَأْسِهِ
وَتَنَامُ عِنْدَ الْفَجْرِ
تَكْتُبُ عَنْ بَرِيءٍ
مَاتَ يَنْظُرُ لِلسَّمَاءْ.

حمزة العلوي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى