الكرامة!
تعالَ نبحثْ يا أخي
عَنِ الكرامةِ في الكتب
ربما قالتِ الأقلامُ عنها شيئاً
بعدَ كلِّ هذي السنين
قالتِ الأقلامُ عنها امرأةً مجنونة
في الليلِ كانتْ تصرخُ فتوقظُ المدن
لماذا لا تنامينَ في الليلِ كسائرِ البشر؟
هل تنحتينَ الأحلام؟
هل تحفرينَ الصور؟
هناكَ حُلْمٌ يترقرقُ في النوم
قبلَ أنْ يغدو حجر
صدَّقتها الحجارة
بالأصلِ كانتِ الحجارةُ
صخوراً حطمتْهَا
لماذا حطمتِ الصخورَ؟
وتماثيلُكِ كيفَ ننحتُهَا؟
كيفَ نصمدُ عَبْرَ العصور؟
كيفَ تتبعُنَا الأشجارُ
عندما نبتعدُ عنها؟
آمنتْ بها الأشجار
مَنَعَتْ ضربَ جذوعِ الأشجارِ بالفؤوس
هلْ تفهمينَ لغةَ الأشجار؟
هلْ تتكلمينَ غيرَ لغاتِ القلوب؟
هل تنادينَهَا بأسمائِهَا؟
نسينا الناسُ
ونسوا أسماءَنَا
ولمْ يُبْقوا لنا غيرَ الجنون
ووجوهَنَا
منا سمكُ القرشِ ومنا حمامُ يافا
ومنا غربانُ نابُلُسَ وأخرى مِنْ بعضِ
أنواعِ الطيور
أنا وجهُكِ ووجهُكِ أنا
آختْهَا الصقور
حلَّقتْ أعلى مِنَ الصقورِ
حتى قممِ الكون
هناكَ حيثُ يبدأُ الزمنُ
هناكَ حيثُ تولدُ السنون
كنا هناكَ نصعدُ على قدمينا
لنتحدى أمَّنَا
هل تذكرينَ ؟
عندما سقطتِ ونحنُ في وسطِ الهضابِ
ولمْ يكنْ لي غيرُك
وأنا عالقٌ بينَ الأرضِ والسماء
نبتَ لي جناحانِ وأنقذتُك
كنتُ أحبُّكِ أكثرَ مِنْ جبالِ هملايا
أكثرَ مِنْ كُلِّ الجبالِ
أكثرَ مِنْ كلِّ البحار
كنتُ أحبُّك
آوَتْهَا البحار
حَمَتْ سكانَ البحارِ مِنَ الانقراضِ
بتحطيمِ سفنِ الصيدِ بفؤوسِ الموج
أحرقتْ أشرعتَهَا بنارِ الماء
جعلتْ لأبناءِ البحارِ مِنْ بطونِهَا المروج
أسقتْهَا القهوةَ والشاي
هذا لأنَّ أصلَكِ سمكةٌ ملكةٌ نبية
مِنْ ضلعِ تاج
كالمسيح
آمنتْ بكِ الأمواج
وركعتْ لكِ الآلهة
مِنَ البحرِ يأتي كلُّ دينٍ
وتحتَ الشمسِ تذهبُ بِالدينِ الرياح
أدفأتْهَا الشموس
سدَّتْ براكينَ غزّة بكفيها
لأنَّ الموتَ أثلجَ منها على العالم
وفي حضني بكيتِ وأنا أتألم
بكينا أنا وأنتِ على حبيبتنا
لنْ تُؤثّرَ فيهمْ دموعُنا
ماذا نفعل؟
هلْ نهجرُ الأرضَ إلى قمرٍ هناكَ ينادينا؟
أكرمَتْهَا الأقمار
أنارتِ الأقمارَ مِنْ جهاتِهَا المعتمة
على مَنْ ننادي؟
هلْ نثقُ بالثعابينِ التي تنادينا؟
خبَّاَتْهَا الأفاعي
دافعتْ عَنْ أطفالِهَا مِنْ سُمِّ الإنسان
مِنْ كرمِهِ الأناني...