اللغم والموت أجمل هدية

مارية لا تلعبي..
مارية لا تذهبي..
مارية لا تبتعدي..
مارية لا تنامي فنومك سيكون للأبد..
مارية لا ترحلي، فرحيلك سيرشقُ قلبي باللهب..
مارية عيد مولدك اقترب..
من سيطفئ شموعك..
طيف روحك..
أم عيوني الحزينة التي تركتك وحيدة، وأخلّت بالوعد..
فاليوم لن نحتفل بأعيادكِ الميلادية..
ولن نقدم لك أي هدية..
فتلك الدمية بقيت وحيدة..
وتلك الشرائط لن تزين ضفائرك الذهبية..
وثوبك المطرز بأزهار الأمل، لن يزوره ذلك الجسد..
ولكنهم يا صغيرتي سبقونا..
وقدموا لك اليوم اللغم والموت أجملُ هدية..
طرزوا جسدك بأغلى شظية..
زينوك بأقراطٍ من النار والحقد..
اسدلوا ستارَ أجفانكِ على عيونكِ السماوية..
شمسها اليوم لن تشرق..
ستبقى غائبة بالأفق البعيد..
ثوبك الأبيض الرقيق..
لطخوه... تركوه ينزف ويقطر بالدم والحديد..
مارية..
لم يشفعوا لكونك من سلالة الطفولة..
لم يحترموا وسام البراءة..
لم ينصتوا لحرمة أشجار الزيتون..
وهي تذكرهم بأنها رمز للحب والسلام..
لم تغرس لتُقتلَ من حولها الأحلام..
ترتجيهم لئلا يفضوا قدسية ترابها بأزيز السهم والبندقية..
لئلا يلونوا لونه بعوادم الصاروخ والمدفعية..
لئلا يستبدلوا أرضه بغراس أشجار الموت والرعب..
لكنهم أبوا إلا أن يقتلوك..
لم يرحموا جسدك الصغير..
فكنت للموت أثمن ضحية..
تركوا ضحكتك تقتاتها الشظية..
تلعق دمك بسيفها الحقير..
المعتق بالغدر والسموم..
لا تبالي بدموعي المضرجة بالنار والجنون..
بحزني ومأساتي الأزلية..
يا صغيرتي لا تذهبي..
من سيلفظ ماما..
من سيقبل خدي..
ويداعب بأنامله المزركشة بأضافر لؤلؤية..
عيوني وثغري المكلوم..
مارية..
لن أغني بعد اليوم لك عند النوم..
بل سأعطيك ورقة وقلم..
لترثي طفولتك في حنايا قصيدة..
لتخبري التاريخ بمقتل الصغيرة..
لتنثري شذا مأساتك عليها..
المعبقة بالغدر والألم..
لترسمي حلمك بريشة الموت بألوان الظلم والدم..
لتحفري على شجرة الزمن ذكرياتك القليلة..
لا تبكي يا حبيبتي..
فبكاؤك يعصر الروح والقلب..
فبكاؤك لن يغسل الغدر والحقد..
تريدين اللعب..
لا.. لا تلعبي..
فحرام عليك اللعب..
لا تخبريهم بدميتك الثكلى التي تشتاق للبنان الصغيرة..
لا تصرخي وتعلني العصيان والغضب..
لا تقولي فلترحلي عننا أيتها الحرب..
فالحياة أجمل عندهم مع الموت والقهر وأهازيج الرعب.