اللوحة التي فازت
رحمة سوف أنهي معك المكالمة الآن، لقد وصلت عند العنوان المكتوب في الجريدة، سأعطيهم اللوحة وأعاود الاتصال بك مجددًا، لأخبرك بما حدث.
وبعد أن سلمتهم اللوحة، نزعوا عنها الغلاف الخارجي، رأيت التركيز والدهشة والإعجاب في عيونهم، وبدأت كلمات الثناء والمباركة، والتأكيد على فوزها يتردد على كل الأفواه، وطلبوا مني كتابة الاسم كاملًا والتوقيع أمامه.
اصطدمت بي عصا لفتاة، دخلت في نفس التوقيت تمد لوحتها، افسحت لها الطريق، وبدأت في فتح شاشة هاتفي النقال، حتى أزف بشائر الأخبار السعيدة لرحمة.
بحثتُ عن مكان مناسب، لضمان جودة شبكة الاتصال، في أحد أركان الممر، وجدتها تبتهل وتتضرع إلى الله بصوت عالٍ "يارب أفوز حتى أسعد قلب أمي" في هذه المرة اصطدمتُ بالفتاة، أنهيت مكالمتي الهاتفية مع ابنتي بسرعة وأنا ألتقط العصا من على الأرض.
– ما اسمك؟
– أمل.
أعطيتها منديلًا وربت على كتفها وانصرفت ، في اتجاه غرفة تسليم اللوحات!
كانت العيون التي أدهشها ، جمال الرسم والألوان مستغربة جدا، عندما طلبتُ منهم سحبها، وعدم المشاركة في المسابقة!
اقتربت مني إحدى المشرفات، بوجه بشوش وقالت: حرام ابنتك فنانة مميزة ولوحتها هي الأفضل حتى الآن؟
ولكن أمام تصميمي أعطتني اللوحة.
بخطى مسرعة لحقتُ بها، وهي تتلمس بعصاها درجات السلم، تابعتها حتى هبطت وقبل عبور الطريق، أمسكت بيدها وناديتها: أمل انتظري سنسير معا؟
وفي الطريق لبيتها، حكت لي بعض التفاصيل، عن ظروفها ومرض أمها، حتى وصلنا وشربتُ معهما كوبًا من الشاي اللذيذ من صنع يدي.
في طريق عودتي لبيتي كنت خفيفة جدًا، كأنني طائر حر طليق، حلق في السماء، أو كريشة سقطت من جناح طائر، وعامت على سطح الماء، لم يشغل تفكيري جوابي عن سؤال رحمة حول المشاركة، ولا حتى كلام المشرفين على المسابقة، ولا حتى النتيجة نفسها.
تمنيت من قلبي أن تفوز أمل يارب تفوز.
يوم إعلان النتيجة وفي آخر صف، جلستُ مع رحمة وأنا أتابع تعبيرات وجهها، حتى اقتربت منا إحدى المشرفات، لم تتكلم حتى صعدت على منصة التتويج، وبدأت تحكي عن إحدى الأمهات، التي أصرت على سحب لوحة ابنتها من المسابقة ، وأكملت لو ظلت تلك اللوحة، لتغيرت النتيجة الآن وفازت بالمركز الأول، من دون شك، ولكن احتراما لقرار الأم أعطيناها اللوحة، ثم سكتت قليلًا وقالت: الآن سأعلن عن اسم الفائز الأول: أمل عز الدين، انتفضت من مكاني وأنا أحمل مجموعة من المشاعر، ما بين الفرحة والدهشة والشكر لله، في تلك اللحظة كانت يد أمل وأمها تربتان على كتفي، فسقطت العصا للمرة الثالثة، وعندما تكرر الاسم، أخذتُ بيد أمل حتى المنصة، واستلمت جائزتها وسط تشجيع من الجميع، وعندما التفت لأعود إلى مكاني، بجوار ابنتي رحمة المندهشة من كل شيء، جذبت يدي المشرفة المبتسمة دائمًا قائلًا: انتظري لو سمحتِ!
وقالت: لم يحدث في تاريخ المسابقات، من قبل أن فاز اثنين (اثنان) بالمركز الأول!
وأعلنت عن فوز ابنتي رحمة جمال الدين، بنفس قيمة الجائزة والمركز. جاءت رحمة مع أم أمل، وتسلمت الجائزة، وبصوت خفيض وبإشارة من يديها، أشارت المشرفة عليً (إلي) قائلة للجمهور: هذه هي الأم التي احترمنا قرارها، وقبل أن تجيب عن استفساري، حَلت أمل اللغز قائلًا: في بيتنا وجدنا لوحة رحمة، فقررنا أن نعيدها في اليوم الثاني للمسابقة.
كانت الصورة التي التقطناها وسط الحضور أنا وأم أمل ورحمة وأمل تتوسطهم (تتوسطها) العصا التي لم تسقط بعد ذلك أبدًا وحضرت معنا التتويج.
اقتربت رحمة وهمس في أذني، وأعطتني قيمة الجائزة، واحتضنت يد أمل وهي تقول: الآن وهبني الله أختا تحب الرسم مثلي.
= انتهت =