الاثنين ١٣ نيسان (أبريل) ٢٠٠٩
بقلم
اللِّقاءُ
غِيابُكِ في الفؤادِ لهُ احتِشاءُ | |
وطَيفكِ في الخيَالِ لهُ انتِماءُ | |
عَشقتُكِ، هلْ إلى العُشَّاقِ صَبرٌ؟ | |
وهَل يُجلَى بلُقيَاكِ الشَّقاءُ؟ | |
عشقتكِ في القَرارِ كعِشقِ صَبٍّ | |
وَعينِي لَم يُكَحِّلها الضِّياءُ | |
فشَوقِي كالخُسوفِ بلَيلِ دَهرِي | |
ولَيلِي - مِن صَباً - ندراً يُضاءُ | |
يُقلِّبُني مِنَ الأشواقِ ضُرٌّ | |
لرُؤيَا مَن لَها يُرجى اللِّقاءُ | |
فَصبرِي للِّقاءِ دَبيبُ نَملٍ | |
وَشَوقِي كالجِيادِ لَها الفَناءُ | |
فَلا بالصَّبْرِ تَنفلِقُ اللَّيالِي | |
ولا بالوَصْلِ يكتَملُ الرِّضاءُ | |
فَقُربُك ِ قدْ أذاقَ النَّفْسَ حِسًّا | |
لَهُ لِلرُّوحِ دِفءٌ واحتِماءُ | |
فَخَوفِي بعدَما مُلئَتْ عُيوني | |
رَحِيلاً زادَهُ بالهَجْرِ دَاءُ | |
أُحاوِرُ مَن لَها في الرُّوحِ كَونٌ | |
فَيُكرِمُني معَ الرَّدِّ الحفاءُ | |
فيا لَيتَ اللِّقاءَ يشُدُّ صبرِي | |
ويَمْحُو مِن هُمومي مَا يشاءُ | |
لبُعدِكِ يرتَوِي في النَّفْسِ جُرحٌ | |
فيَشفِيهِ إذا شُفِيَ الفَناءُ | |
فجُرحِي نازِفٌ فيهِ صَلِيلٌ | |
تسَامَى مِن مَجارِيهِ الدَّواءُ | |
وباتَتْ - مِن قذَى أَلَمِي – عِظامِي | |
كأغصانٍ يُجرِّدُها الشِّتاءُ | |
فوَصْلُكِ والرحيلُ عمَى عُيُونِي | |
مَنَ الأشواقِ، أدْمَاها البُكاءُ | |
كِيَانِي في الفِراق ضَئيلُ قَشٍّ | |
عَلاهُ العَصْفُ ليلاً والهَواءُ | |
عُروقِي مِن أَسَايَ تَجِفُّ غمًّا | |
فَتروِيها بِلُقيَاكِ الدِّماءُ | |
فيَا ليلَ الأَسَى قدْ دُمتَ خُلداً | |
فهَلْ يُجْلِيكَ مِن عُمْرِي الضِّيَاءُ | |
لِوَصْفِكِ - إنْ وصَفتُ - لهُ انتِهاءٌ | |
ووَصْفُكِ بالكَمالِ هُوَ ابتِداءُ | |
سوادُكِ في الرُّؤَى نُورٌ وقُدسٌ | |
ورَوضُكِ لِلسَّمَاءِ لهُ السَّمَاءُ | |
وَيَكسوْهَا السَّوادُ.. كأنَّ بدراً | |
لهُ في اللَّيلِ وَهْجٌ يُستَضاءُ | |
جَمالٌ في المقامِ لهُ مُهابٌ | |
وأَركانٌ يُزَيِّنُها الغِطاءُ | |
بِها الدُّنيا غَدَتْ للكَونِ قلباً | |
على نبضاتِهِ دامَ البَقاءُ | |
بِها الآفاقُ أكوانٌ تَجَلَّتْ | |
بِها الأجواءُ مِصباحٌ يُضاءُ | |
بها النَّسماتُ أفواهٌ تنادِي | |
لهُ التَّهليلُ دوماً والثَّناءُ | |
لها ربٌّ يُتوِّجُها بِنُورٍ | |
هُوَ النُّورُ الإلهِيُّ المُضَاءُ | |
لَها ضوءٌ عَلا الأضواءَ وَهْجاً | |
بألوانٍ، فَيَتْبَعُهُ الفَضاءُ | |
رَحَلتُ مُهاجِراً أهلِي ومَالِي | |
لِلُقياها, فقَدْ طَفَحَ الإنَاءُ | |
سَعَيتُ مُنادياً والقَلبُ طَيرٌ | |
يُرفرِفُ نَحوَها والعَينُ مَاءُ | |
تُسابِقُ مِن عظِيمِ الشّوقِ قَلبِي | |
معَ السَّاقِينَ، يُسْعِفُها السَّخاءُ | |
فنادَى القلبُ: يا قَدَمَـيَّ سِيْرَا | |
فأَسْلَمَها إلى الرَّكْضِ الوَفاءُ | |
قَرُبْتُ وَمِن فِنَاهَا عِندَ ليلٍ | |
كأنَّ الأُفْقَ فَجرٌ وارتِقاءُ | |
أُعانِقُها كأضلاعِي لقَلْبِي | |
وأحْضُنُها فيغمُرُني البَهاءُ | |
عَجِبتُ لِطَلعَةٍ فاقَتْ خَيالاً | |
يؤجِّجُها بأضْواءٍ سَناءُ | |
جَلستُ أمامَها والعَينُ مَلأَى | |
بآياتٍ يُزخرِفُها النَّقَاءُ | |
سَجدتُ أمَامَها للهِ ربًّا | |
فرؤيتُها لِهَيبتِها نَماءُ | |
يلازمني الأمان كأنَّ رُوحِيْ | |
يُدثِّرُها بأَعْصَارٍ بِناءُ | |
دخلتُ مُنادياً "اَللهُ أكبَرْ" | |
فسارَعَ مِن مُناداتِي الوَلاءُ | |
ستيرٌ ماجدٌ رَبُّ رحِيمٌ | |
عِظيمٌ غافِرٌ أحَدٌ، رَجاءُ | |
دخَلتُ مؤمِّلاً كرَماً وَفَوزاً | |
ومَرضاةً بِها يعْلُو الرِّضَاءُ | |
فذنبِي ذَلَّنِي، والذَّنبُ ذُلٌّ | |
فمِنهُ ظاهرٌ، مِنهُ الخَفاءُ | |
فكيفَ بِحيلَتِي والنَّفْسُ ثَقْلَى | |
بِمعصِيةٍ بها يَكْبُوْ الدُّعاءُ | |
دخَلتُكِ طالباً ربِّي مَلاذاً | |
فأخجلَنِي مِن الطَّلَبِ الحَياءُ | |
دخلتُكِ حامِلاً في النَّفْسِ وِزْراً | |
عَلا الأكوانَ ضيق وإِسْتِياءُ | |
قَدِمْتُكِ حافياً، نَدَمِي عظيمٌ | |
لوجهِكِ قادَني ربِّي ابتِغاءُ | |
قدِمْتُكِ شاكياً للهِ أمْرِي | |
فقَدْ أضحَى معَ الذَّنبِ البَلاءُ | |
دخلْتُكِ حائراً: هلْ مِن شفيعٍ | |
فيأتِينِي مِنَ اللهِ النِّدَاءُ | |
أَتسأَلُ شافِعاً وأنا قَرِيبٌ | |
أُجِيبُ لِدعوَةٍ فيها الرَّجاءُ؟! | |
تُراني هَلْ أَعِيشُ ويأتِي يَومٌ | |
فيَجْمَعُنِي معَ البَيتِ اللِّقاءُ؟ | |
سَلامٌ لِلمَقامِ ومَنْ بَناهُ، | |
سلامٌ صَادِقٌ فيهِ الوَفَاءُ |