الثلاثاء ٢٣ أيار (مايو) ٢٠٠٦
بقلم حمدي موصللي

المسرح اليوناني القديم

ديونيسيوس الأسطورة والأصل وأغاني الـ /DITRAMPUS/ ديثورامبس‏
دينسيوس إله الطبيعة والحقول والكروم والخصوبة عند الإغريق فمن هو الإله؟‏
(... (1)تقول الأسطورة حينما هبط ديونيسيوس من جبال تراقيا(2) الوحشية إلى هيلاس فغدا رباً للأدغال والحقول والخصوبة بسلطة خاصة ترفع البشر الفانين للمشاركة بالغبطة الإلهية. واتخذه شعب اليونان إلهاً خاصاً نحو عام. لقد أفعمتهم روحه فأحبه الشعب اليوناني لدرجة أنهم أكرموه وأكرموا أنفسهم به بمهرجان بهيج وبحفلات قصف وحشية وطقسية،‏
وبولغ بالاحتفال به إلى درجة لا يمكن إبعاده عن صحبة أرباب الأولمب الحقيقيين.

وهكذا بعناصر الأرض وبالوحشية العالقة به وبعاطفة خاصة يكنها للشعب اليوناني غدا أصغر الأرباب، وكما هي العادة السائدة في تلك الأزمنة، صنع الكهنة حراس الدين أسطورة لمجيئه.. تقول الأسطورة المصطنعة: زيوس رب الأرباب عشق فيمن عشق من نساء البشر الأميرة الجميلة (سيميلي) ابنة قدموس (كادموس) ملك ومؤسس طيبة، ووصلها وطره فحملت منه طفلاً لم يكتمل نموَّهُ في أحشائها وقد ماتت. سمعت هيرا زوجة زيوس بخيانته لها فطار صوابها وغضبت غضباً شديداً، ولشدة غيرتها العمياء قررت الانتقام لنفسها فأغرت غريمتها سيميلي بأن تطلب من عشيقها السماوي أن يتجلى أمامها وهي البشرية الفانية بهيئته الألوهية الكاملة، وأن يقسم لها قسماً غليظاً، وأن يقطع عهداً متيناً على نفسه أن يوفي لها ما تطلب أياً كان. وكان لها ما شاءت. وفعل زيوس مضطراً ما أرادت وفاء بالقسم وحفاظاً على العهد، وفي اللهب الرائع لحضوره وبرفقة صاعقته بأضوائها الساطعة وبرقها السماوي.. لم يحتمل جسد سيميلي كل ذلك.. ففارقته الحياة.

وما كان من زيوس إلا أن انتزع الجنين من بطنها وأخفاه في فخذه كي يكتمل نموَّه.. ولما أتى موعد ميلاده.. ولده زيوس من فخذه، وأخفاه عن عيني هيرا الغيورة حتى كبر.. ثم بدأ ديونيسيوس يجوب البلدان فخوراً بخمره وناشراً دعوته كرب للحقول والخصوبة، وعرف ديونيسيوس بأكثر من اسم أهمها:‏

((الإله باخوس)).. إله الخمر ومصدر النشوة التي تثور في أعماق الإنسان. ذاك الإله الأسطوري المزيج من الآلهة والإنسان، والذي ولد ولادة خارقة (...(3)ذاك الإلهة الأسطوري الذي يبدو ونحن نحقق ما بينه وبين الإنسان من نسب، وما بينه وبين مصدر النشوة الكبرى التي تثور في أعماق الإنسان، إنه قد ولد ليكون والداً للفن الشعبي الديني..) لقد غنى لأتباعه وهو في قمة النشوة، وغنوا معه مريدوه وأتباعه، وخاصة الشعراء منهم، الذين نَظموا المرثيات (الديثوراميوس). والخمريات المستوحاة من جلساته، ونسبوا بعضها لـه بعد وفاته.ومنها خرجت التراجيديا(4) التي ترتبط به بشكل مباشر.‏

ـ أحبه الشعب اليوناني وراحوا يمجدون هذا الإله بإقامة الاحتفالات والمهرجانات العظيمة على شرفه، والتي يعبرون فيها عن مشاعرهم بالرقص والغناء. وكان الشعراء الغنائيون ينظمون المقطوعات الشعرية الخمريات والديثورامبوس وينشدونها في أعياد ديونيسيوس ويتخذون أسطورته موضوعاً لأناشيدهم. وكان الشاعر يضم إليه جماعة من الناس يلقنهم بعض الأبيات التي تفيض بالحزن والأسى، يرددونها أثناء الإنشاد، كان أفراد هذه المجموعة (الجوقة فيما بعد) يرتدون جلد الماعز ليظهروا بمظهر الساتوروي ((أتباع ديونيسيوس)).‏

ـ كان ((آريون الكورينثي(5))) هو أول من ابتكر هذه الأناشيد ((الديثورامبوس)) عام 650 ق.م وعلمها لأفراد (جوقة) في كورينثة، وهو أول من هذب هذه الأناشيد بعد جمعها، وجعلها فناً أدبياً.

ـ ثم ظهر (((6)لاسوس)) الذي عمل على نشر الرقصات الديثورامبية (الرقصات أو الحركات التمثيلية التي كانت تصاحب أناشيد (الديثورامبوس والخمريات) بعد أن أدخل عليها بعض التعديلات. وتبعه شعراء آخرون ساهموا مساهمة فعالة في ارتقاء هذه الأناشيد حتى أصبحت فناً رفيعاً من فنون الشعر الغنائي.

ـ بدأت بذور المأساة تتكون في المدن اليونانية أهمها (سيكوون وكورينثة) إلا أنها استقرت أخيراً في (أتيكا) حيث اكتملت عناصرها الفنية، واتخذت صورتها النهائية، فهناك تحول القاص (الشاعر(7)) إلى‏
ممثل بالمعنى الصحيح، وأصبح رئيساً للجوقة، يقوم بالدور الرئيسي فيمثل شخصية الإله، كما يقوم بسائر الأدوار بأن يدخل خيمة ويغير من ملامحه وملابسه. وكان كل مرة يخاطب أفراد الجوقة في موضوع مختلف، وبذا امتلأت المأساة حياة وحركة بفضل تنوع مهمته.. ثم مرت المأساة بمرحلة مهمة، فأصبحت تتناول موضوعاً مفصلاً متعدد الحوادث، بعد أن كانت مجرد مجموعة من الأناشيد تنشد تكريماً للإله (ديونيسيوس). وأصبحت تتخذ موضوعها من الأساطير القديمة، بعد أن كانت مقصورة على ذلك الإله. وصارت المأساة تعالج الموضوعات التاريخية إلى جانب الأساطير القديمة، واهتمت بكافة المشاكل الإنسانية. ولقد أدى طول المأساة، واتساع موضوعها إلى تقسيمها إلى مجموعات ثلاثية وأحياناً رباعية (أجزاء) مستقلة يمكن عرض كل منها على حدة.

وهكذا وصلت المأساة إلى أقصى درجات الكمال، لا سيما بعد أن خلع أفراد الجوقة جلودهم (جلود الماعز) التي كانوا يلبسونها ليظهروا بمظهر (الساتوروى).‏
ـ لقد كان لشعراء اليونان الفضل الكبير في ارتقاء الدين اليوناني القديم، إذ كانوا بمثابة الرسل وكانت مؤلفاتهم بمثابة الكتب السماوية. ولقد ملأ الدين اليوناني مؤلفات الشعراء منذ عهد (هوميروس(8)) وحتى عصر (يوربيدس) غير أن الدين اليوناني يدين بمغزاه العميق إلى شعراء المسرح على وجه التحديد الذين طوروا الغناء الباخوسي (أناشيد المراثي العنزية والخمرية). إذ كانت المسرحيات اليونانية تعرض كجز من احتفال ديني يقام تكريماً للإله ((ديونيسيوس أو باخوس)) في شهر آذار (مارس) من كل عام، حيث تخصص ثلاثة أيام للعروض المسرحية. وكانت المناسبة الرئيسية لإنتاج وعرض هذه المسرحيات هي أعياد (ديونيسيوس) الكبرى التي تقام في مدينة أثينا. وبذلك أخذت هذه المراثي والخمريات صيغة مسرحية كاملة مؤلفة من شخصيات وصراع (أحداث خارقة ومآسي) وحوار وموضوع، وفي النهاية تقدم المسرحية قصة مشوقة.‏

2 ـ مدخل إلى المأساة اليونانية القديمة‏

ـ منذ بدأ شعراء التراجيديا (المأساة) اليونانية يعيدون مسرحية الأناشيد والمرثيات الباخوسية في أعياد ((ديونيسيوس)).. على مسارح أثينا أخذ التطور التقني لفن المسرح إلى‏
جانب المراحل التي مرَّ بها التأليف المسرحي (من التراجيديا إلى الملهاة(9)) بالاستقرار منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا، ومازالت دور العرض في أكثر بلدان العالم اليوم تعيد إنتاج هذه المسرحيات من جديد،‏
وبأساليب مجددة أو جديدة ووفق معطيات العصر الحالي، وبأدوات إنتاج مختلفة، ومازال الجمهور المشاهد يستمتع بها بإعجاب شديد، ولازال الباحث والعالم يكتشف أشياء كانت‏
غامضة على الكثير من الدارسين لها عبر التاريخ. من دارسي العلوم الاجتماعية والفلسفية وغيرها. ولنا أمثلة أيضاً في مسرحيات كتَّاب عصر النهضة شكسبير في إنكلترا، ((وكورني)) و((راسين)) في فرنسا و((كالديرون)) و((لوب دوفيجا)) في أسبانيا أكبر المأسويين في المسرح الكلاسيكي الأوربي الذي حافظ على روح المأساة الكلاسيكية وتحديداً اليوربيدية اليونانية القديمة.

ـ نعلم أن المأساة اليونانية منذ نشأتها استمدت موضوعها من الأساطير والخرافات التي ورثها اليونان عن أسلافهم، ولكن شعراء المأساة لم يكتفوا بأسطورة ديونيسيوس وحدها بل تناولوا في مسرحياتهم كثيراً من الأساطير التي تدور حول الآلهة وأنصاف الآلهة وأبطال الخوارق. ولكن يجب أن لا نعتقد أن شعراء المأساة تناولوا هذه الأساطير كما هي، وكما أشرت سابقاً، بل أدخلوا عليها تغيرات وإضافات، ولأن الأسطورة اليونانية كانت تتضمن عدداً من القصص الغامضة المتشابكة، لذا كان على الشاعر أن ينسقها ويعدها في صورة قصة واحدة تتناول أحداثاً متتالية تنتهي بعقدة مثيرة.‏

وكان الشعراء يتخذون من هذه الأساطير أطراً لمعالجة المشاكل الاجتماعية والخلقية المختلفة، كما كانت تعالج المشاكل والأوضاع السياسية الداخلية والخارجية، وليس يعني ذلك أن شعراء المأساة لم يحاولوا الخروج عن نطاق الأساطير فبعضهم مثل فرونيخوس(10)، قد تناول في مسرحياته موضوعات ترتبط بالوقائع التاريخية والحوادث المعاصرة. وقد عرَّف‏
أرسطو المأساة فقال إنها: (((11)تقليد لحدث جدي كامل لـه جلاله، في لغة منمقة بكل أنواع المحسنات الفنية، وهذه الأنواع توجد في أجزاء متفرقة من المأساة، وذلك الحدث يأتي بأسلوب درامي لا قصصي ليطهر النفس عن طريق الخوف والشفقة ـ تطهير كاملاً)). وأحب أن أضيف هنا أن المأساة اليونانية كسائر المآسي القديمة تُنظم شعراً في أوزان مختلفة، وكل وزن منها يستعمل لتصوير موقف معين ـ لذلك نجد أن أجزاء المأساة كانت تعتمد اعتماداً كلياً على الأوزان، وأن أشعار كل جزء من هذه الأجزاء كانت تنتظم في وزن يناسب الوظيفة التي يؤديها هذا الجزء لتطور مراحل الحدث.. ((12)الأجزاء كما هي موضحة في كتاب المأساة اليونانية سوف أذكرها باختصار).. الأجزاء هي:‏

1 ـ المقدمة (المنظر الأول في المأساة) تنظم على شكل حوار ديالوج (DIALUG) أو مونولوج (MUNOLUG)..‏

2 ـ المدخل: (دخول الجوق الموسيقي (الأوركسترا)‏

3 ـ فاصل من الإنشاد تؤديه الجوقة (الابسيدون) يعرف أرسطو في كتابه فن الشعر ترجمة د. بدوي عبد الرحمن/ص 128 ـ 129 ـ الابسيدون: الجزء من المأساة الذي يقع بين نشيدين كاملين تنشدهما الجوقة.‏

4 ـ الخاتمة: ويعرفها أرسطو أيضاً في كتابه المذكور بأنها ذلك الجزء الذي لا يتبعه نشيد (أغنية جماعية تنشدها الجوقة) وبمعنى أسهل: الجزء الذي يأتي بعد الابسيدون. ويتميز هذا الجزء بظاهرتين.. (الأولى: خطبة الرسول، والثانية: ظهور الآلهة).. ولعل هذه الأجزاء تبدو أكثر وضوحاً كما في المسرحيات (المستجيرات لأسخيلوس، وهي من أقدم المآسي التي تُظهر خصائص المأساة اليونانية عند نشأتها، وهي مأساة بسيطة تعالج حدث واحد، وتعتبر هذه الدراما الجزء الأول من مجموعة ثلاثية مفقودة، ففيها تلعب الجوقة المكونة من خمسين شقيقة هن (بنات دناوس DANANU(13)).‏

ملك مصر الدور الرئيسي، والشقيق التوأم لأيجوبتوس أبو المصريين. كذلك مأساتي سوفوكليس (إياس) و(أنتيجون)..‏
إن وصول المأساة إلى الوضع التي هي عليه الآن، من نمو وتطور حتى بلغت الكمال، وهذا الكمال لم يكن ليبلغ شأوه ويصل إلى هذه المرتبة لولا مجموعة من العوامل تضافرت فيما بينها، وانصهرت في بوتقة واحدة أدت في الأخيرة إلى هذه الحالة. فما هي هذه العوامل التي أدت إلى ظهور المأساة وتطورها؟ ـ أجمع الباحثان: د. محمد صقر خفاجة والأستاذ عبد المعطي شعراوي في كتابهم/(14)المأساة اليونانية/ الصادر عام 1963 في مصر (الجمهورية العربية المتحدة يومذاك) أن العوامل الرئيسية التي أسهمت في ظهور المأساة هي: عوامل سياسية ـ عوامل اقتصادية ـ عوامل دينية ـ وعوامل أخرى مساعدة منها ما هو (بيئي ـ اجتماعي) ونحن سنكتفي بالعوامل الرئيسية الثلاثة، وبتصرف مختصر كما ورد في الكتاب المذكور.‏

1 ـ العوالم السياسية:‏

من المعروف أن إقليم أتيكا الكبير هو ناتج عن تجمع أو توحد مدن هامة مثل (سيكوون وكورينثة وأتيكا وأثينا) تحت لواء حكومة واحدة في القرن السابع قبل الميلاد. وذلك بفضل ما وهبته الطبيعة من حدود بحرية وجبلية منيعة أشعرت سكانه بضرورة الاتحاد. وكانت غلات أتيكا تكفي سكانها في أول الأمر؛ ثم بدأت تشعر بحاجتها الشديدة إلى كميات إضافية من المستلزمات الزراعية مثل/الخضار والبقوليات والقمح بصورة خاصة/..وكان حكام أتيكا يعيشون عيشة أرستقراطية، ويحيون حياة ناعمة، بينما كان الفلاحون يرزحون تحت أعبائهم الثقيلة ويتضورون جوعاً، إذ كانوا يقدمون أراضيهم رهناً لهم، وإذا لم يستطيعوا استرداد أراضيهم أصبحوا عمالاً زراعيين فيها، وإذا تراكمت الديون أصبحوا عبيداً أذلاء.

وكان لابد من ظهور مشرع حكيم مثل ((سولون)) 594 ق.م ليسن القوانين ويوفق بين طبقة الشعب والطبقة الأرستقراطية. فوضع قانوناً يحفظ للمدين حريته إذا لم يستطع أداء دينه، كما سمح للمواطنين الأحرار الفقراء بالإدلاء‏
بأصواتهم في الانتخابات الخاصة بشغل الوظائف العليا في الدولة. وهكذا أحدث سولون تغيراً كبيراً في المجتمع الاثيني عندما أفسح الميدان السياسي لأفراد لم تجر في عروقهم دماء الأبطال. ولم يقنع الفلاح الأتيكي بهذه الامتيازات‏
التي حققتها لـه قوانين سولون بل دفعته هذه النظم إلى المطالبة بحقوق أكثر، وانتهز أحد الأرستقراطيين الفرصة وأراد أن يضرب عصفورين بحجر، أراد أن يتغلب على خصومه من الطبقة الأرستقراطية، وأن ينقذ نفسه من براثن الشعب الثائر، ولم يكن ذلك الأرستقراطي سوى ((بيسيستراتوس)) الذي تزعم الشعب ودافع عن مطالبه ثم نصب نفسه حاكماً بعد أن انتقم من منافسيه وقُضي على كثير منهم بالقتل أو النفي. وعمل على استتباب الاستقرار، ووزع أراضي النبلاء على الفلاحين الذين سبق أن حررتهم قوانين سولون. وهكذا عم الرخاء في عهده واكتسب حب الشعب بمضي الزمن وخاصة بعد أن تبنى عبادة الإلهة ((ديونيسيوس)) وعمل على نشرها، وقد اندفع العامة نحو عبادة هذا الإلهة الجديد، وكأنما أرادوا بذلك أن ينتقموا من الأسر الأرستقراطية بصورة جديدة، فعبدوا إلهاً غير ألهتهم. وظل بيسيستراتوس، منذ أن قبض على زمام الحكم عام 561 ق.م ومع وفاته تولى ابنه ((هيبياس)) سدة الحكم، ولكن هيبياس سرعان ما فقد حب الشعب وتقديره. انتهز وزيره ((كليشثنيس)) الفرصة واستولى على الحكم بمساعدة ملك إسبرطة وتم طرد هيبياس.. لكن ملك إسبرطة القوي لم يول كليشثنيس بل ولَّى ((اساجوراس)) الأرستقراطي الذي وافقت عليه أغلب الأسر الأرستقراطية. حاول أساجوراس تغير القوانين التي وضعها سولون وبيسيستراتوس لصالح الطبقة الأرستقراطية فثار الشعب واختار ((كليشثنيس)) حاكماً عاماً عليهم، فقسم المواطنين وفقاً لأقسام المدينة الجغرافية وأجرى تعديلات شاملة طالت القوانين والنظم الداخلية لكي تتيح لأغلب أفراد الشعب الاشتراك في الحكم وصارت الديمقراطية حقيقة واقعة.

لكن هذه الديمقراطية الناشئة تعرضت لخطرين عظيمين هما: خطر إسبرطة وخطر الفرس. وقد استطاع الاثينيون أن يهزموا الفرس في معركة (ماراثون البرية عام 490 ق.م) وبحراً في معركة (سلاميس عام 480 ق.م). وبعد هذه الحروب الفارسية أصبحت أثينا أعظم مدن العالم والمركز الرئيسي لأكبر وأعظم إمبراطورية في تاريخ العالم القديم. ويعتبر انتصار أثينا في معركة ماراثون ومعركة سلاميس سبباً في تدعيم النظام الديمقراطي. وظهرت أثار هذه الديمقراطية في الحياة النيابية فأصبحت سلطة كل من مجل (الاريوباجوس ومجلس الشيوخ محدودة) وأنشأت الجمعية الوطنية من عامة الشعب، وأصبحت هذه الجمعية تناقش المشاكل السياسية وأمور الدولة الأخرى، وكذلك تعارض قرارات مجلس الإريوباجوس ومجلس الشيوخ، وهكذا زالت سلطة الحزب الأرستقراطي وتوطدت أسس الديمقراطية وخاصة بعدما تولى ((بريكليس)) زعامة أثينا والشعب لمدة ثلاثين عاماً.‏

2 ـ العوامل الاقتصادية‏

المجتمع الأثيني مزيج غير متجانس من الناس قوامه 150.000 ألف نسمة تقريباً، منهم 40.000 نسمة لا يتمتعون بحق المواطنة، كما أن عدد العبيد والأرقاء حوالي 10000 آلاف نسمة، وكانت ملكية الأراضي قاصرة على الأثنيين المتمتعين بحق المواطنة، وظل نظام الإقطاع قائماً حتى جاء بيسيستراوس فوزع ضياع الأرستقراطيين على بعض المواطنين، وبذلك نشأت طبقة من صغار الملاك.‏

ـ كان عدد الأسر التي تعتمد اعتماداً مباشراً على الأرض سبعة آلاف أسرة تقريباً قبل مجيء بيسيستراتوس وبعد التوزيع أصبح عدد الأسر المستفيدة بحدود الـ 10000 آلاف أسرة وزاد الإنتاج الزراعي إلى الضعف، وأصبح يكفي الاستهلاك المحلي مع وجود فائض من الزيت والنبيذ يصدر إلى خارج أثينا. وازدهرت الصناعة والتجارة، وخاصة التجارة البحرية ولعل ذلك يرجع إلى وجود ميناء بيرايوس الهام. وكانت طبقة الصناع من الفقراء، وهم الوحيدون الذين يحق لهم العمل في الصناعة. والكثير منهم فيما بعد تحول إلى طبقة الملاك الصغار. أما العبيد فقد انقسموا إلى ثلاث طبقات: الأولى يشغل أفرادها وظائف عامة وصغيرة (أعمال كتابية ـ وبعض المناصب الإدارية المتواضعة). والطبقة الثانية تتكون من عمال المناجم، والثالثة كانت تقوم بالخدمة في المنازل.

ـ أما عن مستوى المعيشة فكان معتدلاً لأن الحياة كانت تمتاز بالبساطة وتخلو من الضرورات المتعددة، وأما عن الأرض فكان يتوارثها أفراد الأسرة الواحدة وقلما تباع. ولقد راجت في ذلك الوقت تجارتان تجارة الحبوب وتجارة الرقيق.‏
ـ ((15)ولعل الظروف التي مرت بها أثينا في القرن الخامس قبل الميلاد ساعدت على رخائها الاقتصادي، فكان اقتصادها يعتمد في استقراره على صغار الملاك وصغار المنتجين يعاونهم في ذلك أعداد غفيرة من العبيد، وتمدهم المناجم بكميات كبيرة من الفضة والحديد وبعض المناجم البعيدة (الواقعة تحت سيطرة أثينا) بالذهب وغيرها من المعادن. ولاشك أن هذه الظروف الاقتصادية ساعدت على انتشار الفنون والآداب في أثينا وأتاحت للدولة فرصة القيام بأعمال إنشائية وعمرانية رائعة مثل المسارح الكبيرة التي أقيمت عليها الاحتفالات الضخمة في المناسبات الدينية أو القومية، تلك الاحتفالات التي كانت مرتعاً خصباً للشعراء الغنائيين والمسرحيين).

3 ـ العوامل الدينية‏

إذا كانت العوامل الاقتصادية والسياسية قد ساعدت على نشأة المأساة اليونانية فالعوامل الدينية تعتبر النواة الأولى التي نبتت منها تلك المأساة؛ فالدين اليوناني كان يتضمن مجموعة من العقائد والتقاليد يؤمن الناس بها، ولا يحاولون معرفة أصولها. ولم تكن العقيدة عند اليونانيين (الاثينيين) غير (ورع قومي).. وكان لكل ولاية آلهتها الخاصة بها، وكانت مدينة أثينا غنية‏
باحتفالاتها الدينية لا تباريها في ذلك أي مدينة أخرى. وكانت تلك الاحتفالات تقام على مدار السنة تكريماً للآلهة المختلفة، وأهمها عيد (البناثانيا) الأكبر الذي يقام في مدينة أثينا كل خمس سنوات تكريماً للآلهة أثينة. ولم تقتصر العبادة اليونانية على ذلك بل كان لها عدة مظاهر أخرى أهمها الطقوس الدينية التي تعرف ((بالأسرار)) كانت تقيمها طوائف خاصة تتبع تعاليم معينة لا يعرفها أو يطلع عليها إلا أفراد الطائفة الواحدة. هناك ظاهرة دينية أخرى انتشرت بين اليونان، وكان لها أثر واضح في حياتهم. لقد كان اليوناني يعتقد اعتقاداً راسخاً في (النبوءات) وكان يسهر على خدمتها ويكتم أسرارها طبقة من الكهنة، وكذلك انتشرت ((العرافة)) كظاهرة دينية راسخة.‏

وهكذا كانت الآلهة تتحكم في مصير الإنسان وتسيره كيفما شاءت فتجد منه طاعة عمياء. ومرت أثينا بفترة انتقال تصورها مسرحيات سوفوكليس، ففيها تهتز أركان العقائد المتوارثة والتقاليد البالية، ودور الآلهة في مسرحيات سوفوكليس دور الموجه الذي يرشد الإنسان وهو بعيد كل البعد، ولكن مرحلة هدم القديم التي تمثلها مسرحيات سوفوكليس لم تكن إلا تمهيداً لبناء حديث سيظهر فيما بعد في مسرحيات (يوربيدس) الذي آمن بالعقل دون التقيد بالعقائد، والذي تحرر من التقاليد دون أن يقيم وزناً للمحافظين عليها وهكذا كان فالإنسان في رأي يوربيدس سيد نفسه ولا تربطه بالآلهة أية رابطة، يتصرف كيفما شاء ويعرف قدر نفسه كما يعرف الخير فيفعله ويعرف الشر فيجتنبه.‏
هكذا تطور الدين عند قدماء اليونان تطوراً سريعاً في عصور الرخاء الاقتصادي والديمقراطية، فصوره الشعراء أحسن تصوير وأصدقه.‏

ـ سوف أتعرض باختصار لسيرة أشهر شعراء المأساة اليونانية الذين أثروا المسرح العالمي، وقدموا للإنسانية إرثاً خالداً، وأساساً لمسرح مازال مستمراً إلى يومنا هذا، يرفه عنهم.. يُسعدهم، ويزودهم بالمعرفة. كما سأعرض موجزاً لبعض المآسي من أجل توضيح بعض الأفكار التي سقتها أثناء الشرح.‏

أسخيلوس(16)‏

ـ اعتبرت التراجيديا (المأساة(17)).. كلون أدبي مستقل في أواخر القرن السادس ق. م. أي بعد ثيسبيس(18) THESPIS وفي عصر من خلفوه مباشرة: ولعل الأثافي الثلاثة أسخيلوس وسوفوكليس ويوربيدس أعظم شعراء اليونان التراجيديين والتي على أيديهم تطورت التراجيديا حتى صارت جنساً أدبياً متميزاً وبلغ المسرح اليوناني ذورة ازدهاره. على يد العبقري أسخليوس(19) الذي كان أول التراجيديين العظماء، والذي أرسى الأسس الثابتة للمأساة الإغريقية قبل أرسطو بحوالي قرن ونصف من الزمان. لقد كانت المأساة بحاجة إلى جمال المناظر ونقائها، وإلى عظمة الحركة وسحر الأداء المسرحي لتبدو عظيمة، وإلى فلسفة لتزودها بمادة التأمل والقدرة على التخيل والتفكير العميق، واستطاع أسخيلوس أن يقدم كل ذلك لها، وأن يضفي عليها مقدرته الفائقة والعجيبة حين رفع من قدرة وفعل شخصياتها والتي كان عرضها شاحباً من قبل. كذلك حافظ في مسرحياته على قسط عظيم من بساطة الأغاني البكوخوسية والديثورامبوس. وهذا التبدل والتغير الذي طرأ على المأساة جعل من أسخيلوس أبا لهذا اللون العظيم من الأدب. وهنا وجب علينا أن نشير إلى أن أول الممثلين في المسرح اليوناني هما الشعراء أنفسهم الذين أدخلوا نظام الجوقة (الكورس) وقد حدَّ أسخيلوس بعض الشيء من دور الجوقة وأضاف ممثلاً ثانياً، ولعل هذا الممثل الثاني هو أول ممثل محترف في تاريخ المسرح إذ أن الممثل الأول كان هو الشاعر المؤلف نفسه. وكان من الطبيعي أن يحتفظ الشعراء لأنفسهم بالأدوار الرئيسية.‏

ـ (..(20) اتصف أسخيلوس بالأنفة والكبرياء والإباء في مراحل حياته الخاصة والعامة. فنجده قد عزف عن المناصب الحكومية وجميع وظائف الدولة، واكتفى بأن يكون شاعراً واحداً وفي ذلك شرف لا يجاريه شرف. ولعله قد ورث هذا الإباء من أسرته العريقة الأرستقراطية.‏

موت أسخيلوس/457 أو 456 ق.م/‏

لقد دفع أرسطو كثيراً من الباحثين إلى الاعتقاد بأنه كان من المشتغلين بالأسرار الدينية حيثما ذكر أن أسخليوس اتهم بإفشاء هذه الأسرار الدينية المقدسة التي كانت تقام في اليوسيس تكريماً الإله ((أبوللو)) والربة ((ديميتر)) ثم ((لديونيسيوس)) فيما بعد. ولقد رد أسخيلوس على هذا الاتهام بما أثبت أنه لم يكن عالماً تماماً بهذه الأسرار. وأياً كان الأمر فلاشك أنه كان متعمقاً في اعتقاده الديني ومتطرفاً في نزعته الوطنية. وبقي طوال حياته يفخر بأنه ذاك الجندي الذي قاتل ببسالة ضد الفرس وقد نقل لنا ((ول ديورانت)) في قصة الحضارة ما كتب على شاهد قبر أسخيلوس//(21)تحت هذا الحجر يرقد أسخيلوس، الذي تحدث عن بسالته أيكة ماراثون وملك الفرس ذو الشعر الطويل الذي يعرفه حق المعرفة//..

هناك أكثر من حدث أو رواية تتحدث عن موته‏
ـ الأولى: صدر عليه حكم بالنفي من محكمة (الأريو باجوس) لإفشائه أسرار ((اليوسيس)) الدينية كما أشرنا ونفي إلى صقلية، ولشدة حزنه مات في قرية جيلا من ضواحي صقلية.

ـ الثانية: تقول إن أسخيلوس قتل بعد ثلاث سنوات في بلدة جيلا وأن الذي قتله نسرٌ أسقط سلحفاة فوق جمجمته العارية (الصلعاء) فحسبها النسر صخرة، فأراد أن يسقط عليها السلحفاة ليهشم درعها ثم يلتهمها. فدفن أهل جيلا رفاته وكرموها بتمثال فاخر. وفي زمن لاحق وضع الاثينيون، بإيعاز من الخطيب/لوكورجوس LUCURGUS/ تمثالاً برنزياً لـه، وكذلك لكل من سوفوكليس ويوربيدس في المسرح العام. وبقرار من الشعب مُنح كوؤساً ذهبية أو (برونزية أو فضية) عليها رسماً عند كل عرض لتمثيلياته، ومنحوه إكليل النصر كما لو كان ما زال حياً. وحفظت مسرحياته ومسرحيات الشاعرين الآخرين في نسخة خاصة أصلية لصيانتها من التغيرات.

موجز عن أعماله‏

 الفرس: مسرحية مكونة من ثلاثة أجزاء: فينيوس Vinuius ـ الفرس Persoi ـ جلوكوس Gulags‏
ـ سبق أن عالج موضوعها سلفه ((فرونيخوس)) في مسرحيتين متتاليتين على أفكار أسطورية.‏
ـ ربما مسرحية الفرس كانت التراجيدية الوحيدة الكاملة في أعمال أسخيلوس تعالج أحداثاً تاريخية عاشها الكاتب ولعب فيها دوره المرموق كجندي مقاتل في صفوف المشاة الثقيلي العدة ضد الفرس.‏
ـ موضوع المسرحية يدور حول هزيمة الملك الفارسي ((إكسركيس بن دارا)) وتخليد نصر أثينا سنة 480 ق.م. في معركة ((سلاميس Salamis)) البحرية. وأحداث المسرحية تدور في بلاد فارس، وليس في بلاد اليونان، وعلى الأدق في خليج سوسة قرب العاصمة.‏
ـ كان الفرس في عهد الملك ((داريوس Darius أو دارا عند العرب))، قد أغاروا على اليونانيين وانتصروا عليهم في موقعة ماراثون Marathon ثم عادوا، وأغاروا ثانية في زمن الملك ((إكسركيس بن دارا)) إلا أنهم اندحروا في موقعة سلاميس، Salamis البحرية. وهرب إكسركيس تاركاً قيادة الجيوش البرية لأحد القادة. بيد أن هذا الأخير قد مني بهزيمة في موقعة بلاتيا Blataea البرية عام 479 ق.م.‏
ـ المسرحية: بسيطة التصميم وافتتاحيتها غنائية، وربعها الأول يؤدي بالغناء والخطب من قبل الجوق.‏
ـ يرينا المشهد في هذا الربع الجوقة، وهي تمثل (أمناء) أو نبلاء شيوخ الفرس وهم ينتظرون بقلق وخوف وصول أنباء عن الجيش الفارسي بعد أن انقطع لفترة طويلة.

سوفوكليس


أما سوفوكليس(22) الذي أدخل الممثل الثالث استطاع الملائمة بين ثنائية الصراع المؤلفة من القوى العليا ممثلة بالآلهة والمهيمنة على مقادير العالم وإرادة الإنسان التي يتمتع بها. ففي مأساة أنتيجونا مثلاً نلاحظ مثل هذه الثنائية مجسدة في الصراع بين القانون الإلهي والقانون البشري، لقد جعل سوفوكليس‏
من أنتيجونا شخصية صارمة تتمسك بطاعة القوانين السماوية فإذا ما شعرت بشبح الموت يدنو من جسمها النحيل تعلقت بالحياة وعادت إلى سيرتها الطبيعية، وأصبحت امرأة من البشر وعندئذ نشفق عليها بعد أن كنا نشفق على كريون../(23)... ويظهر أن ادب سوفوكليس يعنى بالطبيعة الإنسانية أكثر مما يعنى بالطبيعة الإلهية، ويرفض كل ما هو خارق للطبيعة. فكل شيء لديه إنساني حتى أخلاق الآلهة وتصرفاتهم تأخذ مظاهر إنسانية طبيعية استطاع سوفوكليس أن يلائم بين العقل والقلب. وبين الإنسان والآلهة وخلف لنا مسرحاً مثالياً وأدباً متزناً نشعر فيه بالصفاء الروحي../ونخلص إلى أن سوفوكليس هذّب من المأساة وهو أول‏
من أدخل مفهوم الوشاية أو الدسيسة//.. يقول د.عرسان في كتابه الهام سياسة في المسرح ص 80، 81، 82: كان سوفوكليس أول من أوجد الدسيسة أو المؤامرة.. وأول من استخدم المناظر المسرحية استخداماً كاملاً بحكم حاسته المسرحية القوية، وإدراكه لقيمة المؤثرات. فهو في مسرحية الكترا يحضر جثة كليتمنسترا أمام ايغستوس على أنها جثة أورست، وعندما يكشف ايغستوس الغطاء عن الجثة يعرف خطأه ومصيره..//لقد عني برسم شخوص مسرحياته وحمَّلها مصيرها على مستويات عدة نفسية وجسمية وعقلية وبين لها سرَّ ضياعها وانهزامها وتلاشيها، ولهذا نجد أن أرسطو اعتبر أن مسرحية أوديب الملك أجمل المآسي وأكملها في التراث اليوناني على الإطلاق.

يوربيدس(24):


وثالث الأثافي هو الشاعر يوربيدس الذي أنسن المادة وهبط بها من عالم الآلهة وأنصاف الآلهة إلى الأرض حيث‏
الإنسان. لقد عدل التراجيديا حتى في عناصرها الأساسية، ولم يتمسك بالتقاليد التي كان سوفوكليس متمسكاً بها، ففقدت التراجيديا كل أثر من الطابع القديم التي كانت محتفظة به وصارت تنحو نحو الحداثة في وقتها شيئاً فشيئاً على مستوى الحدث المعالج والشخوص. كما كان يوربيدس مستقلاً عن الدين لدرجة الإلحاد والفلسفة والسياسة لهذا نجده قد قرَّب إليه الطبقات الدنيوية مثل العبيد والفلاحين وصغار الكسبة من العاملين وصغار الجند والأسرى وأدخلهم في مسرحه لهذا واجه استنكاراً واحتجاجاً من علية القوم من ملوك وقادة وكهنة.

الهوامش‏

(1) بتصرف تاريخ المسرح /الجزء الأول ـ فيتو باندولفي ـ ترجمة الأب إلياس زحلاوي 1981 ـ وزارة الثقافة السورية.‏

(2) بتصرف شلدون تشيني/المسرح ثلاثة آلاف عام الجزء الأول/.. وزارة الثقافة السورية ـ ترجمة حنا عبود.‏

(3) راجع سياسة في المسرح لعلي عقلة عرسان ص 54 منشورات اتحاد الكتاب العرب 1978 دمشق/.. راجع كتاب مسرحيات أسخيلوس ترجمة أمين سلامة مكتبة مدبولي القاهرة الطبعة الأولى 1409 هجري ـ 1989م.‏

(4) المؤلف بتصرف عن تاريخ المسرح ـ الجزء الأول ـ ترجمة الأب إلياس زحلاوي ـ منشورات وزارة الثقافة ـ عن سلامة أمين ـ مسرحيات أسخيلوس ـ إصدار مكتبة مدبولي ـ القاهرة 1989 ـ عن سياسة في المسرح ـ علي عقلة عرسان ـ منشورات اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1978 ـ ومراجع عديدة أخرى.../.. التراجيديا: كلمة يونانية الأصل مأخوذة من كلمتين ـ تراجوس TRAGOS ـ أي العنز (الماعز) وأُدي ـ ODEY وتعني غناء أو يغني، وبدمج الكلمتين ونحتهما نتجت كلمة تراجيديا (غناء العنز).. ولهذه التسمية أسباب تتعلق بنشأة المسرحية كفن في شبه الجزيرة اليونانية القديمة. إذ يحكي أن ((ديونيسيوس أو باخوس)) إله الخمر والنشوة حينما هبط من جبال تراقيا الوحشية إلى هيلاس.. وفي رواية أخرى أنه وفد من آسيا الصغرى، كان يتجول في السهول والحقول والوديان، ويشرب الخمر ويغني ويرقص وهو يرتدي ملابس صنعت من جلود الماعز. وحينما غدا رباً للأدغال والحقول والخصوبة بسلطة خاصة ترفع البشر الفانين للمشاركة بالغبطة الإلهية. اتخذه شعب اليونان إلهاً خاصاً نحو عام. أصبح لـه أتباع يجالسونه ويشربون الخمر معه، ويغنون معه ويرقصون معه ويلبسون مثل لباسه (جلود الماعز)... ولذلك سميت أغانيهم بالديترامب DITHRAMP DITAMPUS ـ وهي التي نشأت منها التراجيديا (المأساة تحديداً).‏

(5) راجع كتاب دراسات في المسرحية اليونانية ـ تأليف د. محمد صقر خفاجة ـ صفحات 35، 36 ـ الجمهورية العربية المتحدة ـ القاهرة/... راجع أيضاً مجلة ثقافة المصرية العدد 57 ـ آب ـ أغسطس ـ عرض عن الكتاب ـ ضياء الشرقاوي/..

(6) المرجع السابق.‏

(7) للمزيد راجع الممثل في المسرح القديم ـ تاكيس موزينديس ـ مجلة المسرح ـ العدد 71 إبريل ـ نيسان 1970 ص 39.‏

(8) هوميروس: شاعر يوناني صاحب ملحمتي الإلياذة والأوديسة والتي يعتقد أنه قام بجمعها مما هو شفوي متداول على ألسنة العامة من الشعب وأضاف إليهما. الأولى موضوعها غزو جيوش اليونان لطروادة بقيادة أجاممنيون لاستعادة هلين زوجة أخيه الملك منيلاوس التي اختطفها باريس من بريام ملك طروادة.. تنتهي بانتصار اليونانيين وبهدم طروادة وسبي نسائها وموت بطل أبطالها هكتور. أما ملحمة الأوديسة فهي تصور عودة البطل أديسوس وما تعرض لـه من مخاطر في طريق العودة، وما كان يجري وقتها في اليونان... راجع سياسة في المسرح لعلي عقلة عرسان ص 54 منشورات اتحاد ااكتاب العرب 1978 دمشق/.. راجع كتاب مسرحيات اسخيلوس ترجمة أمين سلامة مكتبة مدبولي القاهرة الطبعة الأولى 1409 هجري ـ 1989م.‏

(9) يختلف مصدر نشأة الكوميديا (الملهاة) عن نشأة التراجيديا (المأساة) وبالتالي تختلف وظيفتها، فهي لم تنشأ في أحضان الدين، أوفي تطور الطقوس الدينية، ولهذا السبب لم تحظ ولفترة طويلة باحترام كامل إلا بعد أن أسس لها ((أرستوفانس)) وثبت وجودها الجاد ولا سيما في عهد ((كليون)) تاجر الجلود الذي تولى الحكم في أثينا بعد ((بربكليس العظيم))، ووصل إلى السلطة نتيجة الرشوة وشراء الضمائر، ومن ثم سخر حكمه لخدمة مصالحه الشخصية، وأشعل الحروب ليثرى منها، فهو تاجر حروب أيضاً. نشأة الملهاة من الطقوس الشعبية (كوموس أتيكا) وهذه الطقوس كان يقوم بها مجموعة من المهرجين (الضحَّاكين) العابثين حيث ينتظمون في مواكب يرددون أغاني وأشعارا لا يُعرف اسم مؤلفها، والتي تمجد (ديونيسيوس).. ومن كلمة كرموس أخذت الملهاة اسمها في اللغات الأوربية أي الكوميديا. والكوميديا مؤلفة من كلمتين ((كوموس)) أي الجوق العابث الهازل (وأوديا) أغنية ومن تلك الأغاني تطورت الملهاة./بتصرف راجع سياسة المسرح لعلي عقلة عرسان ص 56 منشورات اتحاد الكتاب العرب 1978 دمشق/..‏

راجع/المأساة الحديثة ـ ريموند وليامز ـ ترجمة د. سميرة بريك ـ منشورات وزارة الثقافة ـ 1985/.. راجع الملهاة السوداء صفحات 17 ـ 23 ـ ج. ل. ستيان ـ ترجمة منير صلاحي الأصبحي ـ منشورات وزارة الثقافة 1976/..‏

(10) من أثنيا. من أوائل التراجيديين الذين لم تبق من كتاباته إلاَّ شذرات لا يعتد بها. ازدهر اسمه بين عامي 512 إلى 476 ق. تقريباً ـ راجع/أسخيلوس ـ مسرحيات ـ ترجمة أمين سلامة ـ مكتبة مدبولي القاهرة ص 8 ـ ط أولى 1989 م/ راجع قصة الحضارة: ول ديورانت ـ جـ 2 ص 264/... أرسطو فن الشعر ـ ترجمة عبد الرحمن بدوي../..‏

(11) راجع/أرسطو، فن الشعر ـ ترجمة عبد الرحمن بدوي/..‏

(12) راجع مجلة الثقافة المصرية العدد 57/آب ـ أغسطس 1964/.. راجع كتاب المأساة اليونانية ـ تأليف د. محمد صقر، وعبد المعطي شعراوي ـ القاهرة ـ 1963.‏

(13) المستجيرات هي أقدم المآسي التي نظمها أسخيلوس وتتألف من ثلاثة أجزاء/ مفقودة عدا الجزء الأول).. ـ راجع/أسخيلوس ـ مسرحيات ـ ترجمة أمين سلامة ـ مكتبة مدبولي القاهرة ص 18 ـ ط أولى 1989م/.

(14) راجع مجلة الثقافة المصرية العدد 57/آب ـ أغسطس 1964/.. راجع كتاب المأساة اليونانية ـ تأليف د.محمد صقر، وعبد المعطي شعراوي ـ القاهرة ـ 1963/راجع المأساة الحديثة ـ ريموند وليامز ـ ترجمة د. سميرة بريك ـ منشورات وزارة الثقافة ـ 1985/.. راجع الملهاة السوداء ـ ج. ل. ستيان ـ ترجمة منير صلاحي الأصبحي ـ منشورات وزارة الثقافة 1976/.. راجع المسرح ثلاث آلاف سنة ـ شلدون تشيني../.‏

(15) راجع مجلة الثقافة المصرية العدد 57/آب ـ أغسطس 1964/.. راجع كتاب المأساة اليونانية ـ تأليف د.محمد صقر، وعبد المعطي الشعراوي ـ القاهرة ـ 1963/راجع المسرح ثلاثة آلاف سنة ـ شلدون تشيني../منشورات وزارة الثقافة السورية ـ ترجمة حنا عبود ـ 1998م/..

(16) أسخيلوس ولد في غليوسيس Eleusis قرب أثينا حوالي 525 ق.م ـ بعض المصادر 524 ق.م. وكان والده (يوفوريون) شهد عصر الطغاة في أثينا ولذا شب وهو يتنسم مبادئ الحرية السياسة في ظل الديمقراطية الاثينية. شارك في معارك عدة ((معركة ماراثون Marathon)) حيث قاتل في صفوف المشاة الثقيلي العدة ضد الفرس على الرغم من خسارة اليونان المعركة، ومقتل أخيه ((كنجريوس)) إلا أنه عاد وحارب في موقعة ((سالاميس، Salamis)) وهي المعركة الثانية بين الإغريق والفرس 480 ق.م وقد انتصر فيها اليونان انتصاراً ساحقاً على الفرس، وقد سجلها في مسرحيته المشهورة/الفرس/. وشارك أيضاً كمحارب في موقعة بلاتيا Blataea 479 ق.م/المصدر السابق.. أو راجع مجلة الثقافة المصرية العدد 57 ص 35 آب 1964م../ راجع مجلة المسرح المصرية العدد السابع عشر أيار ـ مايو 1965/.. أعماله: بعض المصادر تذكر أن أسخليوس ترك لنا ما يقرب من سبعين مسرحية من مؤلفاته ومصادر أخرى تذكر لنا أنه ترك لنا 90 مسرحية ولم يصل إلينا منها سوى سبع مسرحيات هي/الفرس 472 ق.م ـ سبعة ضد طيبة 467 ق.م ـ الضارعات أو المتضرعات 490 ق.م وهي جزء من ثلاثية ـ برومثيوس مغلولاً (المقيد) 479 ق. م. فقد جزئها الأول والثالث وبقي الثاني ـ ثلاثية الأوريستيا 458 ق. من وهي المسرحية الوحيدة التي وصلت إلينا كاملة.‏

ـ يقول أرسطو في كتاب فن الشعر عن/أسخيلوس أول من رفع عدد الممثلين من ممثل واحد إلى اثنين وقلل من أهمية الكورس وجعل المكانة الأولى للحوار/.. راجع أرسطو فن الشعر ـ ترجمة وعرض عبد الرحمن بدوي. يقول علي عقلة عرسان مضيفاً/.. لقد زاد أسخيلوس عدد الممثلين إلى اثنين وأدخل الأقنعة والملابس المزركشة وخفف عدد الجوقة من مائة وعشرين مغنياً إلى خمسين./راجع سياسة المسرح لعلي عقلة عرسان ص 56 منشورات اتحاد الكتاب العرب 1978 دمشق/..

(17) يمكن أن نترجم التراجيديا إلى مأساة. ولكن بعض النقاد والدارسين يحبذون وقف استعمال هذا المصطلح على النصوص اليونانية وما هو في مستواها ومنحاها. حيث يكون الصراع في التراجيديا بين الإنسان وبين قوى أكبر منه. خارجه عن محيطه.. أما المأساة فقد أصبحت فيما بعد قضايا اجتماعية وعائلية وينحصر الصراع فيها بين شخصين عظماً أو صغراً أو بين عاطفتين بين القلب والعقل، أو بين اتجاهين لتحقيق هدف حياتي، وتكون نتيجة هذا الصراع أليمة والمعالجة جادة في كل من الجنسين. وهناك من يضع مواصفات خاصة للبطل التراجيدي والمشكلة التراجيدية، ويجد أن علة البطل التراجيدي ونهايته الفاجعة تكمن في تكوينه./راجع سياسة المسرح لعلي عقلة عرسان ص 55 منشورات اتحاد الكتاب العرب 1978 دمشق/..

(18) ازدهر في حوالي 534 ق.م. وهو أول من أوجد الممثل الأول (هيبوكرتس) وانفصل عن الكورس وحاوره.. و(هيبوكرتس Hypocrites) لفظة تعني المجيب وتطورت فيما بعد إلى لفظة الممثل/راجع كتاب مسرحيات أسخيلوس ص 7 ترجمة أمين سلامة مكتبة مدبولي القاهرة الطبعة الأولى 1409 هجري ـ 1989م../ راجع الممثل في المسرح القديم.. تاكيس موزينديس.. مجلة المسرح العدد 71 ص 38 ـ نيسان ـ أبريل 1970/.. كما عرف ثيسبيس بأنه صاحب المسرح المنتقل على عربة أو صاحب العربة المنتقلة، حيث كان هو وفرقته يتجولون في القرى والمدن ينتقلون من ساحة إلى ساحة ويقدمون عروضهم على عربة/راجع سياسة المسرح لعلي عقلة عرسان ص 56 منشورات اتحاد الكتاب العرب 1978 دمشق/.

(19)‏
(20) راجع/أسخيلوس ـ مسرحيات ـ ترجمة أمين سلامة ـ مكتبة مدبولي القاهرة ص 9، 8، 10 ـ ط أولى 1989م/راجع كتاب المأساة اليونانية ـ تأليف د. محمد صقر، وعبد المعطي شعراوي ـ القاهرة ـ 1963 ـ

(21) راجع قصة الحضارة، ول ديورانت، ترجمة محمد بدران ص 267 ـ اليونان.

(22) يقسم علماء اللغة تاريخ المسرح اليوناني فيما يتعلق بالصلة بين الشاعر والممثل إلى ثلاثة عصور:‏

1 ـ العصر السابق لاسخليوس حينما كان الشاعر والممثل شخصاً واحداً.

2 ـ عصر أسخليوس: حينما كان الممثل والشاعر يظهران معاً على المسرح.‏

3 ـ عصر سوفوكليس: حيث نرى ممثلين اثنين مع الشاعر حتى يتخلى هذا عن مكانه لممثل ثالث. أما بعد سوفوكليس فقد كف الشعراء عن التمثيل واكتفوا بإخراج رواياتهم حتى أتى وقت تخلوا فيه عن هذه المهمة أيضاً../يقول سويداس أن سوفوكليس نظم مائة وثلاثاً وعشرين مسرحية وقد وصلنا من أعماله سبع مسرحيات ليس غير/أوديب الملك ـ أنتيجونا 442 أو 441 تاريخ عرضها ـ الكترا ـ إياس ـ أوديب في كولونا ـ المرأة الترافينية ـ فيلوكتيتس ـ/.. ولادة سوفوكليس عام 495 ق.م في قرية كولوناس قرب أثينا في الفترة التي ازدهرت فيها اليونان في شتى الميادين.‏

(23) راجع سياسة في المسرح لعلي عقلة عرسان ص 56 منشورات اتحاد الكتاب العرب 1978 دمشق/..‏

(24) ولد في غمرة انتصار اليونانيين على الفرس في معركة سلاميس سنة 480 ق.م ـ كتب 92 مسرحية وبعض المراجع تذكر 75 مسرحية لم يصلنا منها إلا 19 مسرحية بينها ملهاة واحدة والبقية مآس... نذكر بعض المسرحيات: الكستيس 438 ق. م ـ ميديا 431 ق.م ـ تتويج هيبولوتوس 428 ق.م ـ الطرواديات 415 ق.م ـ هيلينا 412 ق. م أورستيس 408 ق.م ومسرحيات أخرى مجهولة التاريخ مثل: أندروماخي ومسرحية جنون هرقل وغيرها.‏


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى