الخميس ١٨ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

الوَصيَّةٌ

محمود العبسي

إذَا مِتُّ
تَبَرَّعُوا بِجَسَدِي الهَزِيل
تَبَرَّعُوا بِهِ مِثْلَ قِطَعِ غِيارٍ تَصْلُحُ لِلْاشْتِغَالِ
تَبَرَّعُوا بِهِ مِثْلَ أَثَاثٍ قَدِيمٍ يَصْلُحُ لِلْاسْتَعْمَالِ
تَبَرَّعُوا بِأَنْفِي الكَبيرِ
لَدَيَّ حَاسَّةُ شَمٍّ
تُضَاهِي كَلْبَ صَيدٍ مُدَرَّبٍ
بِوسْعِ كُلِّ مَنْ سَيَسْتَخْدِمَهُ
أَنْ يَشُمَّ رَائِحَةَ الخِيَانَاتِ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ.
تَبرَّعُوا بيَدَيَّ الكَبِيرَتَيْنِ
لَدَيَّ حَاسَّةُ لَمْسٍ
تُضَاهِي قَبْضَة مَلَكِ المَوتِ أَو مُلَاكِم مَاهِرٍ
بِوَسْعِ مَنْ سَيَسْتَخْدِمُهمَا
أَنْ يُمْسِكَ نَيَازِكَ أَحْلَامِهِ
قَبْلَ سُقُوطِهَا فِي الصَّحَارَى
أَنْ يَقْطُفَ حِزْمَةَ عُشْبٍ
وَهوَ يَرْكُضُ خَلْفَ طَائِرَتِهِ الوَرَقِيّة فِي البرارِي.
تَبرَّعُوا بِعُضْوي الذَّكَريِّ الَّذي تَجَاوزَ رُكْبَتَيّ
وَصَارَ يلْمسُ القَاعَ
عنْدَمَا تَعِبْتُ وضَعْتهُ علَى كَتِفيَّ
وأَكْمَلتُ الطَّريقَ
عُضْوِي الَّذِي حَسَدَنِي عَلَيْه أطْفَالُ الحَيِّ
وَآشْتهَتهُ السَّائِحَاتُ
وَقَفَزَتِ المُومِسُ مِنَ الشُّبَّاكِ الضَّيّقِ
عندَمَا دَخَلْتُ عَلَيهاَ عَارِياً كَرُهْبَانٍ
مَنْ سيَسْتخْدِم هَذا العمْلَاق سَيكُونُ سَعِيد
الحَظِّ.
تَبَرَّعُوا بِجَسَدِي الهَزِيل
فِيهِ أَشْيَاءٌ تَصْلُحُ لِحَيَاةٍ أخْرَى
مِثْلَ رِئَتَيَّ فَهُمَا تُخَزِّنَانِ الهَواءَ كَقرْشٍ
وَكَشَجَرَةِ تينٍ
وَمِثْلَ عَينَيَّ فَهُمَا تَلْمَحَانِ
مَا تَحْتَ الأَشَّعَةِ الحَمْرَاءِ
وَمَا فَوْقَهاَ مِنْ جَمَالِياتٍ وَعشْوَائِياتٍ
وَمِثْلَ كِلْيَتَيَّ فَهُمَا فِي سِعَةِ صَبْرِ نَاقَةٍ
لَمْ تَشْرَبْ مُنْذُ الصَّيْف الفَارطِ
وَمِثْلَ خصْيَتَيَّ فهُمَا مُبَارَكَتَانِ لِلْمُحَافظَةِ
عَلَى نَسْلِ القَبيلَةِ.
تَبَرَّعُوا بِي:
مَا عَدَا قَلْبِي فَهوَ لَمْ يعُدْ صَالِحاً
لِلاسْتَعْمَالِ وَالاشْتِغَالِ
لِأَنَّ إحْدَى العَابِرَاتِ
جَعَلَتْ مِنْهُ حِذَاءً ثُمَّ رَمَتْهُ مِنْ أَعَالِي البِنَايَةِ.

محمود العبسي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى