الثلاثاء ٥ آب (أغسطس) ٢٠٠٣

براءة أنثى

ماجدة إبراهيم ـ كاتبة مصرية ومحررة في جريدة " الأحرار " المصرية

عيناه تبدو لها ذئبا جائعا يتلهف لافتراس ضحيته سنواتها الثمانية لا تستطيع أن تترجم ما يريده .. .مجرد النظر الى عينية يشعرها برعب لا تقاومه ..

تتساقط منها الكلمات عندما تجده أمامها ولا تعلم كيف الفرار من رؤيته ..

عمله كبواب العمارة التى تسكنها واهلها تجعله يراها فى هبوطها وصعودها ..

حاولت ان تفلت من تحرشه بها ..
لكنه كان دائما الاقوى رغم نحافته وهيئته المتواضعة !!
لم يكن ذلك الرجل مفتول العضلات ..
ولا حتى طويل القامة.. مجرد رجل فى الثلاثين من عمره يحمل بين ضلوعه قلب ثور هائج ..
يقهر البنات الصغار بحديثة !!
الذى يبدو( لهند ) فحيح ثعبان ..
أو لسعات برد على جسد تتمزق عنه الملابس فى ليلة قارصة البرودة فتصيب صاحبها بانتفاضة تخلع القلب من بين ثناياه ..
كانت تكره أن يطلب منها والدها النزول لشراء بعض الاغراض ..
ولأنها البنت الصغرى فعليها تنفيذ الاوامر بلا مناقشة..
فلا يوجد من يقوم بمهمة شراء الطلبات كالعيش و البقالة سواها ..
حتى اذا ما فرغت أنبوبة البوتاجاز كان عليها النزول لكى تنادى البواب لاحضار انبوبة اخرى.

هذه المهمة من المهمات الملقاة على بوابى العمارات الكبيرة
وكم كانت تشعر بدمائها تتجمد فى عروقها ولا تكاد تأخذ نفسها ..
تختلط دمائها الحمراء بلون اصفرار بشرتها فتبدو لكل من يراها أنها فتاة مريضة !!

حاولت اعلان رفضها وعصيانها للاوامر بحجة أنها الفرد الوحيد فى الاسرة المكلف بكل الاعباء الشرائية ..التى تمقتها !!
لكن حتى هذا العصيان لم يفلح فى جميع الاحيان وتخذلها دموعها التى تسكبها انهارا فى مواجهة نظرات الاب الصارمة أو كلمات الام الحاسمة!!

..تذكر أن عم محمد البواب كما كان يناديه السكان
يعاملها بلطف كلما صعدت وهبطت..
رغم انها تسكن فى الدور الخامس الا انها كانت تفضل النزول على قدميها وعدم انتظار الاسانسير ولكنها فى صعودها تحرص على انتظاره !!
..ولا تعرف منذ متى وهى تحمل بين ضلوعها كل هذا الكرة لعم محمد ؟!
..انما الشىء الذى تدركه يقينا أنها تنفر من رائحته كلما حاول أن يقبلها ..
لا تدرى لماذا كانت تسمح له بذلك ؟!
ربما خوفا من ذلك الفحيح الذى تصدره أنفاسه
أو تلك اللزوجة القميئة التى تخرج مع كلماته المبللة بعرق ذو رائحة عطنه ..
لن تنسى هذا اليوم الذى قررت بعده أن تلزم حجرتها حتى ولو ضربوها ..
أو عاقبوها باشد عقوبة ممكنة .!!.
كانت فى انتظار أنبوبة البوتجار كما أمرتها والدتها فى فناء العمارة..
ولان عم محمد يحتفظ بالعبوات المملؤة بالغاز فى مخزن فى منور العمارة..
فقد دعى هند الى دخول المخزن معه..
لم ينتظر ترددها الطفولى
ولم يستوعب خوفها البرىء.. سحبها من يديها ..
فخذلتها قوتها التى حشدتها فى مواجهة غريزة رجل ذو ضمير حيوانى..:
رجته بعينيها الدامعتين بعدما التصق لسانها داخل فمها..
شعرت أنه بكل ما يملكه من قوة قد استطاع أن يخيط شفتيها !!
حتى لا تصرخ..
أو تستغيث ..
أو حتى تعترض !!
وظل يهيل كلماته المسمومة على مسامعها ( كم يشتاق اليها ..كم يعشق النظر الى عينيها ..هى حيببته الوحيدة ولكل حبيب على محبو بته حقوق ..كلمات لا تعلم عددها من كثرتها !!
ولا تعرف معناها من صعوبتها!!
ولكنها تدرك بقلب أنثى انها كلمات شريرة ..
وما تؤكده عينيها أنه كان ياتى بحركات مقززة لها
يضع يدية على مناطق حساسة من جسده..!!
تعلم جيدا أن والدتها قد نهرتها ذات مرة عندما سألتها لماذا يبدو أخى (حسين ) مختلف فى طريقة تبوله عنى ..

فلم تنجو من دوى قلم اطاح برأسها ..حتى ظنت أن رأسها قد شطر الى نصفين..
ووصفتها والدتها أنها بنت قليلة الادب ومنذ ذلك الحين وهى تدرك أن هذه المنطقة عند الولد والبنت عيب
ظل يهوى بكلماته على اذنيها وعندما ظن ان الوقت قد حان للانقضاض وان الفريسة قد استسلمت شدها الى صدره..
الا ان قدرتها على المقاومة كانت اكبر مما تصور..
فالتهب عقله المريض وتغيرت لهجته الفحيحية السامة الى لغة تهديد ووعيد( أنه سيقول لوالدها انها فتاة وحشه وقليلة الادب وأن كل الأولاد فى العمارة يقومون بتقبيلها)
اوحى لها ..ان والدها سيصدقة لانه بواب العمارة وصديق والدها وهو الذى يثق فيه جميع السكان !!
تخيلت لبرهة كيف يكون حالها عندما يكتشف والدها أن رجلا غريب قام بتقبيلها أو ان تصدق امها أنها فتاة قليلة الادب وكيف تستطيع أن تواجه نظرات أطفال العمارة التى تسكنها ..حتما ستمتنع عن اللعب معهم وسوف يحرمها والدها من المصروف لفترة طويلة ..

وبالطبع لن تنجو من علقه ساخنة لم تتذوق مثلها من قبل !!
حاولت أن تغمض عينيها حتى لا ترى رائحته التى تسيطر على كل سنتى متر من جسدها الذى تحول الى قطعة من القماش البالى ..

بدأ فى افتراس شفتيها لكنه توقف عندما شعر بأنفاسها لا تكاد تخرج من صدرها ..
هزها بشدة عند تحجر مقلتاها ..حاول أن يلطف من طريقته معها
فلم تتمالك نفسها من البكاء الذى وصل الى حد الصراخ ..صرخت وصرخت ..
صرخت كما لم تصرخ من قبل
صرخت حتى ظنت ان صوتها لا يصل الى مسامعها ..
وأنها قد أصابها الصمم.. وكلما حاول أن يكتم صوتها زادت فى صراخها حتى أصابه هلع جعله يرميها من بين ذراعية ويخرج مرتبكا محاولا الامساك بأعصابه المنفلتة ..يسترق البصر والسمع عله يجد من لاحظ صراخها أو احس باى حركة غير عادية فلم يجد ..فاطمأن..عاد اليها فوجدها تتسمر فى مكانها وقد تلون وجهها بلون بعيد كل البعد عن معالم الحياة ..
لا تعرف لماذا لم تهرب أو تضربه باى شي ء ..كل الذى تدركه فى ذاكرتها هذا اليوم أنها قد كرهت كل الرجال واصبحت تتعامل بجفاء مع جميع من أتوا بعده ..

تركها تخرج من زنزانته لترى نور الحرية بعد أن حول طفولتها الى أشباح وخيالات كلها تريد النيل منها !!

منذ هذا اليوم لم تخرج هند من حجرتها ..
لم تتكلم الى احد ومهما عاقبها والدها أو صرخت فيها والدتها ..رفضت ان تذهب الى شراء الحاجات ..
رفضت أن تواصل حياتها الطفولية ..
منذ ذلك اليوم لم تلعب مع صديقاتها فى حوش العمارة
رفضت أن تمارس أنوثتها عندما أشرقت ..رغم أن محمد البواب قد ترك العمارة منذ زمن بفضيحة جنسية الا أنها لم تعد بعد هذا اليوم هند الطفلة !!!!!

ماجدة إبراهيم ـ كاتبة مصرية ومحررة في جريدة " الأحرار " المصرية

مشاركة منتدى

  • حضرة السيدة ماجدة

    كنت أتمنى ان تعطي القصة نهاية أكثر قوة .. لا سرد فقط لموقف مؤلم.. القصص تتكرر... و لكن ما عليكم انتم ككتّاب أن تضعوا بين يديّ القارئ بعض الحلول أو بعض محاولات القوة الحقيقية لصوت المرأة المخروس اجبارياً.. و ليس الحل بصرخة عندما تحشر في زاوية..كان من الأفضل ألا تنتهي بالانزواء و الانعزال...

    • السلام عليكم
      بصراحة أنا مع سمراء عربية
      مجرد طرح الفكرة بإعتياد و تكرار لن يزيدنا شيئاً, ما فعله في تلك الطفلة يتكرر كثيراً ما الحل و كيف نعالج هذه المسألة بعد أن تقع و كيف نتجنبها أساساً..
      من المشين أن نتجاهل ما حدث للطفلة هند بهذه البساطة و بدون أن نعرف وسيلة تعينها على افشاء الامر لاهلها و تعالجه و تعالج نفسيتها..
      هذه قضية خطيرة لن يعرف آثارها إلا من مر بهذه التجربة, دمار شامل و عذاب الى آخر العمر..

  • اعتقد ان كاتبة النص موهوبة لكننى لم اسمع بها من قبل . ارجو الاطلاع على المزيد من اعمالها .

  • تحياتي الى الاستاذه الكاتبه
    بعد قرائتي القصه وبامعان اود ان اشكر الكاتبه على طرحها هذه القصه والتي تاخذ هدفين الهدف الاول هو طرح مشكله موجوده في حياتنا اليوميه والهدف الثاني هو النمط القصصي الرائع التي تمتلكه الكاتبه بصياغتها القصه بشكل درامي رائع وسلس ومشوق للجميع فانما ينم ذلك عن انها كاتبه كبيره بقدرات مميزه
    احب ان اشكراصحاب الموقع لاختيارهم القصص المبدعه والجميله واتمنى من الكاتبه تنزيل المزيد من كتاباتها الرائعه

  • القصة فيها جهد واضح لكن الكاتبه تحتاج الى الاجتهاد بشكل اكبر والحقيقة فلى راى فى الادب وهو يرصد حياتنا ومشكالنا وليس من دوره الاساسى وضع الحلول ربما يكون من احد اهدافة لكن نحن نقرأ الادب لكى نستمتع وليس لنحل مشاكلنا

  • السيدة ام عمر
    يعني القصة مترابطة ومعقولة وانا لسة فاكر قصة مدرسة الاورمان بتاعة الا تسمع ندائي وتكشف ردائي ومش عارف ليه كل قصصك عن الجنس والعلاقات الجنسية مع انك كنت في رأيي انسانة محترمة و مؤدبة ووالدتك انسانة فاضلة ومربية اجيال ان شاء الله يكون الكتاب الثالث لك تحول الي شئ اخر غير ما كان في الكتابين السابقين ارجوك يا ماجدة بلاش تخليني افتكرك إلا بكل خير وبعدين ابنك كبر اكيد دلوقت وداخل الجامعة ومعتقدش انه تععجبه هذه القصص المثيرة على اقل تقدير هذا اذا كنت خلتيه يقراها اصلا
    عرفتي انا مين!! يا ريت تردي علي ولو كواحد من القراء وتطميني عليكي
    ارجوك ما تزعليش مني ابدا انا مشعاوزلك والله إلا كل خير في الدنيا والاخرة وتكوني دايما سعيدة ويجمعنا ربنا في الاارة على كل خير
    ( فإن عز في الدنيا لقائكم ففي مواقف الحشر نلقاكم ويكفينا! ! )
    اشرف الصواف

  • حسبي الله ونعم الوكيل
    حسبي الله ونعم الوكيل
    حسبي الله ونعم الوكيل

    لاكن أن لو الطفله أخبرت والديها الفاشلين بالتربيه لكانت الطفله أقل تأثر من السابق وأقل وسيتعرض الحارس للسجن والعقوبه(كيف يتركوا بنت صغيره تذهب للشراء الحاجيات وكيف لطفله أن تحمل أنبوبة بوتاجاز أيعقل هذا؟؟؟

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى