السبت ١٥ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٧

تأبين الروائي الأردني زياد قاسم

أقامت رابطة الكتاب الأردنيين مساء الثلاثاء 11 أيلول حفلا تابينيا للراحل الروائي زياد قاسم بعد مرور أربعين يوما بحضور أهله وعدد من الأصدقاء والكتاب والمبدعين.

وكان د. محمد عبيدالله الذي أدار حفل التأبين تحدث معزيا أسرته الصغيرة والأسرة الأردنية على فقد الراحل الذي أخذه الموت غيلة من اسرتة وأصدقائه ومن أوراقه وأقلامه ورواياته، تماما كما خطف زملاءنا وأحباءنا من قبل، وهو إذ يغادر الآن فانه ينظم إلى عدد من المبدعين والأصدقاء الذين سبقوه ورغم غيابهم لا نزال نستذكرهم فأرواحهم لا تزال تسكن هذا المكان . متسائلا .. ما الذي يمكن أن تنهض به الرابطة وفاءً لأبنائها الراحلين.. وفاء لما تركوه من إبداع إنساني سيظل يحيا رغم غياب الأرواح التي سجلته في برهة حياتها القصيرة.. ثم تحدث عبيدالله مذكرا بمنجزات الراحل وإبداعاته وقدم عبيدالله الروائي سعود قبيلات رئيس رابطة الكتاب الأردنيين، والذي تحدث عن لحظات الفراق المفاجئ، وعن هذا الموت الذي يختفي خلف الأستار، وما يلبث أن يظهر فجأة ويضرب ضربته القاضية، ورغم حضوره الكئيب وتلمس آثاره إلا أننا بالكاد نستوعب نتائج فعلته المباغتة.

وأشار قبيلات إلى أن الأديب الراحل أول من سلط الضوء بكثافة وقوة على المكان الأردني وخصوصا مدينة عمان وأعاد إحياء التاريخ الاجتماعي السياسي للبلاد بصورة فنية معبرة وقد اختار طريقه ذاك بوعي تام ورسم هويته الفنية بصبر وأناة وواصل عمله بثبات في الاتجاه نفسه حتى آخر حياته ...
لقد كرس الراحل جل وقته وجهده طوال العقدين الأخيرين تقريبا لمنجزه الإبداعي المميز واخلص له وانصرف عما عداه ولأنه في منجزه ذاك اقترب من الناس ومن وجدانهم وهمومهم وطموحاته فقد قوبل باهتمام الجميع ...

وقال قبيلات: إننا ونحن نحيي ذكراه الأربعين ونعبر عن حزننا العميق لرحيله المفاجئ فان أفضل ما نقدمه جميعا لذكراه هو أن نواصل الاهتمام بنتاجه الأدبي وبتجربتة الحياتية والفنية والغنية وان نعاهده أن نستمر في إعلاء شان الأدب الجيد، الأدب الملتصق بالناس والذي يعبر عن طموحاتهم ويصور أحلامهم ويتلمس همومهم وينير دربهم للنهوض والتقدم ... وإننا في هذه المناسبة لنأمل أن تضطلع جميع المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية بدورها المطلوب حيال الأديب الراحل وأدبه .. لقد أعطى زياد قاسم الكثير للأدب الأردني ولوطنه وشعبه وعندما حل رحيله الفاجع كان لا يزال في أوج عطائه.
وأكد الناقد نزيه ابو نضال أن راحلنا بإجماع النقاد كان بجدارة واحد من أعمدة الرواية الأردنية والعربية الى جانب غالب هلسا ومؤنس الرزاز وسميحة خريس والياس فركوح وغيرهم وقد انتزع هذه المكانة بعد رائعته أبناء القلعة وسداسيته المدهشة الزوبعة . وأشار إلى ان الراحل استمد مكانته من موهبة سردية استثنائية في التخييل الروائي والقدرة على خلق أجوا اللحظة المحكية وفي بنا الشخصيات التي بعضها وثيق الصلة بك طيلة حياتك، وإدارة الحوارات بلهجات أصحابها ووفق مستوياتهم الاجتماعية ووصف المشاهد بحيث يبدو المكان عيانيا وله حضوره المركزي في بنية العمل ومجدولا بالزمن المروي . ويقول ابو نضال ان في مثل هذه الملحمة الروائية يكون مطلوبا من المتلقي قارئا كان او ناقد ان يحاكم بمعيارين هما المعيار التاريخي والذي يبين دقة الرصد التاريخي والاجتماعي ، والمعيار الفني الذي يحاكم البناء المعياري للرواية بأماكنها وأحداثها وشخصياتها ، مما يجعل الكاتب أمام صعوبة حقيقية في صياغة الرواية التاريخية حيث لا يستطيع الخضوع الى ابتزاز الإغراء الذي تقدمه أحداث الرواية. والرواية التاريخية وكما يقدمها زياد قاسم لا تساعدنا فقط على قراءة مسار الحركة الاجتماعية بالمعنى التاريخي بل تدلنا اللحظة الى وقائع أيامنا وحركتنا القادمة باتجاه المستقبل ، وهنا بالضبط يفترق الروائي ابن المستقبل عن المؤرخ ابن الماضي .

واستهل د. نضال الشمالي حديثه عن الراحل بان ترك للراحل الحديث عن نفسه بعنوان جعلوني روائيا ثم تحدث عن الأوائل الذين اكتشفوا موهبة الراحل كعماد قسوس، وعبدالرحمن ياغي، وخليل الشيخ ، وبدر عبد الحق.

مؤكدا ان بزوغ نجم زياد بعد ان نشر الجزء الأول من الزوبعة ثم ثارت التساؤلات حول رواياته وحول المشروع القومي الذي كان يسير هم زياد قاسم والذي قاده الى مثل هذه الإطالة فضلا عن البعد الفن الطافح بجلال الوصف على كتابات زياد قاسم إضافة الى التماس المباشر بالتاريخ فزياد قاسم تبنى التاريخ واقتنع به واتخذه زادا في كتاباته وتحدث محمد جميل خضر بحزن شفيف عن الراحل: لقد كان زياد ضلع الغلابا البسيط وسبط الحكايات، ورفيق شجن غارق بالنكوص، حالم بارع في اختراع أشكال وحدة ممكنة في عالم عربي شامي مبدع بالتشرذم. اكتب عن عمان الجديدة وقد غادرها صاحبها، اكتب عن زياد عن الفرح الصغير الذي بحجم أمنية لامستها الحماقات ، عن غناء، صراخ، ركض في شوارع متخمة بالسمر..عن سف حتى آخر الدنيا ووجع حتى آخر اليقين.. عن عاشق ملهم بالمكان وصانع غير بارع للتنبواءت عنه.

وكان زياد قاسم الذي توفي في عمان قبل ما يقارب اربعين يوما ...اثر تعرضه لأزمة صحية ولد في عمان عام 1945، وحصل على بكالوريوس محاسبة من الجامعة الأردنية عام 1969، وعلى ماجستير محاسبة من جامعة برايتون عام 1983، وعمل محاسباً في مجال التأمين والملاحة حتى عام 1978 ومدير عمليات في الملاحة البحرية حتى عام 1983 ومدرب محاسبة وتسويق مصرفي في معهد الإدارة الأردني حتى عام 1995، وهو متقاعد عن العمل من عام 1995. يكتب القصة القصيرة، وقام بتحويل عدد من رواياته الى دراما اذاعية.ومن مؤلفاته:الشحن والتجارة الخارجية (في جزئين) (بحث علمي) عمان: مطبعة الشرق الأوسط، 1984، المدير العام (رواية) عمان: المطبعة الدولية، 1987،أبناء القلعة (رواية) عمان: مطبعة عاصم، 1990، الزوبعة (رواية) صدر منها عن أمانة عمان الكبرى، عمان (ستة أجزاء) خلال السنوات 1994-2003، العرين (رواية) أمانة عمان الكبرى، عمان، 1999، الخاسرون (رواية) أمانة عمان الكبرى، عمان، 1999.

عن الرأي الأردنية


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى