السبت ٢٦ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨

تجليات على أرصفة الألم

المؤلف: محمد حسام الدين دويدري
قالت: رأيتك في السهول وفي الذُرا
مُتَبَسِّماً؛ لا تستكين لما جرى
ترنوإلى السَبع ِ الطِبَاق ِ بنظرةٍ
فيها القناعة والرجاء مُبَرِِّّرا
وكأنما ضنك المسالك لم يكن
لك في مدى الأيام يوماً مُعسِرا
تُرضي قشور النفس باستسلامها
وبعجزها وبصبرها فيما اعترى
وتُميت فيها مفرداتِ جهادها
في نيل نصر ٍ يزدهي مستبشرا
لتقول: "ذا قدرٌ..."؛ وتُعرض حاملاً
وزر التقاعس قانِعاً ومُفَسِّرا
تَمضي محاطاً بالظنون ولا ترى
غير الذي رسموا لِخَطوِكَ مَعبَرا
متغاضياً عن سيل آلام ٍ غدا
يجتاحنا كي نستكينَ ونُقهَرا
أوكي يَظَلّ المرءُ منا شارداً
بين استغاثات السلامة والكرى
فعَلامَ تَرفُلُ بابتسامتك التي
تجتاح أزماناً وتعبُر أعْصُرا
لتغوصَ في صخب الحياة ولهوها
متجاهلاً... متحاشياً... متعثّرا
لكأنّ قلبَكَ غافلٌ عن نبضهِ
كي يُخمِد الإحساس أويتَخَدَّرا
فيغيبَ عن سطوالجراح مصمماً
متقصداً أن لا يصيخ ولا يرى
"وا خالداه..."؛ وليت معتصماً أتى
ليغيثنا أويستثيرَ ويُنكِرا
فيصيح فينا موقظاً إحساسنا
علَّ الضمير يثيرنا مستنفرا
فالصمت بات لنا ملاذاً موحلاً
والقلب قد أنِف اللهاثَ الأكدرا
وملوكنا يتوسدون عروشهم
بين الخلاف على السيادة والقِرى
يرمون فوق الأمنيات شباكهم
ويرون في الأحلام أمراً مُنْكَرا
مستبدلين بوحدة الأيدي رؤىً
ترضي نوازع من سطا وتجبَّرا
فيهرولون لخطب ودٍّ زائفٍ
لا خير فيهم إن هُمُ فصموا العُرى
و"البعض" منّا قد أضلّهم الصَدى
وعقولهم صارت تُباعُ وتُشتَرى
فمضوا إلى استسلامهم لعدوِّهم
إذ يحسبون الوهم سلماً أخضرا
يستنصرون بمن أذاب جلودهم
هذا يرى كسرى... وذاك القيصرا
و"البعض" ثار على المبادئ حانقاً
يحسوالغلومُكَفِّراً وَمُنَفِّرا
بل ذا يذيب بلهوه أمجاده
مستبدلاً بالعلم جهلاً أحقرا
فإذا طواه العمر بات مهمشاً
ومضى يرمّد دهره متحسّرا
والبعض منا أشعلوا أحقادهم
يتبادلون الطعن غيظاً في العَرَا
ليصفق الشيطان يعلن نصره
فالغافلون مشتتون بلا مِرا
***
ونظرتُ حولي باحثاً عن وجهها
بين الدموع الموحلات؛ مسمَّرا
فتدافعت في خاطري صور المجازر
والدماء على مساحات الثرى
تنساب من أرض الرِباط وقدسِها
لتصب في أرض الخلافة أنهرا
أواه يا بغداد... أين خيولنا
وقلوبنا باتت تذوب تحسّرا
وسيوفنا البيضاء في أغمادها
تحت الرماد تئنُّ كي لا تُهجرا
وصحائف القرآن تصفع صبرنا:
"من يخذلِ القرآن لا... لن يُنصَرا"
***
قالت: متى تصحون من كبواتكم
وترون بالعلم الحصيف تحررا
وتحصنون وجودكم بمحبةٍ
تزداد في القلب التقيِّ تجذّرا
لتعاند الآلام ثمّ تذيبها
وتصوغ بالآمال عزماً مزهِرا
***
أطبقتُ جفني مستثيراً عودتي
وفتحتها تجلوحقيقة ما جرى
فنظرت في أفق السماء مردداً:
"ربّ اهدِ قومي" واهدني بين الورى
المؤلف: محمد حسام الدين دويدري

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى