الثلاثاء ٣١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٦
بقلم حسن الشيخ

تراجم (أعلام هجر) رؤية ماضيوية في إصدار جديد

يواصل الكاتب السعودي هاشم محمد الشخص إنجاز مشروعه الفكري الذي بدأه قبل عقدين من الزمن, وذلك بإصداره مؤخرا الجزء الثالث من موسوعة أعلام هجر. ويقع الإصدار الجديد في 700 صفحة تقريبا تعني بترجمة الأعلام من علماء أهل هجر من الماضيين والمعاصرين.

وتعد موسوعة أعلام هجر في ترجمة الأعلام من الاحسائيين من أهم الموسوعات الجادة في مجال التراجم. وقد حرص السيد الشخص على أن يقسم أعلام هجر إلى ثلاثة أقسام : الأول وهو خاص بترجمة كبار العلماء والفقهاء والقسم الثاني معني بترجمة الشعراء الماضيين والمعاصرين ممن لم يدخلوا في القسم الأول, أما القسم الأخير فيعني بسائر الأعلام من الأدباء والكتاب والخطباء.

وقد عمد الكاتب الشخص في موسوعته أعلام هجر على ترتيب التراجم طبقا لحروف الهجاء في كل قسم من هذه الأقسام وأرفق مع صاحب الترجمة صورة للمترجم له أو مجموعة من الصور.. ويتميز أعلام هجر عن غيره من كتب التراجم بأنه اقلها أخطاء وأبعدها عن النقل دون تثبت أو تدقيق.

وقد ساير المؤلف في هذا الجزء منهجية الجزأين السابقين الذين طبعا لأكثر من مرة, وبأكثر من تعديل وتصحيح. بالإضافة إلى استدراكاته في آخر الكتاب لبعض تراجم الجزأين السابقين, فألحقها مرتبة حسب تسلسل تلك التراجم. كما اثبت المؤلف العديد من الفهارس مثل فهرس الأعلام والأشعار لجميع الأجزاء الثلاثة.

ويختص الجزء الثالث من هذه الموسوعة بتراجم العلماء والمشائخ أيضا, ولذلك فمن المتوقع ان تصل أجزاء موسوعة أعلام هجر إلى اثني عشر جزءا, حين يترجم السيد الشخص لسير الشعراء والكتاب لاحقا.

الجدير بالذكر أن هذه المحاولة للسيد الشخص ليست هي الأولى في مجال الترجمة, وان كانت الأوسع والأشمل حتى الآن في تاريخ رجالات الإحساء. فقد سبقتها وجايلتها العديد من المحاولات الأخرى. ولعل ابرز تلك المحاولات وأقدمها (أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والإحساء والبحرين) للشيخ علي البلادي البحراني المتوفى عام 1340 هجري. وكذلك محاولة العبد القدر الأنصاري التاريخية في (تحفة المستفيد) وان لم تكن بقصد الترجمة لسير الرجال, وتبعتها محاولات لعبد الرحمن العبيد, ومحمد سعيد المسلم, وعبد الله الشباط, والعديد من المحاولات الأخرى الجادة مثل (الملحق المفيد في تراجم أعلام الخليج) لأبي بكر الشمري, وكذلك (مطلع البدرين) لجواد الرمضان. إلا أن جميع تلك المحاولات لم تستطع الإفلات من النظرة الجزئية, ولم تستطع الإفلات من سيطرة تجربة البلادي قبل قرن من الزمن. ولم تستطع تلك الترجمات الخروج من عباءة البلادي التقليدية.

ويبقى أعلام هجر مع غيره من التجارب والمحاولات الأخرى ذات طابع فردي, بعيدة عن المهنية وبعيدة عن صناعة الكتاب. فلا منهجيه للكاتب إلا أن يسطر كل ما تصل إليه يديه. فعن المنهجية يقول احد أصحاب تلك المحاولات (أسجل فيه كل ما يصل بيدي من تراجم أعلام منطقة الإحساء, من القرن الأول وحتى عصرنا الحاضر, كما سأعطى كل ترجمة حقها لتكون وافيه شاملة قدر الإمكان) تلك هي منهجيه الكتابة والتحقيق في سير الرجال وترجماتهم من وجهة نظر تلك المحاولات الفردية.

بل إن بعض هذه المحاولات تشتم منها رائحة القبيلة, والطائفية, والعرقية الذميمة, ولذلك نحن بحاجة إلى محاولات جادة بعيدة عن كل هذه الحواجز التي تفتت شمل الأمة الإسلامية وتهدد روح المواطنة.

ومن بين أصحاب تلك المحاولات للترجمة لأعلام الإحساء والخليج والجزيرة, من ترك صفحات كتابه حقا مشاعا لبعض الأخلاء أو الصفوة من الأصدقاء, ينشر صورهم وصور أبنائهم وأحفادهم بل ورسائلهم الخاصة أيضا. ويكتب عنهم ثم يستدرك لينشر أسماء أبنائهم وأسماء زوجاتهم وشيئا من نتاجهم الشعري الهزيل. وبذلك تجد أكثر من ترجمة لشخص واحد في جميع الأجزاء وفي جميع الطبعات. ورغم تلك الترجمات المكثفة لأسماء البعض ولأسماء عوائلهم وأبنائهم ونشر صورهم, فلن تجد المحصلة العلمية لهؤلاء المترجمين لهم في العالم الأغلب إلا العمامة والعباءة فقط.

وينسى بعض الكتاب دوره في الترجمة ليرد على منتقديه, ومخالفيه الرأي, ويفند بحرارة أقوال هؤلاء الذين اعترضوا على بعض الفقرات في الطبعات الأولى من كتابه.

ويشير علي الصوينع أمين مكتبة الملك فهد الوطنية في كتابه (مصادر التراجم السعودية) أن معظم كتب التراجم ارتبطت بالزمان والمكان ولم تستطع الخروج من هاتين الدائرتين. وعلى الرغم من ذلك فان كتب التراجم تفضل أن تحفل بأسماء معروفه ولها وزنها الفكري والعلمي, فتحشرها بين طيات ترجماتها أحيانا, متناسية موازينها العلمية التي ألزمت نفسها بها.

كما أن كتب التراجم تلك خلطت بين مفاهيم عدة مثل العالم والشيخ ورجل الدين. كما أنها خلطت بين الأديب والمؤلف, ولم تستطع التفريق بين الكاتب والباحث. بل إن معظمها عن قصد أهمل الترجمة النسائية فلم نحظ حتى الآن بكتاب للأعلام في مثل شهرة (الأعلام) للزركلي ولا في طريقة عرضه وتناوله المميز.

وبسبب غياب الموازين العلمية لفن الترجمة فان تلك الكتب الفردية, ظلت بعيدة عن أرفف الجامعات, وبعيدة عن التناول الأكاديمي, لغياب منهجية البحث العملي في رصدها لترجمة الرجال. وبقيت كتب التراجم الفردية تكرر بعضها, مع بعض الزيادة والنقص. وجميعها تكرر دور الشيخ علي البلادي – أنوار البدرين - في طريقة العرض والأسلوب والتناول.


مشاركة منتدى

  • حبذا لو قدم للمؤلف مقدمة لا مبالغة فيها فعلى سبيل المثال؛ تسمية ترجمة الأنوار بالتقليدية..! فإنه سيأتي زمن يسمى فيه أعلام هجر تقليديا..! فإنصافا صاحب الذريعة لم يأت له ثان حتى الآن وهو أرقى منكم ومن وصفكم الذي وسمتم به غيركم. فالإنصاف الإنصاف لألا نصاب بلإجحاف بارك الله فيكم.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى