
تركيا تسمي شارعاً باسم الشاعرة عائشة الرازم
احتفلت مدينة دتشا التركية ( مدينة الشعراء ) في الأسبوع الأخير من هذا الشهر آب بتكريم عدد من شعراء العالم الغربي والعربي بتسمية خمسة عشر شارع من شوارعها الحديثة بأسماء خمسة عشر شاعر من العالم الغربي والعربي ، وقد نالت المرأة الشاعرة في العالم الغربي والعربي شارعاً بين خمسة عشر شارع حملت أسماء الشعراء بوضوح ، وتوج باسم الشاعرة الأردنية عائشة الرازم حيث كانت الشاعرة الأردنية عائشة الرازم هي المرأة الشاعرة الوحيدة من كل العالم التي نالت شارعاً باسمها يخلد حضورها الثقافي والإبداعي ، ومن الجدير بالذكر أن من بين الشعراء المنقوشة أسماؤهم لتخليد عطائهم الأدبي واعترافاً بما قدموه للإنسانية والتزامهم بقضايا الإبداع وقضايا الشعر دون انقطاع ، شاعران على قيد الحياة هما محمود درويش من فلسطين وعائشة الرازم من الأردن .
واحتفل بالشعراء وتسمية شوارعهم في الهواء الطلق بين جماهير ومواطني مدينة دتشا الرائعة ، بحضور سفراء بلدانهم الذين ألقوا الكلمات المؤثرة تحت أسماء الشعراء تعبيرا عن تقديرهم لتركيا التي انتهجت هذا الفكر بالتكريم والتخليد ، وشارك عدد من شعراء العالم المكرسين من إسبانيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وبلغاريا وأذربيجان وكوسوفا وقبرص وتركيا نفسها والبوسنة والهرسك واليونان وروسيا وتشيلي وباكستان والهند وسوريا والأردن .كما مثل الأدباء والكتاب العرب الدكتور علي عقلة عرسان أمين عام إتحاد الكتاب والأدباء العرب الذي ألقى كلمة مؤثرة عبر فيها عن تقديره باسم كل الكتاب والأدباء العرب لتخليد أسماء أربعة من شعراء الأمة العربية في تركيا العظيمة هم نزار قباني وخليل جبران وعائشة الرازم ومحمود درويش وقال : هؤلاء يستحقون منا التكريم لأنهم أخلصوا لرسالة الإبداع والإحساس بالروح البشرية في العالم ولم يتنازلوا عن رفع راية الشعر يوماً ، وقال إن تركيا تستحق منا كل الشكر والعرفان لرفعها أسماء شعرائنا العرب الأربعة وبينهم شاعرة امرأة من الأردن الحبيب ومن أرض فلسطين السليبة ، وتركيا وهي التي لا تبعد عن حبة القلب العربي والإسلامي النابض بالحب الأبدي لها في الروح عشق ووفاء !! كما ورد في كلمته وألقى قصيدة على مسرح المدينة بحضور شعراء العالم نالت التصفيق الحار والإعجاب !
وكانت لحظات حميمة غير مسبوقة بمشاعر المفاجأة عند الشاعرة عائشة الرازم التي كانت ضيف شرف لا تعرف سر دعوتها إلا حين أزيحت الستارة عن اسمها مع شعراء العالم الخمسة عشر ، وألقت كلمة بعد أمين عام إتحاد الكتاب والأدباء العرب الدكتور علي عرسان ، قالت فيها أن تركيا لا تبعد إلا بعد حبل الوريد عن العنق ، ولذلك فإنني أرفع عنقي لأتوجه بالشكر لله ثم لهذا البلد العظيم الذي منحني هذا التكريم والاعتراف بأدبي وعطائي خلال ثلاثين عاماً دون تراجع أو توقف عن أداء رسالة الإنسان للإنسان في الإبداع ، وإنني أتقدم بالعرفان من بلاد تتوهج فيها الثقافة والعلم وتكرم الأرواح الهائمة بالعطاء الإنساني ، وقالت : مدهش أن يرى شاعر اسمه مخلداً في شارع جميل يعرفه الناس ويتبادلون العناوين باسمه ويرفرف إسم بلاده بجانبه في غربة لن تعود غربة ابداً ، فيظل حياً للجميع كما نذرت أشعاري طوال عمري .
وأما بالنسبة للشاعرة عائشة الرازم وهي المرأة الوحيدة التي نالت التخليد والتكريم لاسمها في المدينة التركية ، فقد انهمرت دموعها لحظة أزيحت الستارة عن اسمها الذي ترافق مع صورتها كما صممت اللافتات الفسفورية الحمراء حاملة إسم الشاعر وسيرته الذاتية وإسم دولته بحجم كبير يسهل على الناظر قراءة المادة كاملة كهدف من أهداف التكريم والتعريف .
وعرضت مسرحيات لكبار نجوم المسرح في تركيا وتألقت شعراً تلك المدينة وتضمنت أربع دول عربية هي الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين ، وأصبحت شوارع المدينة الرائعة الجمال تتضمن أسماء خمسة عشر شاعر كتبت بطريقة الحفر المعدني على ألواح فسفورية واضحة ومقروءة باللغة التركية ، وتحمل صورة الشاعر ونبذة عن حياته وإسم الدولة ، وترتفع اليافطة المعدنية على ارتفاعات في أعلى أعمدة الكهرباء في المدينة الحديثة ، لتطل على البحر وهي سهلة القراءة عن بعد نظراً لتصميم إسم الشاعر بطريقة التكبير ووضع صورته الشخصية فيستطيع المواطن أو الناظر التعرف على شخصية المكرم بتجسيد شارعه في مدينة الشعراء ، والتي يسعى رئيس بلديتها المعماري إيرول نديم المنتخب من الشعب حيث انتخب لدورتين على التوالي لمدة عشرة أعوام ، والمدعوم بخططه ومشاريعه الموثوق بها من الحكومة التركية لقوته وقدراته في الحفاظ على أجمل المدن مع اللجان الثقافية النشطة في المدينة والتي تخلق من أجواء الثقافة فعلاً حقيقياً وخاصة كون المدينة سياحية شهيرة ، ولم يكتف القائمون عليها بالإشباع السياحي فقط بل قامت اللجان الثقافية لإبرازها أيضا في خطة تنمية المدن الثقافية وإبراز دورها الثقافي إلى الجانب السياحي الجمالي على مستوى العالم ، ويكمن السبب لما تتمتع به المدينة من تميز بين المدن من الهدوء والجمال ونقاء البيئة حيث يمنع فيها الصناعة والمصانع ويحظر تربية المواشي وقوانينها صارمة وقيودها في النشاطات الاقتصادية تنصب فقط على السياحة والصيد والسفن والمراكب وصناعة الحرف اليدوية الإبداعية للشعب ، وهي مدينة تراها كأنها قطعة من الجنة بطيورها وحمائمها البيضاء ونوارسها والإوز المتطاير في البحر ، وفيها أبواب النشاط الثقافي على المسارح المفتوحة مجاناً لشعب ، وتخصصت فقط بالسياحة والمعمار والثقافة ، ومن الجدير بالذكر أن مدينة دتشا فيها مسرحان كبيران مفتوحان في الهواء الطلق ، وسيتم افتتاح المسرح القصر الثقافي الكبير في شهر أكتوبر من هذا العام يدعى إليه شعراء وأدباء عرب وعالميون حسب الخطة المعدة ، والتي يرئسها الشاعر التركي الكبير أوميت يشار والذي اشتهر بأشعاره الإنسانية العالية الإحساس بالشعوب المقهورة ومنها العراق وفلسطين ، وهو شاعر يدعو في أشعاره للسلام الحقيقي القائم على العدالة وإعادة حقوق الشعب المسلوبة ودون ذلك لن يقوم صلح أو سلام .
ويتسلم الشاعر أوميت يشار رئاسة مهرجان الشعر العالمي في مدينة دتشا بنشاط يفوق التصور ،لجعلها مدينة الثقافة العالمية خلال ثلاث سنوات وهي فترة زمنية قياسية تعتمد التخطيط والتفعيل المدعوم من الحكومة التركية التي تولي الشأن الثقافي أكبر الاهتمام .
وتألقت أسماء الشعراء الخمسة عشر في الاحتفال المهيب ، وتضمنت :
1- تركيا – ناظم حكمت 2- روسيا – ماياكوفسكي 3- سوريا – نزار قباني 4- إسبانيا –جارسيا لوركا 5- فرنسا –لويس أراغون 6- فلسطين – محمود درويش 7-أذربيجان –صادم فورغون 8- تشيلي –بابلو نيرودا 9- لبنان- خليل جبران 10- بريطانيا – شكسبير – 11- اليونان – يانيس ريتسوس – 12- البوسنة والهرسك – عزت سيرياليتش 13- الباكستان-محمد إقبال 14-الأردن – عائشة الرازم 15- ألمانيا – بيرتولد بريخت !!
وكذلك ألقى السفراء كلمات معبرة ومؤثرة في حفل التدشين الكبير ، والذي تضمن ترجمات للشعراء وخطط إحياء أمسيات شعرية في شوارعهم الثقافية واستحداث مكتبات صغيرة للمطالعة المجانية في نفس الموقع للشعراء ، فقد ألقى السفير الروسي كلمة قال فيها : إن ماياكوفسكي ليس ابن روسيا فقط بل هو ابن الإنسان في كل مكان ، وتركيا وبالذات هذه المدينة الرائعة الجمال تحتضن اسمه الذي يصحو كل صباح مع الناس يقاسمهم الحب والدمع والمشاعر الداعية للحب الإنساني . وألقى السفير الإسباني كلمة قلد فيها لوركا دمعة حب إسبانية تركية تهفو للعالم بأجنحتها الشاعرية نحو السلام للدنيا . وقال مات لوركا ولم يمت ، ورحل لوركا ولم يرحل ولكنه بقي في قلوب البشرية وذاكرة المخلصين للشعر ورسالة الحب والسلام وحق الشاعر في التعبير عن إلهامه ، هذا الحق الذي يحقن دم لوركا وكل الشعراء وبكى الجميع على لوركا تأثراً لكلمة السفير الإسباني ، أما السفير الباكستاني فقد توج كلمته بشكر تركيا وداتشا الرائعة الجمال وقرأ من أشعار محمد إقبال .
وتناوب السفراء بإلقاء كلماتهم تحت ظلال أسماء الشعراء من بلدانهم وقرأ السكرتير الثاني في سفارة سوريا كلمة توجه بها بالشكر لتركيا ومدينة داتشا الجميلة للاحتفاء بنزار قباني ، وقرأت الشاعرة المعروفة نظمية أكراد من سوريا قصائد نزار قباني تحت اسمه ، أما السفير الأردني فقد أرسل رسالة من سفارة الأردن في اسطنبول يشكر فيها الحكومة التركية والقائمين على المهرجان العالمي في مدينة داتشا على تعزيز اسم الأردن باختيار شاعرة الأردن عائشة الرازم بين النخبة من شعراء العالم ، وتسمية شارع باسمها ، ورفع اسم الشعر في الأردن بين الشعراء العالميين للتكريم ، هذا وقد تمت ترجمة مؤلفات الشاعرة عائشة الرازم إلى اللغة التركية وهي المجموعة الشعرية المختارة التي صدرت قبل عشرة أعوام وتتضمن ثمانية دواوين شعرية ، أصدرت الشاعرة خلال العشرين عاماً الماضية خمسة وعشرين كتاباً بين الشعر والرواية والنقد والقصة القصيرة ولم تتوقف عن مقالاتها في الصحافة التي تتناول هموم الناس والقضايا العامة في العالم .كما أنها ملتزمة بالإبداع التشكيلي والشعري توأمين ، فهي الوحيدة في العالم التي تتوج كل قصيدة من قصائدها بلوحة فنية معبرة دون تجاوز الموضوع والمضمون اللوني والشعري في الجوهر والمظهر لأعمالها .
وأخيراً فقد قامت الشاعرة أمام الجماهير والضيوف برسم جداريات تمثل معاناة الإنسان في فلسطين والعراق ومنها لوحة حملت عذاب البشرية في الضياع واللجوء نتيجة الظلم والحروب وموت العدالة التي تدفع بالأم والطفل والشيخ والشباب للتشرد في أصقاع الأرض للنجاة من قتل الآلة الأمريكية والغربية المتصهينة والصهيونية المتمثلة بإسرائيل وكانت الشاعرة عائشة واضحة وضوح الشمس حين ألقت في ليل الاختتام وتسليم الدروع قصيدة ( العنقاء ) التي ترجمها الدكتور محمد قراصوة رئيس اتحاد كتاب تركيا في أنطاكيا قالت فيها :
ادري بأنهم سيحجبون عني الماءوأنهم يلاحقونني في الأرض والسماءلكنهم لن يقدروا على الوقوف في المدىمثلي ... أنا ... !أنا المرفرف الجبار طائر العنقاءأفيق كل ألف عام لا أموت !!وتزهر العيون في خطوط جبهتيوتحقن الدماء !!وألحس الندى لشدة العطشفأنفض الورود تحت باقة الأشلاءأرفرف الروح على المدى الرحيبوأزرع الحياة في السكون والبقاءوأهدل الحنين فوق أمتي وشعبي الجباروالبهاءأغرد النواح فوق تربتيفترتدي لحزني السماءحلة الشتاء !!أنا ....أنا المرفرف الجبار طائر العنقاءأنا الغريب والقريبوالندى ونهر زهر الماءأنا الحريق واللهيب والذرى الخصيبة الشماءأنا السهول والهضاب الخضروالحرائق البليغة الكلاموالقصائد الصماءأنا الجناح رفرف الجناح في السماءأنا انتفضت من دميأنا المرفرف الجبار طائر العنقاء