الجمعة ١٥ شباط (فبراير) ٢٠٠٨
بقلم عبدالوهاب محمد الجبوري

ثقوب في ثوب الزفاف

(1)
 
تسلسل الدود إلى دقيق الدار
حتى دجاجتي التي وعدتني
بسمائنا وقناديلها
بعيوننا وبريقها
أن لا تخون ملحنا وزادنا
أشاحت بوجهها عني
فخدعتني
بجناحها أسقطتني
ونسيت بيتا فيه قاسمتني
أحلامنا وجراحنا
 
(2)
 
تسلسل الدود إلى دقيق الدار
حتى العفن المتوحش
بات يجتر شهواته
يجثو على الأبواب
ينتظر مخاضا ته
فولد جرذا يتناسل في مركز المدار
 
(3)
 
وقطتي التي كانت تهذي
حنينا غاب عنها
أطلت من نافذة الوطن المركون
على رماد بابل وأشور
أطلقت أنيابها
في أعشاش حاصر فرحتها الباغون
وراحت تصطاد بسنارتها بقايا الليل
تحطب بفأسها رقابا تشجّرت
في وديان توحشت ظلماتها
خلف الصدور تئن رئاتها
 
(4)
 
على جسد زنبقة عذراء
خضبتها بدمي
يقيم الدود وليمته
مثقلة بدموع المساء
يضاجع الجثث المشاعة
في سجون العناء
والنار تسري في رئتي
شهيقا وزفيرا من بقاياها
يرسم الدود وجها شقيا لمدينتي
تتراقص الأشباح في ثناياها
 
(5)
 
يا أيوب عذرا
إن تشظى الصبر أو ترجل
انا رغيف خبز اعزل
اعطيت كل صبري ولم اسال
حتى اخوتي سفكوا دمي
وتعودوا ان يتقاسموا خرائبي
بعثروا الصهيل في كل درب
وخيلي عقروها في اوقات محنتها
انهاري لا عشب يغني في شواطئها
لشموع تلهث بلا نور
وبقايا صبر يتوثب
 
(6)
 
هذا الخريف الموحش فتح نوافذ اخرى نجهلها
غير القبور وغير الرماد
غير الدماء والقضبان والسياط
الفؤوس عطش دائم
اسئلة روعتني نظراتها
ادمنت بريقها الاحمر
ومدينتي التي عقروها
يقتات من جثث الظلام عراتها
 
(7)
 
هكذا الدماء .. في وسعها ان تعانق الجداول
في وسعها ان تسوق النجوم مقيدة بالسلاسل
في وسعها ان تحذر المرور بين طعنات ناتئة
مثلما في وسعها ان تبحث عن كواكب تائهة
لم تطؤها سرفات او قنابل
 
(8)
 
اصغي لصوت تناثر فوق منائر الكلمات
يمطرني ويمضي
( وانا الذي ما زلت ملتصقا بارضي )
هذي دمائي روضت زلزالي للصدى
اسفار من الحسرات تنحت اضلعي
تفجر الجرح بداخلي
صمت من جمر
صوت من نار
اكتبه على جبين الشمس والاقمار
اصونه كالحدقات في العيون
الوذ به من السكون
حيث الريح تصهل بلا جدار
 
(9)
 
بلادي …
ثوب زفاف ممزق
واهات عروس تشهق
تدري ........
اودعت دمها .. سر بكاء الطين
اودعت نبضها ....همس الانين
في جسد امراة ثكلى
صورة قبر يتلوى
تقيم عليه حدادا احمر
ترقد على عينين من سفر
ليستريح الموت في افقه
ويرقص القمح في دمه سنبله
في نبضها روح تلظى سعيرها
فسالت جحيما يوم احمر خضابها
 
(10)
 
الدماء صفحات من حكاية لا تنتهي
علمتنا بعض محاسنها
كالارتواء من العطش !!
علمتنا ان الانهار قابلة للتراجع
مثلما المراكب تجري من الجنوب الى الشمال
علمتنا ان نشعل النار في الاغلال
ان نحمل الرايات الخضراء
ان نتحسس الاعداء
مثلما نشم البارود
لصيادين لم يتركوا عصفورة الا اسقطوها
ولا رصاصة الا من نافذة الصمت ارميها
اتراها تهزم الموت ام بالموت اطويها؟
 
(11)
 
هكذا الدماء علمتنا
كيف تولى الصيارفة كتابة الشجون
كي لا نكون الا ملائكة عابثون
علمتنا كيف يصرخ الليل
في مدينة كل من فيها يحاصرها
حتى جثثها اصبحت عثرات في شوارعها
فلا قريب يناصرها
ولا بعيد يسامرها
علمتنا كيف الاشجار قابلة للاحتراق
في كل بيت ، في كل زقاق
علمتنا ان لا تابوت اجمل من سرير لا ينام
ولا سيفا يستلذ في قفص الكلام
لا افلاك تتزاحم في ميراثنا
ولا ليل يفرق في مداه سفائننا
علمتنا ان الانهار قابلة للتراجع
مثلما المراكب تجري من الجنوب الى الشمال
علمتنا ان نشعل النار في الاغلال
مثلما امواجهم غيض وبحاري سجال
علمتنا ان كلامهم صمت وصمتي قتال
علمتنا كيف الاشجار قابلة للاحتراق
في كل بيت .. في كل زقاق

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى