
حادث ليلي
بقلم: توفيق زياد
فتح الباب علينا.. فجأة..وانهار أرضاً كالجدارْكان في عينيه رعبٌ،... وعلى الجبهة فرخا جلّنارْوعلى الكتف اليسارْثوبُه القطني معجونٌ مع الكتف اليسارْلم يقلْ شيئاً.... قفزنا نحوه.... مزّقت الصمتَ امرأةْ:- "أينه..؟!"صاحت:"أبُ أولادي الصغار"لم يقلْ شيئاً.. ولكنْطالَ من جيبهِ منديلاً معرّقْكان منديلاً عرفاه جميعاًكان مخضوباً مخرّقْصاحت المرأةُ"أوّاهُ"وراحتْ.... تتمزّقْ..****- "آهِ كم موت علينا هذه الأيام أن نهربَ منه"زفر المنهار أرضاً كالجدارْوعلى أسنانه شدّ كمن يبلعُ سكينة نارْ"كنت أمشي خلفه لما سمعتُ المدفعالرشاشَ.. أمشي كنتُ خلـ.. كانتالليلة قمراءَ، وكان النهرُ مرآةً، وكنانقطعُ الجسرَ حفاة صامتينْمثل رتلٍ من لصوص حذرينْكانت الليلةُ قمراء وكنا عشرةً.. عشرين.. خمسينأنا لا أذكرُ كم.... لكِ يا أرض العذابْيا بيوت الطين.. يا رائحة الأهل..ويا حفنة عشبٍ وترابْمثل رتلٍ من لصوص لك كنا عائدينْنقطعُ الجسر حفاةً حذرينْعندما انقضوا علينا فجأةً مثل الذئابْفتحوا أفواه رشاشاتهم.. متران كانا بينناآه كم موت علينا،هذه الأيام أن نهرب منه!!لم نكنْ نحملُ حتى خنجراوتساقطنا على بعضٍ تساقطناكرفٍ من ذبابْوهو..؟! صحنا كلنا صيحة شكٍ وارتيابوهو..؟؟صمتٌ،ونشيجٌ،وسكاكينُ عذابْ****- "جمعونا كلنا في حفرتينورموا بعض الترابْلم أكن ميتاً ولما تركوناقمتُ.. كان النهرُ مرآةً وكانتْليلةً حمراء غرقى في الضبابْوأنا أزحفُ في صمتٍ وذعرٍ وعذابْوعلى الأرض أماميكان منديله ملقى، فعرفتُهْ،وحملتُهْ..."جلستْ في قرنة الغرفة تبكي امرأةٌ حبلىوبنتُ وصبيّأنتِ يا محمرة العينين.. ما نفعُ البكاءْعندما نفسُ الدماءْلا تساوي اليوم شيءْ!!****آه يا رائحة الأهل..ويا بيتاً من الطين..ويا حفنة عشبٍ وترابْكم علينا اليوم..من أجلكمُ.... أن نجرع الموتَ..وألوان العذابْ!!
بقلم: توفيق زياد