الثلاثاء ١٥ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
بقلم حسام الدين خلاصي

حريتي مرتان

أسندت مرفقي على النافذة أنتظر
ونظافة الزجاج لا تحجب عني الرؤية
موعدي اقترب
فرحة نظرتي لن تطول
لم يرف لي جفن
لأني أخاف
أنه في غمضة العين
سيختفي
 
سجينة الجدران
وأرض الدار
وتنظيف البيت
وحيدة عن كل العالم مخبئة
كقطعة كريستال أصلية
كذهب أثري أحمر
منذ الولادة مسجونة
في رحم أمي مسجونة
في سريري مسجونة
في صفوفي الأولى مسجونة
مسحوبة من يدي
مربوطة بدون حبل
أسيرة البيت
لكني جميلة....كالتحفة
 
لا أعرف الهواء إلا من أعلى
ومدى عيوني جدران البيت
السواد على عيني قسري
وجلدي لم ير إلا نور منزلنا
الشمس من الأعلى أراها
ولم أعرف مرة واحدة كيف يبدو الغروب
 
أسندت مرفقي الثاني إلى النافذة
ووضعت كفي أسفل خدي
ومثل كل يوم
أرمق مدخل الحارة
بنظرة التحدي
إني أتحرر
إني أنتظر طلته
إني أتحرر
إني أحبه
في كل مساء يعود
مغبر الجبين
منتصب القامة
مشرق الوجه
إني أحبه عن بعد
وهم لا يعلمون
قد طار قلبي إليه
مرات ومرات
لامس خده وتمرغ بجلده
ورفعت عنه الغطاء
وتأملت جسده الرائع
إني أحبه
من سجني أحبه
 
أسمع وقع خطاه
ها قد بدأ النور ينساب
إلى الحارة
من خلف النافذة حدقت
كالعادة مثل البومة
لكني رأيت ما أرعبني
لم يكن ظلاً واحداً
كانا ظلين
ظل له وظل لها
يده في يدها
عيناه تبرقان لها
والضحك الخجول من شفتيها
وحمرة خدها
وطولها
وعرضها
خطواتها الواثقة
كل ذلك أرعبني
شتتني
 
أنزلت مرفقي الأول ثم الثاني
وأسدلت الستارة
وبكيت ثم بكيت
ولسجني عدت
لأرض الدار ولعالمي الصغير عدت
 
ها قد فقدت مغامرتي
ها قد فقدت حريتي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى