الاثنين ١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٨
بقلم حميد طولست

حماية المستهلك

في زيادة راتبه

عزمت زوجتي مؤخرا على أن تذهب للتسوق، بدعوى أن الأبناء يطالبون بالمزيد من الطعام والحلويات وأن البيت يصفر من قلة الاحتياجات الأساسية، فبحثت في حافظة نقودي لعلي أجد بها ما يمكن أن يساعد في هذا التسوق.

فحمدت ربي وشكرته، فبها آخر مبلغ كنت قد سحبته من البنك، ولا شك أنه سوف يعمل على سد ما نحتاج إليه وإبقاء بعضه لباقي أيام الشهر التي يبدو أنها طالت فوق المعتاد.

وما أن دخلت معمعة السوق، ووصلت إلى قسم الخضر والفواكه، وأردت شراء بعضها حتى رفعت يدي عن ذلك وابتعدت، مستغربا ومندهشا من حال السوق وما وصلت إليه أسعار الفاكهة والخضر التي ارتفعت إلى هذا المبلغ الذي لا يمكن تصوره، وهكذا في باقي أقسام السوق، فالأسعار ملتهبة، ومع ذلك كانت زوجتي تحاول قدر الامكان أن تشتري ما هو ضروري وملح، إلا أنها كانت تتألم كلما كتمت رغباتها في شراء بعض المغريات شبه الضرورية المعروضة بوفرة وفنية، لأنها تريد أن تكمل الشهر بما تبقى من المال، وفي نفس الوقت تريد أن تسعدنا، وعليها مسؤوليات كثيرة، ولكنها استطاعت أن تتمالك نفسها وتتحكم في أساها وتقف لتشكر ربها على ما هي عليه، فهناك من هم أكثر سوءا من حالتها!!

إن ما يحدث في البلاد من ارتفاع للأسعار، وتدني لرواتب الغالبية العظمى من المواطنين، لشيء قد تحتار فيه العقول، فوصول أسعار بعض الأصناف إلى أعلى قمم سعرها يعد جنونا، رغم أنه لم يحدث ما يدعو إلى ذلك، فلا السلع ندرت، أو اختفت، بل إنها موجودة وبكثرة، وكثيرا ما تتعرض للعفن والتلف ويكون مصيرها صناديق القمامة!

فرغم إدراكنا بان موجة غلاء الأسعار تمثل موجة يترنح فيها العالم مخضباً في دم رأسمالية متوحشة بنطامها الربوي المفترس وفوائدها المركبة التي تلتهم ضعف المعسرين وتحيل الحياة إلى جحيم.

وان ما أصابنا من لهيب تداعياتها سببه زيادة الأسعار في بلد المنشأ أو المصدر.. إلا اننا لم نستوعب ما يجري في السوق المحلي من ارتفاع جنوني في الأسعار شمل معظم المواد والسلع الاستهلاكية والتموينية.. في الوقت الذي لم نكن نتوقع أن يأتي رد فعل هذه الفئة الجشعة في التعاطي مع هذه الموجة العالمية بهذه الفظاعة وهذه القسوة والوحشية في ظل مسعاها إلى زيادة ثروتها على حساب قوت المواطن الذي تنظر إليه باعتباره مجرد محطة (تجارية ) تنقلها نحو زيادة ثروتها في المصارف والبنوك.

فارتفاع السلع الاستهلاكية وتحكم التجار في لقمة الإنسان وتلاعبهم بها، وبالتالي تزايد أرباحهم على حساب ضعف الفقراء وازدياد حالتهم سوءا؛ لأمر يحتاج إلى سياسة حكيمة ورقابة صارمة للاقتصاد والتجارة وحماية المستهلك ومتابعة الشكاوى المتعلقة بهذا الأمر، ولكن وللأسف الشديد، هناك بعض المجمعات الاستهلاكية تجد أسعارها تفوق كل الأسعار، وكل يوم لها سعر جديد، والمواطن محتار في ذلك، فمن يحميه من هذا التلاعب، وراتبه يذهب من بداية الأسبوع الأول من الشهر، ليظل الأيام الباقيات منه في قلق وترقب، مع معاناته مع الديون والأقساط ومطالب الأسرة التي لا تعرف التسويف ولا المماطلة.

فالدولة مطالبة بإيجاد الآلية المناسبة لمراقبة الأسعار والحد من ارتفاعها والزيادة في الرواتب التي ينتظرها الموظفون والمواطنون الذين تعبوا من الصبر، وتعب الصبر منهم، حتى كفروا بوجود من له الرغبة والقدرة لإيقاف التهاب الأسعار، وحماية المستهلكين من تلاعب وجشع التجار حتى في شهر رمضان المعظم ليزدادوا غنى، ويزداد الفقير فقراً، فكثيرة هي الشواهد التي تؤكد عدم احترام البعض لمضامين الرسالة الرمضانية ومفاهيمها ومعانيها الإيمانية والإنسانية والأخلاقية، بما هي رحمة ومغفرة وبركة يسعى من خلالها العبد إلى زيادة رصيده الإيماني والأخلاقي والإنساني، تقربا إلى الله ومراعاة لحرمة هذا الشهر الكريم وفضله وخيره من خلال الشعور مع الآخرين وتلمس احتياجات المعوزين منهم والوقوف إلى جانبهم وتلبية هذه الاحتياجات ما أمكن، تجسيدا لمبدأ التضامن والتكافل بين الناس الذي حرص ديننا الحنيف على نشره وترسيخه..

في زيادة راتبه

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى