خواطر في عامي الخامس والعشرين
عن غاياتنا وحروبنا للوصول إليها، عن تغيّر هذي الغايات مع مرور الزمن، وانتقاء ما نخوض من معارك، وإدراك أنّ الفوز بإحداها لا يعني بلوغ أيّما غاية. ابتداءً من معرفتنا قبل سن العاشرة صدفةً بتعويل والدينا على مستقبلنا ليروا فينا ما لم يستطيعوا إليه سبيلاً في حيواتهم التي فترت وسكنت على حد ظنّهم. الأطفال أذكى مما نتخيل ونحن أيضاً كنا أذكى مما نتخيل ومما نحن عليه اليوم، ولا يخيف ذلك بل يدعو طفولتنا للضحك!
هل سنعيش لنحقق هذا فقط؟ هل سنعيش إلى اكتشاف أن هناك نظرية لكل شيء كما وعدنا أهل الفيزياء وتلوين هذا الحلم والتوق إليه بعيش كل قصة نسجها الخيال العلميّ؟ أم سنصطدم في مرحلة الدراسة الثانوية بحقيقة النظام التعليمي وأن هناك لسببٍ ما من يملي علينا ما نقرأ!
حسناً، بدأ عامي العشرون، ويجب التخلي مؤقتاً عن التفكير بإمكانية تأسيس حضارةٍ على كواكب أخرى واكتشاف الكون مبدئياً والبحث عن بلدٍ أرضيّ آخر يتيح لي على الأقل دراسة التخصص الذي أريد والتحرر من قيود المجتمع والاطلاع على ثقافاتٍ أخرى، لأتيقن أنه لا مفرّ من الانخراط في أيما مجتمع والتأثير فيه، بل نحن بحاجة إلى ذلك!
وقبل حاجتنا لخلانٍ وأحباء نشاركهم أهدافنا وأحلامنا، نحن بحاجة إلى من نشاطره وجباتنا وأتفه أحاديثنا ولحظات يومنا، وهذا ليس بالأمر السهل، فالصداقة أمرٌ معقّد، كما أن العلاقات الإنسانية العابرة السطحية حتى أمرٌ شائك! وأما الحب فهناك رغبة عارمة بخوضه تارةً والهرب منه تارات أخرى!
كيف يجب التعامل مع إنسانٍ آخر؟بمنطقٍ آخر؟ بنظارةٍ أخرى؟ وكم تساءلت، هل نرى ونسمع ونستشعر الأشياء بشكلٍ متطابق؟ أم هكذا المحيط والعالم يبدو بالنسبة لي فقط؟ فماذا عن فهم الأشياء وتحليلها؟
من المسلمات أن لكلّ منا طريقته، فالأسرة على سبيل المثال فهي مساحةٌ آمنة مهما ارتكبنا من أخطاء، ومع ذلك لا بدّ من بذل مجهود!
ومع إتمامي عامي الخامس والعشرين اليوم، أكتشف أن أكثر ما يجزعني ويستنزف طاقتي هو ليس تغيير وتطوير وتزكية نفسي فحسب، وإنما وقبل كل شيء محاولاتي في الإصغاء إليّ وفهمي والحد من ارتعاش يديّ وتعرّقهما كلًما اختليت بيّ!