خيالات نورا المدهشة

عن دار التنوير في بيروت صدر للكاتب التونسي مجدي بن عيسى رواية ثانية بعنوان " خيالات نورا المدهشة"، بعد عمل روائيّ أوّل بعنوان" الدوار " كان قد صدر في طبعتين خلال سنتي 2005 و2008 في كلّ من الإمارات العربية المتّحدة، وتونس. للكاتب أيضا عدد من الأعمال الشعريّة والبحثية، إذ سبق له أن أصدر خمس مجموعات شعريّة وبحثين في الأدب العربيّ القديم.

في هذا العمل الروائيّ الجديد يرصد الكاتب تحوّلات المدن العربيّة في ظلّ عولمة فتحت الحدود أمام نهم أصحاب المال، وإلتمّت فيها الثقافات على ذواتها الخائفة من الاضمحلال والتلاشي. ضمن هذا التعارض التراجيدي بين مسارين تحيا تحت وطأته المدن العربيّة، تحلم بطلة الرواية (نورا ذات الخيالات المدهشة) بالمصالحة بين روح مدينتها الخاملة المحافظة وبين نزوع العولمة إلى التعدّدة والقبول بالآخر قبولا يجعل من الأخلاق منظومة للتعايش والتحّاب والسماحة.
تقوم الرواية سرديّا على التقاء عدد من الحكايات تجتمع كلّها في ذهن وقّاد عامر بالأخيلة والممكنات هو ذهن البطلة نورا، أوّل الحكايات هي حكاية الإيطاليّ صاحب معمل النسيج والصور الخليعة التي وجدت على حاسوبه، ومن خلال افتضاح أمر الصور وتداعياتها على مجتمع المدينة تبرز مجموعة من الحكايات التي تؤرّخ لماضي المدينة وتكشف عن حقيقتها المتطلّعة إلى الآخر ضمن حدود أخلاقيّة وعقائديّة ترسّخت عبر القرون والأزمنة ، ومن بينها حكايات المستوطنين والمهاجرين الأجانب إلى المدينة، وحكايات أهاليها الأصلاء كالحلاّق إدريس وعادل المخنّث وعائلته والسيّد المحاسب وابنه إدريس. حيث تتداخل الحكايات وتتعالق لتكشف لنا عن القاع الذي يكوّن الأصول العميقة لردود الفعل الثقافيّة والأخلاقيّة تجاه الآخر ووجوده بيننا.
وإذا كان لرواية مجدي بن عيسى الجديدة من مزايا تحسب لها ، فإنّ أهمها في تقديرنا هو قدرته على المزاوجة بين عمل السرد المتماسك ذي النسق السريع، وبين الحفر العميق والدقيق في موضوع معرفيّ مهمّ يتعلّق بتشكّل شخصيّة المدن الحديثة ومجمل التحوّلات التي تعصف بها ضمن منطومة قيميّة طارئة هي منظومة العولمة الاقتصادية وما تحمله من تحدّيات.
صدرت الرواية عن دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع بلبنان في 133 صفحة موزّعة على ستّ فصول بعناوين منفصلة هي على التوالي: نورا تستيقظ من نومها، حكاية الصور الخليعة، المحاسب وابنه الصالح، إدريس الحلاّق ينزل إلى البحر،ناهد تخرج من صمتها، عينان جاحظتان...