الاثنين ٦ آب (أغسطس) ٢٠٠٧
بقلم سليم أحمد حسن الموسى

دمــــــوع .. أفـــعى .. نـــــار

[ زرتُ مع العائلة ، قرية "أم قيس " وهي قرية أردنية
مرتفعة تطل على بحيرة طبريا ، ونهر اليرموك .. ،
وأثارني سؤال حفيدي الصغير " عمر " ]

كان وقــــت المســـــاء ،
وكنت على قمة البؤس ، في أمّ قيس [1]
وكان النسيم ، يهـّب عليــلا طــريـــّا
" فينكش " شعر حفيدي " كـــــــــريم "،
ويفتح بــــوابة الــذكـــريات ..
كانت الشمس تهبط ، خلف جبال فلسطين ،
تغالب بعض النعاس ، وبعض الحنــــين ..
وتنثر فوق ميـــاه البحــــيرةِ .. [2]
تــبراً ، وحبـــاً ، وشـوقاً ، وحــــــــزناً ،
لكي تستحم قبيل المنــــام ،
بأقدسِ أرضٍ ، وأطهـــرِ أرضٍٍ ..
بأرض الســـــلام .
وكانت تفيق على الخوف والذعــــر ..
إذا سمعت صوت المدافع ، والصواريخ ،
وصـــوت البكاء ، وصـــــوت الأنــــين .
 
* * *
 
جــــاءني حفيــــدي " عمــــــر " ،
قــــال يــــــا جــــــدُّ ..
أنت تقول بأن فلســـطينَ ملكٌ لنــــا .
وأن البحـــــيرةَ ملكٌ لنـــــا ..
فهيـــّـا نروح هنــــاك ..!
ضحكتُ .. بكيتُ ..
تخيـــّلتُ أنّ مياه البحيرة دمعــاْ ..
ورحت أردّدُ ..
 
" فلسطين إني كرهت الدمـــوعَ
فلن يُـرجــــــع الدمــــع آمـــالية
 
بعزم قــــــويّ يفـــلُّ الحــــــــديدَ
ســــافديك يـــــا أمـيّ الغـاليـــــة
 
بـــــــدمّ الشهيد الزكي الــــــنقيّ
يســـــيلُ عــلى أرض أجــــدادية
 
فيمحـــــقُ أعـــداءك الغـــاصبينَ
فـــلا يتــــبقى لــــهم بـــاقيـــــــة "
 
نظــــرتُ إلى النهــــــــرِ .. [3]
تخيـــّلت أنّ مجــــراه أفعــــى ،
تهاجم أرض فلســــطين ..
وتبتلعُ الطفلَ ، والشـــيخَ ..
ولا تكتفي .. فكلهم في النهايةِ ..
إن لم تُقتل الحيــّةُ صـــــــرعى !
 
ورحتُ أردّدُ ،
" على الـــيرموك قف ألقِ السلاما
وكلّــــمهُ إذا فهــــــم الكــــــلامـــــا
 
وقلْ يــــا نهــــرُ ضعنا يوم ضاعت
كـــرامتنا ، ومــا زلنـــا نيـــامــــــا "
 
ووراءَ النهــــر ،
كانت " الجولان " ، تسهر في الليل ،
وتغرق في الصمتِ ..
وأنوارهـا تهتــّز ، كأنها النارُ تســعى
فتحرقُ الروحَ ، والنفسَ ، والضميرَ ،
والبائعَ ، والشــــاري ..
والزيفَ والعـــــــارَ ،
والأخضــرَ ، واليابسَ ،
ما كانت النـــارُ تُبقي ولا تــــَذر .
 
ورحتُ أردّدُ ،
" سلام من صــــبا بردى أرقُ
ودمع لا يكفكــــــف يا دمشــــقُ
 
ومعذرة اليراعـــــة والقوافـــي
جلال الرزء عن وصف يـــــدِقُ
 
وبي ممــــا رمتك به الليـــــالي
جـراحات لها في القلب عمـــق "
 
* * *
هـــزّ كتـــــــفي " عمـــــر "!
قال يـا جـــدُّ أينَ ســــرحتَ ؟!
قلتُ عدتُ إلى الأمس البعيد ،
فبعد وفاة الرسـول ،
عليه الصلاةُ ، وأزكى السلام ،
وبعد أبي بكر ٍ ، كما تعلّـمتَ ،
" جـــــــاء عمـــــــر "
 
فكان يقول ..
" إذاعَثرتْ أي شـــاةٍ بأرضِ العـراقِ
سـيُسـأل عنها عمــر ! "
فكيفَ اقابل وجــهَ الكريمِ ، ويبكي عمر
فمن يُســألُ الآنَ .. ؟ لا أحــــد ..!
من يُسأل الآنَ ، عن ضياع فلسطين ،
واحــتراقِ العـــراقِ ،
وتمزيق لبنــــان ..
والكثـــيرِ الكثــــيرِ ..
لا أحـــــد ، لا أحـــــد .
يقولونَ ، وهم يضحكــــون ..
" فلسطينُ أضــاعها أهلهـــا
باعوهـا ، هربوا منها . .
لم يموتوا لأجلــــــــها .. ! "
 
فهـــلْ تُصـــــــدّقُ ..
مــا يقولونَ يــا عمــر ؟

[1أم قيس : قرية مرتفعة في محافظة اربد ، الأردن ، تطل على فلسطين

[2البحــــيرة ، بحـــيرة طـــبريا في فلسطين

[3النهـــــــر : نهر اليرموك


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى