الأحد ٢٦ آب (أغسطس) ٢٠١٢
بقلم عيسى حديبي

ديوان أجنحة السحاب

للشاعر الأستاذ عثماني بولرباح

جاء الديوان في 111 صفحة من القطع المتوسط، ضم مئة وخمسة قصائد، كما تفضل بتقديمه معالي الوزير الأسبق الأستاذ الأمين بشيشي.

تنوعت قصائد الديوان بين العمودي وشعر التفعيلة، و غلبت عليه المسحة الصوفية، كما يظهر في بعض عناوين القصائد: إغراء واشتياق- روضة الآفاق- رسوم الغسق- صهوات الفناء- الدعائم الباقية- الإشتياق- آية العشاق.
تناول الشاعر بولرباح عثماني النداء بشكل جميل؛ في قصيدة فرط التنائي: يا أنت يا زمن الإعصار..،يا أنت يا سطوة الإلهام..، يا أنت يا قلعة الإبحار..، يا أنت يا قائدي ربان باخرتي..، يا أنت يا صاحبي رسول عاشقتي..، كما تعرض الشاعر بولرباح إلى عديد المصطلحات الصوفية؛ في قصيدة فرط التنائي يقول ..

روحا تغازل طيفا في مرابعه
تدعو إلى أمل والوجد يرسله
أتقبل الروح بالأشواق تمنحها
عمرا جديدا على الأطياف تحمله
ومن قصيدة رسل الغد..
يا سادتي شدوا الوثاق
لم يبق من وقتنا إلا القليل
وسنعبر الجسر بعد حين
لا لن تموت على السواقي
ما دام في أجسامنا قش حقير (...)
 
يا سادتي الأبطال
يا رسل الفلاح
شدوا معي..
لم يبق إلا دقيقتان
ونجتاز الجسر الأخير
وعلى أحلامنا والفناء
سيمرون ....للزمن السرمدي مئات الأبطال
سيمرون.
ومن قصيدة مسارح الأحزان راح الأستاذ بولرباح عثماني يقول..
حاولت أن أستحم بماء النهاية
وأنزع عن جسدي بدايات الهزيمة
فقد روت لي الحكاية في صباح يومنا هذا حكاية
قالت:
ستخاصم من أجل عيوني أحزانا
وتبارك وحي السماء عصافير السماء
تتعاطى منها لحونا وصلاهْ
رأيت المكان يحدق في الكلمات
رأيت الزمان يعطر زيف الجروح
تمر الليالي مرور الكرام
فيأبى في لحظات
أن يعانق صمته صمت النهايات

ثم يخرج الشاعر من وجده محاورا نفسه، وكأنه يراقص مرآة تعيد رقصاته بوفاء؛ فيقول في قصيدة هذيان وحصار

هذيان يحصر أوردتي، يثقلني
يجعلني أبكي لحظات
يجعلني أبكي سنوات
يتولد شوق من شوقي
يتولد حب من حبي
...فزوال
ثم، في نفس القصيدة، يخطو خطوات البوح والوصف على نهج نزار قباني؛ يقول..
حبك كالوحي أصدقه
...كالتنزيل
حبك تجوال
بين أمواج وموت
...
حبك كل ما أرى وما لا أرى..
حبك نار
وقلبي نور
يجعلني أعبد عينيك
...يمزقني
أجزاء أجزاء
حبك نهر
حبك بحر
وأنا قطرة ماء
يا أعذب أعذب مخلوق
يا أرقى أرقى صفاء.

الشاعر بولرباح عثماني يفضل الطيران؛ حتى في برنامجه الإذاعي " تجليات"(1) ؛ يختار أسئلة مفتوحة على السباحة و التحليق في سماء الكلمة وروح الحروف، والعنوان الذي اختاره لمجموعته الشعرية أحسن دليل على ذلك.
"أجنحة السحاب"، الجناح يمثل الشكل المادي للطيران، أما السحاب فهو روحه وذلك أصعب شيء فيه، السحاب يحمل الصورة الذهنية وقالب المعنى :الحلم/الحب/المبتغى /والإشتياق والكشف ( التصوف).

في العنوان سيميائية جميلة، لمعنى مركز واختصار دقيق لمجموعة القصائد، التي ترسم بنيتها طائرا يغرد بذاتية الشاعر، التي يسقطها على أحوال مجتمعه، وبصدق الكلمة تمكن من رسم لوحات مختلفة لبيئته، وكم كان وفيا وموفقا في قصيدة بقايا الطقوس حين يقول معبرا بإحساس الخيبة والتهالك، مع الحفاظ على مقام الإيمان

بالحلم والمحبة
دنيانا التي فيها لقاء وسفر
أقزام و...
آلام و...
خطايانا التي فيها الخبر..
أزهار مدينتي مزقها العناد
وباتت تردد ..
أوراقي بعدي لا تعرف إلا عابر السبيل...
فمؤمن أنا.
بأيام..
بأحلام..
بأنغام..
مزقها مجداف البحار..
وأنكرها القرار.
وهكذا ينهي الشاعر ديوانه مصرا على الطيران، كما فعل قبله المغني رود ستيوارت في أغنية (أنا أسبح)حين يقول ..
أطير أطير
كالطائر في السماء
أطير عبورا على السحاب العالي
حتى أكون معك حتى أكون بقربك.

 تجليات حصة إذاعية يقوم بتقديمها الشاعر بولرباح، متنفسا للأدب واكتشافا لأقلام جديدة وأخرى مهمشة
 مغني بريطاني مشهور وهذا شطر من أشهر أغانيه

للشاعر الأستاذ عثماني بولرباح

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى