ذكريات على مائدة الرقص الشرقي

من أطراف الذاكرة أتناول كلمات قصيرة من أصل مجموعات لحكايا طويلة بدأت منذ الجاهلية الأولى ولازالت تنمو وتستمد قوتها من مدعي الحضارة وكغيرها من الحكايات تعولمت وانطلقت هذه المرة على غير العادة من الشرق إلى الغرب معبرة عن ثقافتنا.

على مائدة الرقص الشرقي تعودت أن تجتمع مجموعة من أفضل راقصات المجتمع يتبادلن الهموم والآراء والذكريات وآهات وتنهدات على ذكريات فاتت.

الراقصة الأولى: تلوح أمام ناظري الآن حربي التي استمرت ربع قرن حاربت فيها أفكار المجتمع المتخلف وكم جاهدت من أجل إيصال فني الراقي إلى الغرب , وما خفف عني حزني وكآبتي هو أنني في نهاية المطاف وصلت للآخر وأمسيت أول مدرسة للرقص الشرقي في أكبر جامعات الغرب. وإن ما يعكر صفوتي هو الجيل الجديد من الراقصات اللواتي لا يفكرن إلا بالشهرة دون أن يعرفن قيمة هذا الفن الراقي،وبعد حديث طويل دمعت عيناها شوقاً للأيام الخوالي.

الراقصة الثانية: وبضحكات قوية عالية تقول تذكرت كيف بدأت قلقة وخائفة لدرجة أنني نسيت ملابس الرقص في البيت وكل ذلك لأن جلالته طلب مني أن أرقص أمامه، لقد دخلت على جلالته بعينين باكيتين.

جلالته: ما بال راقصتنا الجميلة تبكي؟

الراقصة: نسيت بدلة الرقص.

جلالته: لا عليكِ فإن ما يهمني القالب وليس ما يرتديه القالب.

الراقصة: تلك الكلمات هدأت من روعي وخففت خوفي ولكي يزول عني الخوف نهائياً طلبت من جلالته أن يسمح لي بربع ساعة لأصلي ركعتين وأقرأ القرآن حتى يفتح الله علي.

جلالته: لا مانع.

ثم بعد ذلك ذهبت وتوضأت وصليت ركعتين على نية التوفيق ثم قرأت بعض آيات من القرآن وبعد أن انتهيت ذهبت لأداء وصلتي الراقصة.

الراقصة الثالثة: لقد تقدم العمر بنا واعتقد أنه يجب أن نقدم عملاً لله وبالنسبة لي سوف أخصص 25% من أرباح مدرسة الرقص التي أمتلكها لصالح البنات اللواتي لا يجدن ثمن التسجيل قي مدارس الرقص.

الراقصة الأولى: أما أنا سوف أخصص يوم الاثنين من برنامج الكباريه للفقراء والمساكين فتلك الفئة من الناس لا تملك المال وسأحرص على بذل جهدي لتزداد حسناتي.

الراقصة الثانية توضأت حيث أن الفجر صار على الأبواب وبعد أن صلت بكل خشوع توجهت بقلب صافٍ طاهر تدعو ربها قائلة: اللهم احمِ مرقصي واجعل من رقصاتي فناً يُقتدى به ومن حركاتي سيفاً يقتل الكارهين والحاسدين.

ولله في خلقه شئون

8 يناير/ كانون الثانى 2002