
"راس غليص" بين هناء ثروت ومرح جبر

تعود الفنانة السورية الكبيرة مرح جبر إلى ارتداء الزي البدوي، في سياق مشاركتها في المسلسل البدوي الضخم "راس غليص"، الذي يصور في عدة مناطق أردنية.
وأمضت الفنانة جبر العشرة أيام الماضية، وسط سحر الماضي في رحاب المدينة الوردية – "البتراء"، التي استضافت تصوير جزء كبير من مشاهد المسلسل ذائع الصيت الذي ينتجه المركز العربي للخدمات السمعية البصرية، ويخرجه الأردني أحمد دعيبس.
وتقف الفنانة جبر، في هذا العمل الذي تواجه من خلاله الجمهور في رمضان المقبل، أمام نخبة من النجوم السوريين والأردنيين، الذين يتصدرهم الفنانون: رشيد عساف وزهير النوباني ونبيل المشيني ومنذر رياحنة.
المسلسل في نسخته الجديدة، يعيد طرح الدراما التلفزيونية البدوية، من بوابة الإنتاج الضخم، ويحررها من أسر التناول السهل وغير المكلف، الذي أدى إلى غيابها وتراجع حضورها على الشاشة العربية.
وإذ يثير المسلسل للوهلة الأولى، مقارنات عدة، أولها بين النسخة الأولى والثانية، ومخرجيهما وكاتبيهما وابطالهما؛ لا بل.. وبين زمنين مختلفين في الإنتاج والتمثيل والإخراج والكتابة، فإن أوساط "المركز العربي" استبعدت أن يشكل ذلك عاملاً ضاغطاً، على العاملين في المسلسل، بل رأت في ذلك عاملاً مساعداً، لا سيما وأن النسختان (القديمة والجديدة) تنطلقان من رؤيتين مستقلتين، وإن لم تختلفا موضوعياً.
ولكن مرح جبر، التي تقوم بدور "حمدة" الذي ارتبط بالفنانة المصرية المعروفة هناء ثروت، تبدو بعيدة تماما عن القلق لجهة المقارنة، وتؤدي دورها بتحرر تام من إرث هناء وبصمتها التي علّمت طويلاً؛ فمرح سبق وأن أثبتت حضوراً لافتاً، في مجال الأدوار البدوية، وتمكنت من أن ترسم قسمات واضحة لشخصية بدوية تكون معادلاً نسائياً لشخصية الفارس الرجل، وهو إنجاز يحتسب على الرصيد الشخصي بعلامات تميز كبيرة.
وتحافظ مرح من خلال مشاركتها في "راس غليص"، على سجلها كمرشحة أولى لأدوار البطولة النسائية في أضخم الإنتاجات في مجال الدراما البدوية، وقد كان تأكد لها هذا السجل من خلال قيامها ببطولة مسلسل "جواهر" ذائع الصيت، والذي تضمن الكثير من أشعار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم .
أما قصة مسلسل "راس غليص" فهي واحدة من أبرز حواديث تراث البادية الأردنية، أما القصة التي اعتمدت لدى إنتاج النسخة الأولى من المسلسل عام 1976، فتعود لجدة الفنان الأردني نبيل المشيني التي روتها بصوتها على شريط كاسيت، الذي كلف في حينه السيناريست خالد حمدي الأيوبي، لكتابة السيناريو عن القصة التي تم تكليفه بتنفيذ إنتاجها في مسلسل من ثلاثة عشر حلقة، لصالح مؤسسة الخليج للأعمال الفنية في دبي.
ودخل المسلسل، الذي تم إنتاجه وعرضه فعلاً في أواسط السبعينات من القرن الماضي، إلى واحد من الأعمال التأسيسية لشكل درامي جديد أخذ اسم "الدراما البدوية"، بينما تحول اسم المسلسل، الذي حقق نجاحاً كبيراً، إلى قولة مأثورة تستخدم إلى جانب الأمثال والتعابير الشعبية. إلا أن الدراما البدوية، نفسها، تراجعت منذ النصف الثاني من الثمانينات، ووقعت في أسر التناول السهل وغير المكلف، ما أدى إلى تراجع حضورها على الساحة الفنية، وغيابها عن الشاشة العربية، لاسيما في الفترة التي توجهت فيها الدراما التلفزيونية العربية نحو أساليب الإنتاج الضخم، التي تمحورت حول الفنتازيا التاريخية، التي كانت على نحو ما أعمالاً بدوية مقنعة.
وبقي ملف الدراما البدوية مطوياً، إلى أن أدرج "المركز العربي" على خطته الإنتاجية برنامج إعادة إنتاج مجموعة من أبرز أعمال الدراما البدوية، التي اشترى حقوق إنتاجها، واستهلها بإدراج مسلسل "راس غليص" على خطته الإنتاجية لشهر رمضان 2006.
وقد كلف المركز العربي، الذي قام بشراء حقوق الرواية الأصلية، لـ"راس غليص"، الكاتب مصطفى صالح لكتابة المسلسل، في نسخة جديدة من ثلاثين حلقة، وفق الظروف والمعطيات الإنتاجية الحديثة. وجاءت النسخة الحديثة من النص، لتقدم الرواية الأصلية من بدايتها، خلافاً لما جاءت عليه النسخة الأولى من المسلسل.