رسائل الحنين إلى الياسمين
مِنْ قَاسَـيُونَ يُطِلُّ وَجْهُكِ ضَاحِكَــاً
وَ الشِّعرُ يَبْكِيْ فِيْ الهَوَى مِحْرَابِي
أَهْـدَاكِ رَبّـِـي مـِـنْ جَمَــالٍ آيــــــةً
مَنْ غَيْر حُسْنِكِ هَزَّ عَرْشَ غِيَابِي؟!
يَا شَــامُ.. يَا وَرْدَاً أَذُوْبُ بِعِطْــرِهِ
فَنَدَاهُ عِنْدَ الفَجْرِ دَمْعُ عِتَابِي
قَبَّلْتُ فِيْ عَيْنَيْكِ تَارِيْخَ الهَوَى
أَحْرَقْتُ بَعْدَكِ فِيْ العَذَابِ شَبَابِي
وَسَكَبْتُ دَمْعِيْ فِيْ الكُؤُوسِ صَبَابَةً
شِعْرَاً يُصَلِّي فَوْقَ سَطْرِ كِتَابِي
ما عَادَ يُجْدِي في النَّوى طِبٌّ مَعِي
هَلْ يُبْرِئُ النِّسْيَانُ بعضَ عَذَابِي؟!
و أَنَـامُ لا تَحْنـُو عَلَيَّ قَصِيْدَةٌ
إن دَقَّ طَيْفُكِ في المَهَاجِر بَابِي
يا مَنْ يُسَائِلُ عَن دِمَشْقَ وَسِحْرِهَا
أَعْيَيْتَ في هذا السُّؤالِ جَوَابِي
هي جَنَّةُ الدُّنيا وَ مَأْوَى خافِقِي
ومآلُ سَعْدِيَ وَ اندثارُ عذَابِي
الكلُّ يعشقُ في الدُّنا أملودةً
لكن لِجُلَّقَ في الغَرَامِ مَآبِي
يهواكِ رَبِّي و الخلائقُ كلُّهم
هل ذاك يكفي في الهوى أسْبَابِي؟!
وَذَكَرْتُ أَيَّامَ الوِصَالِ فَهَزَّنِي
فيضُ الحنينِ لها وَشَاخَ غِيَابِي
والزّهرُ عَرْبَشَ مَدَّ بين أصابعي
يُدْمِيْ مع الأقلامِ خَمْرَ عِتَابِي
نيسانُ مثل الطّفلِ يَبْكِي دَارَنَا
و رحيقُ زَهْرٍ سَالَ مِثْل رِضَابِي
أزرارُ فُلّتِنَا كأنّ حمائماً
في حُضْنِ وردٍ فائحِ الأَطْيَابِ
والياسمينةُ تلك تَحْضُنُ سُورَنَا
وتَنَام ُ لَيْلَكَةٌ على أَهْدَابِي
وبنفسجٌ في الدَّار يَضْحَكُ للهوى
و يسائلُ اللبلابَ أين صِحَابِي؟!
وَ الرّيحُ تَجْرِيْ في البعادِ غريبةً
سَكْرَانَةً تَهْذِي على أَبْوَابِي
يا ريحُ قُوْلِي هَلْ رَأيْتِ مدينتي؟!
أم مرّت الأحلامُ من أعتابي
السُّورُ يَبْكِي عند نافذة الهوى
لو كان يدري أنّ فيه مُصَابِي
وَ القيمريّة تلك ما أخبارها؟!
يا ليت عِطْر السّوق تحت ثِيَابِي
وَ الجَامِعُ الأُمَوِيُّ كيفَ قِبَابهُ؟
كَمْ نَاحَ قَبْلِيْ في الصّلاة غِيَابِي
إنّي رضيعُ سهولها وهضابها
وعلى مفاتنها خلعتُ شبابي
يَا شَامُ لا تَنْسِي رَضِيْعَكِ فِيْ النَّوَى
إِنْ جَفَّ ثَدْيُكِ فالتُّرَاب كَفَى بِي
كَمْ مَرَّ عَبْرَكِ غَاصِبُونَ فَمَا بَقُوا
مِنْ دَمِّ يُوسُفَ صَارَ لَوْنُ خِضَابِي
يَهْوَاكِ ما عَاشَ الفُؤَادُ فإن يَكُنْ
مَوْتِيْ قَرِيبَاً لَيْتَ فِيْكِ تُرَابِي