الاثنين ٣١ كانون الثاني (يناير) ٢٠١١
بقلم علي الدميني

رسالة إلى الدكتور جابر عصفور

أستاذنا (السابق) دكتور جابر عصفور....
 في البحث الأكاديمي النظري، يصحّ تغليب رأي على آخر، أو ابتكار سواهما..

وفي حوارنا حول المفاهيم والنظريات الأدبية والفكرية مساحة للاختلاف، والتعارض، دون أن يصل بنا الأمر لوصم مخالفينا بالخطأ، أو الانحراف عن نشدان أشباه الحقيقة... تلك التي لا يمتلك أي منا لوحده، حق تعيينها وفرضها على الآخرين ، في هذه الحقول.

 في البحث عن خيارات "نظرية" أكثر نجاعة لتطور المجتمعات، فكرياً وسياسياً واقتصادياً، مساحة للحوار، ومساحات أوسع للاختلاف..

أما حين يكون الأمر بسيطاً و واضحاً وصارخاً بصوت الملايين التي تتظاهر في كل أرجاء "مصر" ، ومن قبلها تونس، مطالبة بحقوقها وكرامتها وأحلامها التي انتهكها النظام الحاكم، فإن اختيار الموقف الصائب لا يحتاج إلى أبحاث أو حوارات ومجادلات، وإنما إلى حسم أخلاقي أولاً، وحضاري ثانياً، يضعكم وطلائع الفكر و الأدب و الفن في "مصر" في مقدمة المؤيدين والمشاركين في ثورة ملايين الشعب المصري الذين يتكلمون اليوم بلغة جديدة ، تفتح أمامهم أبواب مستقبل جديد!

 أستاذنا (القديم):

لماذا حسمت خيارك بكل هذه البساطة، والتحقت بركب الخيول الهرمة، والفرسان الهزومين، الذين لطخوا أياديهم ومسيرتهم بالدم؟

ألم تخاتلك الذاكرة أو تغريك لاستعادة ما احتفت به "مؤلفاتك" من قيم العقلانية والحرية والعدالة والمساواة .. ضمن جهودك التنويرية؟
 سيدي المتعثّر في درجات طريقك الأخيرة..

ما ذا ستقول ل " طه حسين", و"للعقاد" ، و ل"محمود أمين العالم"، ولغيرهم من أعلام التنوير والتقدم في "مصر" ، لو عادوا اليوم، ووجدوك جالساً على هذا الكرسي الهزيل، الذي لن يقودك إلى الموت المبكر وحسب، وإنما إلى صفحات النسيان التي يربأ بك مثقفو العالم العربي أن تذهب إليها مختاراً؟

 بالله عليك أجبني:
كيف قايضت اسمك وتاريخك بموقع ذاهب إلى الزوال سريعاً.. وكيف لم تقف مع شعبك وخياراته الحاسمة في هذه اللحظات التاريخية، التي يمكن النظر إليها – وإلى الثورة الشعبية التونسية قبلها – كعلامات راسخة على تدشين مرحلة جديدة من نضالات الشعوب، لنيل حقوقها المنتهكة، ومقدراتها المسلوبة، من قبل حكّام القمع والجور والفساد؟
كيف لم تقرأ دلالات هذه الثورة الشعبية ، ومطالبها، وما قدمته من تضحيات تقدّر بمئات الشهداء، وآلاف الجرحى والمفقودين؟

وكيف لم تستنكر ما قامت به " قوى الأمن" من عنف همجي ضد تظاهرات سلمية وحضارية، وهو ما تستنكره الأعراف الطبيعية للبشر، وتحرمه الأديان السماوية، وتدينه وتعاقب عليه مواثيق حقوق الإنسان العالمية؟

لذلك سوف أخلع اسمك ورسمك و رمزيتك، ومن شابهك، من ذاكرتي، ومن ذاكرة ثقافة التنوير، وأؤكد على انحيازي – من قبل ومن بعد - إلى موقف شعب مصر العظيم، والذي سبقتني إلى التعبير عنه بعض الشعوب العربية و بعض مثقفيها.
كما أنني أناشد كل القوى الخيّرة في العالم، ومنها منظمات حقوق الإنسان، للتعبير عن مساندتها لشعب " مصر" ضد كل ما يتعرض له من انتهاكات صارخة، وضد الظلم والفساد والطغيان، من أجل أن يبزغ فجرٌ جديد، أكثر عدالة وحرية ومساواة و ديمقراطية، على أرض الكنانة، وعلى كل الأراضي العربية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى