الاثنين ١٥ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٧
بقلم سليمان دغش

ساعة الريح

لمْ يَكُنْ في يَدي ساعة الريحِ
إلاّ قليلٌ منَ القَمحِ يَكفي
لأعبُرَ ليلَ الشتاءِ الطويل
وشيءٌ مِنَ الياسَمينِ النبيلِ
يُعرِّشُ فوقَ دوالي الشرايين
كيْ يونس القلبَ في قَفص الصدرِ
سربُ الحمامْ
 
لمْ يكُنْ في فمي غير نايٍ
يلُمُّ العصافيرَ منْ فلكِ التيهِ
في خفقانِ الجناحِ الشقيِّ
إلى توتةِ الليلِ
كيْ تجمع القمحَ عن بيدرِ النجمِ
من حَولها وتنامْ ...
 
لمْ يكُنْ في دَمي زبَدٌ يقلقُ البَحرَ
من نومِهِ العفويِّ
على شاطىءٍ قَلِقٍ
من صهيلِ الخُيولِ على رَملِهِ القُدُسِيِّ
ومن هاجِسِ البرقِ
في أُفُقٍ مُثقلٍ بالغمامْ !
 
كانت الروحُ ساعة الريحِ
مثل الفراشةِ توشِكُ أنْ تتجلّى
على نَخلةِ الضوءِ
في كرنفالِ الطبيعةِ
تلكَ مُهِمّتُها في التوَحُّدِ بالمستحيلِ
إذا مَسَّها قبَسٌ من رذاذِ القناديلِ
وهْيَ تهَيِّىءُ زينَتها
في مرايا الخِتامْ
 
لمْ يكنْ غير أمسي
أُعلّقهُ كالوسامِ على بذلةِ العرسِ
ماذا يُهِمُّ العروسَ إذا وجَدَتني
وحيداً كشمسٍ
على ظِلِّ شُرفتِها ؟
وردة في يدي
وقليلٌ منَ الهمسِ في الحُبِّ يكفي
لعرسِ اليمامْ
 
وردةٌ في دَمي سوفَ تكفي
لتشعل النارَ في جَسَدي الآدَميِّ
أُزوّجها نحلةَ الروحِ
والروحُ طرْدٌ منَ النحلِ يمضي
إلى قرصِهِ في الحياةِ لِيَحيا
على عِلّةِ الشهدِ
في التعبِ الدُّنيويِّ وفي
مهنةِ الكشفِ عن نقطةِ الضوءِ
خلفَ حِجابِ الظلامْ
 
لمْ يكُنْ أحَدٌ ساعة الريحِ
كُنتُ وحيداً
أُطِلُّ على قمَرٍ واثقٍ من مكانتهِ
فوقَ عرشِ الغمامةِ
يكفي قليلٌ منَ الماءِ فوقَ سُطوحِ
منازِلنا الجبليّةِ كيْ تطمئنَّ السنونو
على نقعَةِ الماءِ
فوقَ سُطوحِ البيوتِ القديمةِ
تملأُها قطرةً قطرةً
نادلاتُ الرهامْ
 
لمْ يكُنْ أَحَدٌ ههُنا غيرنا
نمنحُ البحرَ سِرَّ خواتِمنا
ونصلّي لحوريّةٍ لا تجيءُ من الموجِ
نغفو قليلاً على فرشةِ الرملِ
حينَ يَضُبُّ الظلامُ عباءَتهُ حولنا
فلعلَّ الحواري تراودنا مثلما نشتهي
في المنامْ
 
ما الذي أبعدَ الشمسَ عن ظِلِّ أحلامنا
فاخترعنا لنا سلّماً للصعودِ إليها
على نخلةٍ في قوافي الكلامْ
 
لمْ يكُنْ أحدٌ ههُنا غيرنا
مرّت الريحُ مسرعةً في ثيابِ العواصِفِ
قُلنا
سلاماً عليها
سلاماً على الريحِ حيثُ تمرُّ
سلاماً عليها
سلاماً سلاماً علينا
علينا السلام ‍ْ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى