الأربعاء ١٣ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٣
بقلم لؤي صافي

سر الحضور

بحثتُ عنه في كل حيٍ
فقالوا لي لا تُتعب نفسكَ في اقتفاء الأثرْ
فمن تبحثُ عنه غائبٌ من غابر العصورِ
لم يتجل إلا في خيال البشرْ
بل كان حاضراً ثُم توارى
ومضى إلى شأنهِ وراءَ القفار
ونحن بَقينا نرشُفُ الندى
ونسأل أين نمضي ومتى نسمعُ الخبرْ؟
 
تلفّتُ حولي لعلي أراهُ
بعد أن هدأ الليلُ وبان القمرْ
كيف غاب عنا سألت نفسي
كيف غاب عنا ونحن الأثرْ
وكيف ينأى بنفسه بعيداً وهو الرجا
ونحن بأقدارنا نَهيمُ في كل سَفَرْ
عسانا نَلْقى الذي يملك السِرَّ
وأخفاه إشفاقا وراء الخبرْ
 
عبرتُ الفيافي سبرتُ الثغورَ
وعدت بناظري إلى المبتدا بانتظار الخبرْ
إلى المبتدا حيث يبزُغُ السرُ
ونورٌ وضيءٌ
أَضاءَ الوجودَ بومضٍ كريمٍ
وحاورتُ نفسي بصمتٍ مدويٍ
وسألت الأحياء بصوت الزئيرِ
من يخبرني بأصل الحكاية؟
باللهِ عليكمُ أريحوني ما الخبرْ؟
 
رحلت طويلاً تركت بلادي
إلى بلادٍ قصيةٍ لا تذكرُ القدرْ
ولكنها تعرفُ أنها فيهِ
وأنه النورُ يضيءُ الحضرْ
وأنه يجيبُ القلوبَ الخليّةُ
وأن جوابَهُ لكلِ البشرْ
 
وعُدتُ إلى موطني وموطنِ أهلي
وزادي عناءٌ وعلمُ الأثرْ
ففاجأتني يداهُ تضمني بحبٍ
وتقودني بين المعابرِ كي أتق الحفرْ
وتجلسني على التل فوق السنابلِ
أتأمل محياهُ في الغيمِ وفي هطولِ المطرْ
وفي غناء البلبل قبل الغروبِ
ورائحةِ الياسمينَ وعِبْقِ السَحَرْ
 
هو حاضرٌ إذن في كلِ شيءٍ
فكيف غابِ عني وكيفِ حضرْ
وكيف أحاطَ صفاءَ الليالي
وغبتُ أنا عنه وهو الذي حَضَرْ
ولم ألحظْ رِفْقَهُ في صخورِ الجبالِ
تَضُمُ بلدتنا وتحيطها من تطايرِ الشررْ
هو الأصلُ إذن وهو المصيرُ
وهو البهاءُ وعِبْق الزَهَر
وهو الذي صَالَ بنا حينَ ضَعُفَ السِنانُ
وتفرّق الجمعُ واستهبنا البشرْ
 
وقبل الزوالِ بعد أن مالَ ضوءُ الخيالِ
سمعت صوت الحقيقة يهمسُ في أذني
هو الحاضر دوما يا رعاك في كل حينِ
وأنتمُ الغائبونَ قريباً في ثنايا العبَرْ
كما غاب من جاء قبلكم منذ حين ثم اندثرْ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى