الأحد ١٧ نيسان (أبريل) ٢٠٢٢
كتاب للباحث المعمري عن

«سيمياء المكان بين قصيدتي العمود والنثر»

صدر عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن، بالتعاون مع الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، كتاب بعنوان "سيمياء المكان بين قصيدتي العمود والنثر" للباحث د.يوسف بن سليمان المعمري.

وتبحثُ هذه الدّراسة في سيمياء المكان وشعريّتة الأدبيّة، بصرف النّظر عن الشّكل الشِّعري، رغم أنه من غير الممكن الانفكاك والانسلاخ تماماً من تجلّيات الشّكل ودلالاته، وأثره على المتلقّي في المقاربة ما بين النّصَّين الشّعريَّين العموديّ والنّثريّ.

واختار الباحث تطبيقاً لدراسته تجربتَيّ الشّاعرَين العُمانيين عبدالله بن علي الخليليّ وسماء عيسى، وجاء هذا الاختيار لأسبابٍ من أبرزها شُهرة هذين الشّاعرين في السّاحة الأدبية العُمانيّة/ العربية، وقلّة الدّراسات النّقديّة حولهما رغم عطائهما الشّعريّ، لا سيّما الدّراسات المتّصلّة بدلالات المكان الشّعريّ.

وسعى الباحث إلى تحقيق هدفَين أساسيَّين من دراسته؛ بيان دلالات المكان وجماليّاته المتعدّدة، والموازنة والمقاربة ما بين القصيدة العموديّة وقصيدة النّثر في تناول المكان والفضاء السّيميائيّ. وحاول في سبيل ذلك الإجابة عن أسئلةٍ على غرار: أين تتمظهر الأمكنة في النّصَّين الشّعريَّين العموديّ والنّثريّ؟، وما دلالات الفضاء المكانيّ وعمقها الرمزيّ والتّأويليّ فيهما؟، وكيف تبدو شعريّة المكان في النّصّ الشعريّ النّثريّ موازنةً بالنّصّ الشّعريّ العموديّ؟، وكيف تتحرّك الكلمات على الصّفحة الشّعريّة بوصفها أمكنةً طباعيّة وبصريّة دالّة في النّصّ؟، وما أوجُه التّشابه والاختلاف ما بين النّصَّين الشّعريَّين أو ما بين الشّاعرَين الخليليّ وسماء عيسى؟

من جهته، قال د.أحمد يوسف في تقديمه للكتاب الذي جاء في 386 صفحة من القطع المتوسط: "الناظر في مسيرة السيميائيّات في العالم العربيّ تعميماً وسلطنة عُمان تخصيصاً يلحظ أنّها ما زالت تتلمّس خطاها ببطء وتؤدة؛ وعلى الرغم من الإنجازات الثمينة ترجمة وبحثاً وتأليفاً؛ فإنّ القيام -في نظري- بتقويمها أمر محفوف بالمزالق؛ لأنّه من السابق لأوانه التفكير في تحديد معالمها ورصد اتجاهاتها وتياراتها".

وأضاف يوسف: "ما يعنينا في هذا المقام الحديث عن المسيرة العلميّة للباحث د.يوسف المعمريّ الذي ابتدأ مساره الأكاديميّ بأطروحة الماجستير بعنوان (قراءة في مُضْمَرات علي المعمريّ.. دراسة سيميائيّة تأويليّة) التي أفاد فيها من أعمال الندوة العلميّة التي أنجزها قسم اللغة العربيّة بكلية الآداب والعلوم الاجتماعيّة بجامعة السلطان قابوس عام 2011، وخُصصت لعالم علي المعمريّ السرديّ".

وتابع بقوله: "إذا كانت الخطوة الأولى التي شقّ بها الباحث المعمري مسيرته العلميّة قد وقفت على النص السرديّ العُمانيّ؛ فإنّ أطروحته في الدكتوراه قد خصّصها للنّصّ الشعريّ العُمانيّ. وهو بذلك ظلّ وفيّا للأدب العمانيّ الحديث متناً وموضوعاً، وللسيميائيّات التأويليّة منهجاً في دراسته".

ورأى يوسف أن هذه الدراسة تضيف لبنة أخرى في المنجز النقديّ العُمانيّ في مجال الدراسات السيميائيّة بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع طرح الباحث المعمري معرفة ومنهجاً ونقداً. كما أنها "تعدّ قيمة مضافة إلى مكتبة الدراسات النقديّة التي تلقي الضوء على نصوص الأدب العربيّ في سلطنة عُمان في ضوء المناهج النقديّة الحديثة".

من جهته، نوَّه الشاعر سماء عيسى بأهمية الشعر لدى العمانيين، وأشار إلى أنه احتلَّ لديهم الضلع الثالث في مثلث تكوينهم الثقافي الذي كان الفقه قاعدته والتاريخ ضلعه الأول والشعر ضلعا ثالثا له بشقيه الفصيح والشعبي. وبسبب هذه الأهمية "قرأ الباحثون فترات منسية مجهولة من التاريخ العُماني، عبر قصائد شعرائه، وكُتِب الشعر في جذوع النخيل، وسقوف المنازل، وشواهد القبور".

أما الشاعر طالب بن هلال المعمري، فرأى في تقديمه للكتاب أن مثل هذه الدراسات باستخدام مناهج البحث الحديثة تساعد لـ"كشف النصوص ومعرفتها، وكذلك في تقريب وجهات النظر"، مشيراً إلى الإشكالية الموجودة حتى الآن والمتمثلة في "التصنيفات غير الدقيقة لروح الشعر ومساراته وأفقه"، ما انعكس سلباً على "ما قد يُوجَد من علائق بأهمية الشعر والاشتغال عليه بحب وشغف ومران وهيبة".

ويتحدث المؤلف عن كتابه قائلاً: "قد نختلفُ في تفسير طبيعة العلاقة بين الواقعي والخيالي؛ أي العلاقة بين جغرافيّة المكان وجغرافيّة الشّعر، ولكن -كما أرى- في كل الأحوال لا نستطيع أن نفصلَ المكان الأدبي والشعريّ عن محيطه الجغرافي فصلاً تاماً مهما بلغت درجة وذروة الشعريّة".

ويضيف: "لم يكن المكانُ شيئاً عادياً في حياتي، لا أعرفُ ما الذي دَعاني بالضبط لاختيار هذا العنصر الجغرافي والأدبيّ على حدٍّ سواء ليكونَ عنواناً لأهم منجزٍ علميّ وبحثيّ في حياة الطالب الجامعي، وهي أطروحة الدكتوراه".

ويتابع بقوله: "شغَفِي بالمكان الفني في النص الأدبي -لا شكّ- له أسبابه العلمية والفلسفيّة والأدبيّة، ومع ذلك فأعلّلُ السببَ تقديرا وتأويلا لرحلتي الممتدة ما بين قريتين مختلفتين جغرافيا وحياتيّا، الأولى هي تلك الواقعة في سفوح جِبال حَجر عُمان، والثانية هي تلك الواقعة في سهلِ الباطنة المُمتد على شواطئ بحر عُمان.. الأولى كانت قرية الطفولة، وكانت خالية في وقتها من أغلبِ عناصر الحياة العصريّة، وأما القرية الثانية فقد ازدهرت مع ازدهار الحياة في عُمان بالكهرباء والأسواق والدكاكين والشوارع المرصوفة. من هنا كان لا بُد أن يسيطر ذلك المكان الجبليّ الريفيّ على ذلك الطفل، الواقع بين جغرافيّتين، المكان الأول المؤثّر في خلجات النفس بكل تفاصيله، بذاكراتِه وترابِه ونخيلهِ وحيُولِه (بساتينه/ زرُوعِه) وأفلاجِه ووديانِه وشِعابِه؛ لتلتقي تلك الصُور مع صورة البحر، بحر عُمان الأخّاذ".


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى