الجمعة ٩ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم قيس طه قوقزة

سَـــــفـــَرْ الشَّــــنــْفـَــرَى

هذه القصيدة قراءة ما بعد أخيرة للأطلال العربية.... القصيدة محاولة أخيرة للخروج الى الداخل

(1)
تمزَّقتَ...
بين غيابٍ، وبين غيابٍ
وبينَ رمادٍ،وبين رمادٍ...
وصرتَ على لهبِ الذكرياتِ تذوبُ...
تذوبُ اشتياقا...
 
تمزَّقتَ...
حين انتهيت إلى البحرِ وحدكَ...
،وحدكَ يأخذكَ الموج...
وحدكَ يذبحكَ الموجُ...
لا حزن يشبهُ حزنكَ...
لا جرح يشبهُ جرحــكَ...
جرحكَ كالوردِ،حين يفتـــِّح ُ يصبح ُ
أحلى مذاقا......
 
تمزَّقتَ...
يا وتراً عانق الدمعُ لحن َهواهُ عناقا...
كأنكَ(سيِزيفُ) أُجبرّتَ أن تحمل الهَّمَ
بين ذراعيكَ...
؛يحرقُ قلبــَك خفق ُ النسيم ِ
وتحرقُ أنت يديكَ...
تذوبان ِ كالشمع ِ
؛من أجل لحظة ِ عشق ٍ تهاوتْ على شفةِ
امرأةٍ من غبار ِ الرحيلِ ِ...
كفاكَ...كفاك...كفاكَ احتراقا...
كفاكَ...كفاكَ...كفاكَ... اشتياقا...
 
(2)
تمزَّقت فوق الطُّلول ِ...
سـَبـَتك َ الصَّحارى إلى زمن ِ (الشـَّنفرى)
وحلفت َ بشوق ٍ تجَـبَّـر َ بين الضلوع ِ...
؛بأنْ لا يرفَ لعينيكَ جفنٌ...
؛ وأن لا تــُصـَبَّ الدلالُ...
؛وأن لا يـُزيـِّن َ صحراء َ عشقكَ بعد رحيل الأحبة
صوت العـَتابـَا...
تذكرتَ مع هسْهـَسات ِ الخـُطـَا صوت عمِّكَ
يصرخُ:
لا تقترفْ حبَّ ليلى...
ولا تقتربْ من مناديلها
كي توشـِّح َ شـِعرَكَ فيها...
وغادر مدينتنا أيها الماجن ُ (الخالــعُ) العربي ُّ...
كفاكَ إلينا انتسابا...
 
وجافاكَ أهلُ العشيرةِ،جافتكَ كلُّ نساءِ
القبيلة...خفنَ عليك من الموتِ..
لكن قلبكَ ما ارتد َّ يوماً وتابا...
 
(3)
وسافرت في الرحلة العربية عشرينَ فصلاً...
لعشرين َ فصــل ٍ
؛حـَرُمْـتَ على أرضك العربية ِ
سافرت َ فيك َ وحيداً تفتـِّشُ عنكَ...
وحيداً تفتـِّشُ عنهمْ...
ومـِتَّ كما مات حقدكُ فيكَ...
وطلقّتَ كلَّ قصائدك َ المستباحة ِ...
طلقّتَ زوجاتكَ التسع َ، ثم خرجتَ
وحيداً تفتـِّشُ عنكَ...وحيداً تفتـِّشُ عنهم...
وعدتَ كما كنت تحملُ بين يديك السَّرابا...
وعدتَ كما أنت تفتح ُ باباً؛لِتـُغلـِق َفي
وجهكَ البائس ِ المُترنِّح ِ تسعاً وتسعينَ بابا...
 
(4)
رسمت لـِلـَيلى قميصاً...
كتبت عليه قصيدتكَ المتكسر ُ فيها هواك َ...
وشيعتَّ (بغدادَ) ملتفتاً للوراءِ...
وقلت على عتبات المدى...
يا دم الشــُّـهَدَاء ِعلى دَرَج ِ العامريـَّةِ:
من هـَجـَّرَ البَحــر َ منـَّا...
نزيدُ إليه إقتراباً...ويمشي الينا ابتعاداً...
ويمشي الينا ابتعاداً...
ونحنُ نزيدُ اليه اقترابا...
رماديـــَّة كلماتك مثلك
َ...محقونةٌ بالنزيفِ....
غريبٌ علينا...غريبا ً تعود إلينا...
وحين تسافرُ بين رمال ِ الضُّلوع ِوحيداً...
بصحبةِ ليل ٍ تغلغلَ فيك تزيدُ اغترابا....
 
نَـفـَتك َ المــَنافـِي...
لعشرين َ فصل ٍ تفتـِّشُ عن ((غرفة ٍساقها
الله للصابرين جزاءً بما صبروا))
بيد أنك دوما ً...
تسيرُ بعكس ِ الطـَّريق ِ
تشقُّ المدى بين قافيتين ِ
من الدَّمِ...
تلعب ُ بالموت ِ تعلو...
وتسمو إلى ما وراءَ القصيدةِ
تسمو إلى ما وراء َ الطبيعةِ...
تعلو إلى ما وراء َ السَّحابِ سحابا...
 
نَـفـَتك َ المــَنافـِي...
وصافحتَ من قاتلوك بعشرينَ حرب ٍ مضَتْ
وانتصرت َ عليكَ...
وقلتُ:
لأجل الذي كان يوما سـَنَـنسَى...
ونسفـِكُ جرحاً(تـَبَـرْبـَحَ)بالدّم ِ...ثم نشدُّ الرِّحـَال َ
ونصنع ُ فصلاً جديداً...
ونرتكبُ الحبَّ...نقترفُ الحبَّ نازفة ً وعذابا...
 
نَـفـَتك َ المــَنافـِي...
وحين رأيتَ (ببيروت َ) شعرَ حبيبتكَ الغجريَّ تـُعـَلـَّقُ....
فيه مشانقُ أطفال ِحارتكَ الطيبينَ...
أفقتَ...وذابَ حنينك للأرضِ فيكَ...
وذابا...
وصارَ الحمامُ لديكَ غرابا ً...
وطار الحمامُ أمام العيون غرابا
 
(5)
وقيدَ ابيضاض ٍ...
وقاب َ اسودادٍ...سيصبحُ فينا الغرابُ حماما...
وقيدَ بكــــاءٍ..&
ؓنحترفُ الحبَّ عاماك وننسأهُ ع؇ما...
وقيد انتصار ٍ...سنحترفُ الحربَ عاماً...
وننسى الهزقمة َ ؙاما..*. وق؄تَ ل؆ا يا ابن شاهدة ِ القبر...
قلتَ وقلتَ...وكانَ كلامَا...
وقلتَ لنا:
سنقاتلُ من أجل ِ: قهوتنا...وهوانا...
وحين خرجنا بآبائنا للقتال ِ...
رجعنا من الحربِ يا (شنفرى) الروم ِ...
متـَّكـِئينَ على جسدٍ مَيــِّتٍ
يا ابن شاهدة ِ القبر ِ فينا...
رجعنا...رجعنا يتامى...
وقلتَ:كلاما ً
وكان...وصار ليبقى كلاما...
 
وقلتَ:أنا المتنبي...أعودُ إليكم بشعر ٍجديدٍ...
وقلبٍ جديدٍ...وحبٍّ جديدٍ...وسيفٍ جديدٍ...
وحين طلبناكَ بيتاً من الشِّعر ِ...
،يطفئُ نارَ القلوبِ...
بنيتَ لنا بيت شــَعـْر ٍ تهاوى...
وصار كما أنت فينا
حُطاما...
وعدت...وقلت...وكنت أبانا...وكنا على أُهبةِ
الاختناق ِ...نودًّ...نودُّ
نودُّ: لو أنا نصير يتامى...
وكنا بمحض ِ إرادتنا نتخيــَّلُ أنا قتلناكَ...
ثم نصدِّقُ أنفسنا ونطاردُ حُلما ً...على الطرقات ِ
ترامى...وناما...
وكنا بكل صلاةٍ، نمدُّ إلى الله كل الجسور ِ...
وندعو...
وندعو...
وندعو...
لـَوَ أنَّا... لـَوَ أنَّا... لـَوَ أنَّا نصيرُ يتامى...
فمن سيصدقُ أن بنيكَ...
يودون لو يصبحون يتامى...
 
(6)
تغلغلتَ فينا...
وصرت بنا دمنا...
وقلبت الأمامَ وراء ً...
جعلتَ الوراء َ أمــاما...
تغلغلتَ فينا...
سكنت العظاما...
تغلغلت فينا وبتنا نصدق أنَّ
الحرام حلالٌ...
وأنَّ الحلالَ غدا حين تأمر يا ابن التي
(نقضتْ غزلها بيديها)
؛حــراما...
تغلغلتَ فينا...
وما زال هاجسنا يا أبانا...
يُرددهُ كل أبنائك الطيبين...
:لَوَ أنَّا...
لو أنَّا...
لو أنَّا...
نصيرُ يــتامى...

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى