الأحد ٦ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
بقلم عمر حكمت الخولي

صبح

صُبحُ البلادِ تُحلَّى منهُ أبياتي

والصُبحُ يمحو البكاءَ والجراحاتِ

والشمسُ فيهِ لطيفةٌ بنا أبداً

والأرضُ تندى منْ عشقِ الصبيَّاتِ

والسوسنُ البريُّ عابدٌ للهوى

والنرجسُ السوريُّ خيرُ آياتِ

والياسمينُ دياري ، والورودُ هنا

تحكي على الشُرُفاتِ قصَّةَ الآتي

فيروزُ في صُبحنا تحنو على الوطنِ

والقهوةُ السوداءُ منْ ملذَّاتي

والتبغُ في أرضنا هالٌ لقهوتِنا

والخمرُ مطرودٌ منْ زجاجاتي

وسفرةُ الإفطارِ منْ جنانِ الهنا

والشايُ يعبقُ منْ عطرِ المليكاتِ

والنسوةُ الحسناواتُ يُغنِّينها

أغنيةَ الشمسِ منْ نايِ السماواتِ

لتصبحَ الدنيا منْ أجلنا سُفُناً

نجتازُ فيها السَّما دونَ الشراعاتِ

نوجِّهُ الأرضَ كيفما أردناها

دونَ الرجوعِ إلى العزَّى أوِ اللاتِ

فالصُبحُ للهِ منذ أنْ غدا صُبحاً

يستقبلُ فرْحنا والابتساماتِ

* * *

والذكرياتُ الحزيناتُ تحاربُني

منْ بعدِ أنْ أدركتْ عيني معاناتي

كمْ كنتُ مجنوناً يومَ رضيتُ الهوى

كمْ صرتُ محزوناً بعدَ المسرَّاتِ

قدْ رحتُ أمشي بلا أيِّ منَ التعبِ

فماتتِ الأقدامُ بعدَ رحْلاتي

وضاعتْ الأمنياتُ مثلما ضاعتْ

تذاكري للهوى قربَ الحبيباتِ

أبكي ولكنَّني لا أعرفُ الدمعَ

أبكي دماءً لأغسلَ الخطيئاتِ

* * *

لا أرتضي كَلَفَاً إلا إذا كانتْ

محبوبةُ العمْرِ ترضى عنْ حكاياتي

أحببتُها عندما باتتْ تمنِّيني

بالجنَّةِ العليا فوقَ السماواتِ

أحببتُها لكنَّها قدِ اختارتْ

تجريحَ قلبي وحرقَ كلِّ راياتي

فاحتضرتْ مُهجتي وأصبحتْ مُدُني

تشكو غرامي وتبكي منْ علاقاتي

إنَّ الفؤادَ محرَّقٌ بلا سببٍ

مشوَّهٌ بعدما هانتْ شعاراتي

والقابعاتُ بقلبي كمْ يمجِّدنهُ

لكنَّ قلبي مشاعٌ للجراحاتِ

لمْ أعرفِ الحبَّ غيرَ حبِّها أبداً

والحبُّ قدْ صارَ يُفني كلَّ غاياتي

* * *

يا طفلتي قدْ كنتِ تسكنينَ الهوى

كيفَ رحلتِ بلا عشقي وأبياتي؟

كيفَ استطعتِ الرحيلَ بعدما كنتِ

تستسلمينَ لحبِّي كالبريئاتِ؟

يطيرُ نهدُكِ بينَ الحضنِ والأيدي

كي يحتمي مني مثلَ الفراشاتِ

وثغرُكِ الأحمرُ النديُّ علَّمني

أنْ أعشقَ القُبُلاتِ في اللقاءاتِ

يا طفلتي أخبريني أينَ طعمُ الهوى؟

هل ضاعَ ؟ أمْ أصبحَ الطعمُ مراراتِ؟

سكِّينُ غدركِ مازالتْ تقطِّعني

وتسألينَ لمَ حزني وعَبْراتي؟

يا طفلتي علِّميني كيفَ أنسى الهوى

إني بلا النسيانِ عبدُ آهاتي

* * *

كتبتُ في بَلَدِ الأحزانِ أغنيتي

وأصبحتْ أحزاني كالوصيَّاتِ

فإنَّني لمْ أكنْ قبلَ الجوى شاعراً

ولمْ تكنْ تعرفُ الألحانَ آلاتي

لمْ يعرفِ العشقَ فؤادي منذ أنْ أمستْ

أشعَّةُ الظُلُماتِ كالمناراتِ

لكنَّني استيقظتُ منَ الحُلُمِ

أدركتُ أني أميرٌ للحضاراتِ

أدركتُ أني جديرٌ بالهوى كلِّهِ

وبالهوى أصبحتْ مسكونةً ذاتي

فاستسلمتْ لصباحِ الحبِّ أقلامي

واستبسلتْ صَفَحَاتي عندَ ثوراتي

فالصُبحُ لا بدَّ أنْ يأتيَ نحوَ الربى

والشمسُ لا بدَّ أنْ تنسى مساءاتي

والقهوةُ السوداءُ فوقَ مدفئتي

دواءُ روحي فهَمُّها مواساتي

فرُحتُ أرسمُ دنيانا بلا ليلٍ

وأرسمُ العشقَ منْ دونِ المعاناةِ

نسيتُ أدْمُعَ عيني بعدما خُضتُ

صُبحاً يُنسِّيني ظلمَ الحبيباتِ

حبيبتي اليومَ أمستْ ربوةَ الوطنِ

حبيبتي اليومَ بانتْ عنْ جراحاتي

فالصُبحُ قدْ علَّمَ القلبَ مسرَّتهُ

والصُبحُ نورٌ يُنسي الليلَ مأساتي


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى