الخميس ٣٠ آذار (مارس) ٢٠٠٦
بعد 25 عاما على مصادرته..

طبعة جديدة لـ "مقدمة فى فقه اللغة العربية" للويس عوض

طرحت دار رؤية للنشر والتوزيع بالقاهرة طبعة جديدة من كتاب (مقدمة في فقه اللغة العربية) للكاتب المصري الراحل لويس عوض والذي كان قد أصدره منذ ربع قرن والذي اثار ضده موجة كبيرة من العداء لأنه تضمن أن اللغة العربية لغة حديثة مقارنة بغيرها ولم تكن لغة آدم ولم تكن مسطورة في اللوح المحفوظ. فيما اعتبره آخرون أصالة في البحث التاريخي واللغوي المقارن ومنع الكتاب آنذاك.
وبحسب ما ذكره الأستاذ سعد القرش "تتضمن الطبعة الجديدة مقدمة تقع في 22 صفحة بعنوان (الكتاب والقضية) لنسيم مجلي الذي وصف الكتاب بأنه موسوعة فكرية ولغوية مشيرا الى أنه كان ممنوعا في مصر منذ ربع قرن في حين يباع علنا في دول عربية، وصدر الكتاب عام 1981 عن دار نشر حكومية هي الهيئة المصرية العامة للكتاب حين كان يرأسها الشاعر المصري صلاح عبدالصبور الذي رحل في أغسطس من العام نفسه.

ويشير عوض (1915 - 1990) الى أن قدماء المصريين في الالف الثاني قبل الميلاد عرفوا حضارات وأمما لها حدود جغرافية وتعاملات مع غير المصريين مثل الحيثيين (1550 - 1269 قبل الميلاد) وفي الالف الاول قبل الميلاد عرفوا الاشوريين والفرس والبطالسة في حين لم يرد للعرب ذكر في التاريخ الفرعوني.

ويضيف أن أول ظهور للعرب على مسرح التاريخ في الشرق الاوسط ورد في نص شالمانصر الثالث ملك اشور (859 - 824 قبل الميلاد) في نص من مكتبة اشور بانيبال ملك الاشوريين (669 - 630 قبل الميلاد)، والنص يشير الى ملكات العرب.

وكانت المرأة في المراحل المبكرة من تاريخ القبائل العربية هي رأس القبيلة وتحمل أشهر القبائل أسماء مؤنثة مثل أمية وربيعة وكندة ومرة.

ويسجل الكاتب أن حركة التدوين بالعربية بدأت "لاول مرة" في القرن الثاني قبل الميلاد وهكذا يكون العرب أمة حديثة نسبيا، ونوه الى أن التأريخ للحضارات عادة يكون ببداية عصر التدوين واستعمال الابجدية.
ويشير عوض الى أن أقدم نص عربي معروف يرجع الى عام 328 ميلادية وهو شاهد قبر امرؤ القيس بن عمرو المتوفى في ذلك العام ويسمي صاحبه "ملك العرب كلهم" ويسجل أن امرؤ القيس هذا كان نائب قيصر الروم أو بيزنطة في بلاد العرب.

العرب وفقا لهذا الرصد موجة متأخرة جدا من موجات بشرية هبطت شبه الجزيرة العربية من القوقاز والمنطقة المحيطة ببحر قزوين والبحر الاسود قبيل بداية الالف الاولى قبل الميلاد، ولعل عدم اقامتهم بالعراق أو الشام يعود الى وجود أقوام مستقرة أكثر قوة وتحضرا فذهبوا الى الفراغ الكبير في شبه الجزيرة العربية حاملين لغتهم القوقازية.

ويرجح الكاتب أن العرب هبطوا شبه الجزيرة على سكان "أصليين" منهم الهكسوس المطرودين من مصر في القرن الخامس عشر قبل الميلاد حيث نقل الهكسوس الى شبه الجزيرة ما حملوه من مصر من معتقدات دينية ورواسب لغوية مضيفا أن المرحلة الهكسوسية ربما تمثل مرحلة الجاهلية الاولى.

ويشير الى أن في مخالطة العرب بعد أن جاءوا بلغتهم ومعتقداتهم القوقازية للسكان الاصليين تفسيرا لوجود "كثير من الالفاظ المصرية القديمة في اللغة العربية القرشية التي تسلمناها عن العرب بعد الفتح العربي وبهذا وحده نستطيع أن نفسر الاثار الواضحة للديانات المصرية القديمة ومصطلحاتها في لغة الجاهلية القريبة وفي بعض معتقداتها الدينية."

ويعتبر المؤلف أن التفاعلات اللغوية في هذه المنطقة خاصة في لغة قريش كانت سببا في انضاج اللغة العربية ومنحها مرونة وخصوبة أهلتها أن "تكون وعاء لوحي عظيم في عصر الرسول وأداة صالحة للتعبير الفكري العميق حتى عصر ابن خلدون نحو 1400 ميلادية مما أهلها أن تقهر بعض ما جاورها من اللغات تماما كما قهرت اللاتينية عديدا من لغات أوروبا التي فتحها الرومان حتى نهاية العصور الوسطى."

ويرى عوض أن العربية لغة محدثة "وأنها لم تكن لغة ادم في الجنة الاولى ولا كانت مسطورة في اللوح المحفوظ قبل بدء الخليقة."
كما يرى أن سكان شمال افريقيا وبينهم المصريون ينتمون سلاليا الى عنصر غير عربي ورغم ذلك قبلوا اللغة العربية حين قبلوا ثقافة الاسلام "بل ان أقباط مصر الذين لم يقبلوا ثقافة الاسلام قبلوا اللغة العربية لانها غدت لغة مصر القومية وحين واجهوا مشكلة الاختيار بين الوحدة القومية في اللغة والانشقاق القومي باللغة اثروا الوحدة على الانشقاق."

ويضيف أن المصريين المسلمين لم يأخذوا اللغة العربية بحرفيتها وانما مزجوها بألفاظ قبطية تنتمي الى اللغة الديموطيقية وهي العامية في مصر القديمة.

ويشير عوض الى أن التكوين الاساسي للفكر الاسلامي بني على عمادين هما مدرسة الاسلام ومدرسة العروبة.

الكاتب يرى أن الصراع بين العرب والشعوب التي حكموها باسم الاسلام اتخذ أقنعة أيديولوجية متعددة فأصحاب نظرية تقديس اللغة العربية نقلوا فكرة اعجاز القران الى فكرة اعجاز اللغة نفسها وهي النظرية التي سخر منها الشاعر أبو العلاء المعري.

ويضيف أنهم حرصوا على اثبات نقاء لغة القران من كل كلمة أعجمية أما الشعوبيون فأثبوا أن بالقران ألفاظا أعجمية مثل قسطاس اليونانية الرومية وتعنى ميزان واستبرق الفارسية وتعنى الديباج الغليظ وطوبى الهندية وتعنى الجنة وأرائك الحبشية وتعنى سرر وقطنا النبطية وتعني كتابنا.

ويقول ان كتاب (المعرب من الكلام الاعجمي على حروف المعجم) الذي ألفه أبو منصور الجواليقي (1073 - 1145 ميلادية) أثبت أن العربية فيها من الالفاظ الاجنبية قرابة 1500 كلمة وأن مئات من هذه الالفاظ كانت متداولة لدى العامة كما استخدمها الشعراء في صدر الاسلام وفي الجاهلية وبذلك تكون من صلب اللغة العربية أيام الوحي.

ويسجل أن جلال الدين السيوطي الذي عاش في القرن الخامس عشر الميلادي يرى أن القران احتوى على ألفاظ من لغات أخرى "وهو بذلك يرى أن وجود الالفاظ المعربة في لغة القران ليس غضا من اعجازه وانما مزية يمتاز بها على سائر الكتب المقدسة."
ويقول عوض ان تواتر الالفاظ في أكثر من لغة ناتج عن قرابة لغوية أو تأثيرات حضارية مشيرا الى أن شرعية التجنس تجعل كلمة أجنبية جزءا من اللغة الجديدة التي انتقلت اليها فكلمة مثل شيك الانجليزية مستعارة من الفرنسية لكنها لا تعامل ككلمة أجنبية "بعد أنجلزتها وقياسا على ذلك فان نفس هذه الكلمة قد غدت كلمة عربية بعد تعريبها واتباعها قواعد الصرف العربي حرفيا أو تقريبا فنحن نشتق منها ونقول شياكة على غرار ما نفعل بالكلام العربي الاصيل...وهذه هي النظرة الراقية لنمو اللغات التي جعلت اللغات الاوروبية الحديثة كالانجليزية والفرنسية تنمو سنويا بامتصاص المئات من الالفاظ العلمية الاجنبية والحضارية المستعارة من اللغات الاخرى."


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى