الاثنين ١٨ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٦
بقلم سليمان دغش

ظِلّ الماء

ليسَ للماءِ ظِلُّ

ستَسأَلُ نرجِسَةٌ ظِلَّها

في مرايا الزَبَرجَدِ حينِ تُطِلُّ

على ذاتِها

في ندى ذاتِها وتَحلُّ

أَوّلُ الماءِ طَلُّ

لَيسَ للماءِ ظِلُّ

لَيسَ للماءِ ظِلُّ

والعَصافيرُ تَغْسِلُ أَجنِحَةً

تَحتَ نافورَةِ الضوءِ في نَخْلَةٍ

تَستَبيحُ زُجاجَ المَدى وتَدُلُّ

الطُيورَ إلى حافّةِ البِئرِ

ما زالَ في البئرِ ماءٌ يَشُدُّ الطُيورَ

إلى طَرَفِ الخَيطِ في حُلْمِها ويَدُلُّ

ليسَ للماءِ ظِلُّ!

ليسَ للماءِ ظِلُّ!

فَتَرَيَّثْ قليلاً لكيْ تَعبر الطَلَقاتُ الأخيرةُ

والقَطراتُ الأخيرةُ في جَسَدِ النهرِ

ما بينَ نِصْفَيكَ

لا تَلْتَفِتْ للوراءِ

فماضيكَ خلفكَ ظِلُّ

ستُخبرُكَ الآنَ نَمْلَةُ تَيمورِلَنكَ الكَبير

لماذا انكسرتَ على حافّةِ التلِّ

حينَ تُشاهِدُ سُنبلةَ القمحِ

وهْيَ تُجَرْجِرُها نَملةٌ لا تَمَلُّ

لَيْسَ للماءِ ظِلُّ

ليسَ للماءِ ظِلُّ

وَلَدَتكَ على سُرَّةِ الأرضِ أُمُّكَ

في لَيْلَةِ القَهْرِ

فاختَطَفَ الغيمُ وَجْهَكَ في الريحِ

والأنبياءُ أَعدّوا صَليبَكَ فوْقَ هَديلِ الرسالاتِ

وانسَحَبوا آمنينَ إلى ظِلِّهمْ في مرايا الشرائعِ

ثَمَّةَ أَسئِلةٌ ههنا تَرَكوها مُعلَّقَةً

في سَماءِ التآويلِ

كمْ منْ سُؤالٍ يَدُلُّ

وكمْ منْ سؤالٍ يُضِلُّ!

ليسَ للماءِ ظِلُّ!

ليسَ للماءِ ظِلُّ

مرَّتِ الريحُ بينَ أصابِعِكَ العَشرِ

مُسرِعَةً

وَجرى تحتَكَ الماءُ

كُنتَ مُنشَغِلاً باصطيادِ الفراشاتِ

عن سَروَةِ الحُلْمِ، لمْ تَنتبهْ

لقراصِنةٍ نَسَبوا الوهمَ للملكوتِ

وأَحيوا خرافةَ وَعدِ الإلهِ

لِكيْ يَستَدِلّوا

إلى ظِلِّهمْ في ضَبابِ المرايا

فَكُنْ حَذِراً

سَيعيدونَ لوحَ الوصايا لِموسى النَبِيِّ

على جَبَلِ النارِ عَمَّا قريبٍ

ويَخطِفُهُمْ نحْوَ تيهِ الأساطيرِ

في سيرَةِ الرملِ عجْلُ

ليسَ للماءِ ظِلُّ

ليسَ للماءِ ظِلُّ

وعلى موجَةِ الدَمِ أَنْ تستَعيدَ الدلالةَ

في سيرةِ السندِبادِ المُسافِرِ في زَبَدِ الوَهمِ

خَلفَ لُهاثِ العواصِمِ

كَمْ خَذَلتْكَ العواصِمُ

كَنتَ تُرتِّبُ كوفيَّةَ الريحِ فوقَ جَبينِ الجوادِ

وتومىءُ للشمسِ

كَيْ تستَحِمَّ

على نخلَةِ الروحِ لمّا أَعدّوا جنازةَ دَمِّكَ

خلفَ سقوطِ شظايا الظهيرةِ

في صَعْصَعاتِ حَماسَتِهمْ يومَ وَلّوا

ليسَ للماءِ ظِلُّ!

ليسَ للماءِ ظِلُّ

لَكَ أَن تشْهد الآنَ ظِلَّكَ يَعدو

سَريعاً سَريعاً على قَدَمِ الموجِ

نحوَ اندِلاعِ الشواطىءِ

إذ يتهيّأُ للمَدِّ في صَهوَةِ البَحرِ

مَوجٌ فَيَعلو

ليسَ للماءِ ظِلُّ!

ليسَ للماءِ ظِلُّ

ستسأَلُ نرجسَةٌ ظِلَّها

في مرايا الزبرجَدِ حينَ تطِلُّ

على ذاتِها في ندى ذاتِها وَتحِلُّ

أَوّلُ الماءِ طَلُّ

ليسَ للماءِ ظِلُّ!

ليسَ للماءِ ظِلُّ!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى