السبت ١٣ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٨
إلى محمود درويش
بقلم
عرفتك (يوسف)
عَرَفْتُكَ (يوسُفَ) في الشِّعْرِ، والنَّثْرِ، تَمْشي،على كَتِفَيْكَ بَقِيَّةُ نَعْشِ،وتبْني بُيوتًا مِنَ الْفِعْلِ والْحَرْفِ، تَرْفَعُ أرْكانَ عَرْشِوتَحْلُمُ في جُمَلٍ ليسَ شَرْقيَّةً، ليسَ غرْبيَّةً، إنَّما مِنْ تُرابِ الْجَليلِوَلوْنِ السَّنابِلِ في حَقْلِ جَدِّكَ، منْ غُصْنِ زَيْتونَةٍ ظَلَّلَتْكَ مُبارَكَةٍ،منْ رِمالِ شَواطِئِ غَزَّةَ، أَوْ مِنْ كُرومِ الْخَليلِعَرَفْتُكَ (يوسُفَ) في الْقَوْلِ والْفِعْلِ، تَحْمِلُ مِفْتاحَ بَيْتِكَ، مِنْ فَوْقِ صَدْرِكَ إذْ يَتَدَلّىكَخُصْلَةِ شَعْرٍ، عَسى أَنْ تَعودَاتَحِنُّ لِقَهْوَةِ أُمِّكَ كُلَّ صَباحٍ، وَتَشْرَبُها في الْعَواصِمِ، منْ غَيْرِ هَيْلٍ، بَعيدَاوَتُصْغي لِصَوْتِ صَهيلِ الْمَكانِ وَحيدَاعَرَفْتُكَ (يوسُفَ)، لكِنَّ في الْجُبِّ أَلْقَوْكَ كَيْ يَكْبُروا، ثُمَّ غابواوَراحوا يَصوغونَ للْوَهْمِ شِعْرًا، وَقالوا: الذِّئابُوَغاروا وَثاروا، فَقابيلُ يَطْعَنُ هابيلَ مِنْ غَيْرِ صَدْرٍ، فَيَرْوى التُّرابُفَما ذَنْبُ قَلْبِكَ؟ ما ذَنْبُ قَلْبِكَ، فيهِ يَصُبُّ ثَلاثونَ بَحْرًا، وَهذا الْعَذابُ؟وَأَنْتَ رَأَيْتَ الْوَداعَ الأَخيرَ، سَتُرْفَعُ فَوْقَ الأَكُفِّ، وَتُرْزَمُ في عَلَمٍ، تُشْتَرى وَتُباعُفإنّا "قَتَلْناكَ يا آخِرَ الأنْبِياءِ"، وَإِنّا أَرَدْناكَ صَمْتًا، وَصَوْتًا يُبَحُّ وَلَيْسَ يُذاعُوَأَنْتَ طَلَبْتَ الْمَماتَ رُوَيْدًا رُوَيْدًا، لِتَكْتُبَ شِعْرًا أَخيرًا لِزَوْجَةِ قَلْبِكَ حينَ ضَحِكْنا،وَحينَ لَبِسْنا ثِيابَ الْحَدادِ، وَحينَ تَعِبْنا،فَها أَنْتَ في الْقَبْرِ حَتّى تُتَمِّمَ آخِرَ بَيْتٍ لِتَكْتُبَنا، فَسَلامٌ عَليْكَ يُؤَرِّخُنا والْوَداعُ