الثلاثاء ٢٨ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٠
بقلم أوس داوود يعقوب

عروق القدس النازفة

ضمن احتفالية الدوحة عاصمة للثقافة العربية 2010 أصدرت وزارة الثقافة والفنون والتراث في دولة قطر؛ مؤخراً ترجمة لكتاب "عروق القدس النازفة"، وهو كتاب أصدره أولاً باللغة الانجليزية المفكر السوري المقيم بأمريكا الدكتور منير العكش بالتعاون مع الأكاديمي الفلسطيني الدكتور فؤاد مغربي، وقام الدكتور العكش بتكليف من وزارة الثقافة القطرية بترجمة نصوص الكتَّاب الأجانب المشاركين في الكتاب، وتكشف البحوث الإحدى عشر التي يتضمنها الكتاب في فصول ثلاثة، الوجه الحقيقي للإرهاب الصهيوـ أمريكي، واستهداف الصهاينة والأمريكان على السواء لمدينة القدس، التي يعتبرها المساهمون في الكتاب محور الصراع، فهي عنوان العرب، واستردادها يعني استرداد العرب لعافيتهم ولدورهم المركزي في الحضارة الإنسانية، وعلى الطرف الآخر هي مستهدفة من قبل أعدائهم بسبب مركزيتها في عقائدهم القيامية، وقد تضمن الكتاب مساهمة فكرية متميزة للدكتور منير العكش، ومساهمة إبداعية للدكتور فؤاد مغربي، إضافة إلى مساهمات فكرية للكتاب الأمريكيين (كارين آرمسترونغ، سارة روجرز، لين روجرز، هذر سيبرز)، ومساهمة قيمة للكاتب "إسرائيل شاحاك" المعروف بمناهضته للحركة الصهيونية). كما احتوى الكتاب مساهمات فكرية للمفكر الفلسطيني المقيم بأمريكا الدكتور رشيد الخالدي، ومساهمة أخرى للدكتور نصير عاروري أستاذ العلوم السياسية في الجامعات الأمريكية، إضافة إلى نصين إبداعيين للدكتور عيسى بُلاّطة الأستاذ الجامعي بجامعة مك غيل بكندا (المولود عام 1929 في القدس)، وللأديب الراحل جبرا إبراهيم جبرا(1920- 1994م).

عقدة الزواحف الغربية

يُصدر منير العكش نصه المنشور في الكتاب باستشهادات محملة بالفكر القيامي الأميركي، كان أبرزها قسوةً استشهاداً لعضو الكونغرس الأمريكي سام جونسون الذي صرخ في الكونغرس بتاريخ (19 شباط/ فبراير 2005م) وسط تصفيق حاد "كم أتمنى أن أحمل طائرة مقاتلة من نوع أف 15 برأسين نوويين وأقودها طلعة واحدة نتخلص بعدها نهائيّاً من كل ما اسمه سوريا".

وفي بحثه يعرض العكش "العقيدة القيامية الأميركية" التي تهدد بإفناء العالم أجمع وخاصة نحن العرب فيُشرّح فكرة أميركا، التي نهضت على خمسة مبادئ أساسية سبق أن فصّلها الكاتب في أعماله السابقة، وهي: المعنى "الإسرائيلي" لأميركا، وعقيدة الاختيار الإلهي والتفوق العرقي والثقافي، والدور الخلاصي للعالم، وقدرية التوسع اللانهائي، وأخيراً حق التضحية بالآخر.

ويبرز العكش أن فكرة أميركا كما تزعم هذه العقيدة تجسد مشيئة الله في أرض كنعان الجديدة (أميركا) كما جسدت "إسرائيل" مشيئة الله في أرض كنعان القديمة (فلسطين). وإن الله قد منح المستوطنين الإنجليز والصهاينة حق الاضطلاع بتنفيذ إرادة الله ويحق لهم معاملة السكان الأصليين بعيداً عن القوانين الأخلاقية والإنسانية بل انطلاقًا من عقائد عبرية نسجوها من تجربتهم مع الكنعانيين.

ويبين العكش أنَّ كل بلاغيات العنف الأميركي تستمد لغتها واستعاراتها من "فكرة إسرائيل"، فرمز "مدينة على جبل: أورشليم، يعتبر من أقدس الرموز فهو يماثل بين أميركا وبين أورشليم الجديدة عاصمة مملكة الله التي ستبنى فوق أنقاض مدينة القدس في آخر الزمان كما بنيت مدينة واشنطن فوق المدينة الهندية نكن شتنكه". يقول العكش: "إن أورشليم هي حجر رشيد كل اللغة الهيروغليفية التي كتبت بها النصوص والخطب والإستراتيجيات الجيو/ قيامية حيثما رست سفن شعب الله المختار الإنجليزي".

والحمى القيامية حسب العكش تتبدى في خطاب الرئيس بوش عن "محور الشر"، فهذه اللغة التي تعمم صفات الخير والشر على أمم بأكملها لا تقبل بأقل من محق الخصم. وهذه الحمى القيامية الطافحة مصدرها سفر الرؤيا "الذي اعتمدته الصهيونية الأنجلوساكسونية على مدى قرون طويلة في رسم مشروعات دمار بابل ومشروع" إعادة يهود العالم إلى أرض آبائهم وإنزال القدس الجديدة من السماء.

ويقول العكش: "إن كل نصوص التوراة تدل على أنهم قوم أجلاف قساة عنيفون مسكونون بعقدة الزواحف وتتلخص كل نصوصهم في عقائد لعن الحضارة والحياة الحضرية بدءاً من رموزها الزراعية، وتمجيد الذكورة والتشنيع على الأنوثة، لذلك كان حقدهم عظيماً على بابل التي استطاعت أن تُحضر البشر وتحررهم من عقدة الزواحف". فإلههم (كما تظهره أعمالهم) "كان يغار من الحياة ومن نعيم الحضارة، ويغار ممن يحب الحياة ونعيم الحضارة، ولهذا ترك لنا أول كتاب عملي في الحروب المقدسة وأول أيديولوجية حربية تنسب أطماع الناس وعاهاتهم الخلقية إلى إرادة الله".

وفي بحثه "من أجل قدس مشتركة" قدم الدكتور رشيد الخالدي رؤيته لحل الصراع الفلسطيني الصهيوني حول مدينة القدس.

ويناقش الكاتب نصير حسن عاروري التشويه الذي تتعرض له حقيقة القدس في أميركا. بينما تناقش كارن آرمسترونغ فكرة قداسة القدس وتتساءل: هل هي مزية أم بلية؟

وتتحدث سارة روجرز عن رمزية قبة الصخرة في الفن الفلسطيني المعاصر فهي دائمًا في مركز اللوحة "إنهم يرسمون القدس ممثلة بقبة الصخرة المتجذرة في تاريخ العرب...".

وفي بحثها "ذكريات الأمس، حقائق اليوم" كتبت الأمريكية لين روجرز عن مذكرات هالة سكاكيني، وهي عبارة عن شهادة أسرة عاشت في القدس حياة مثالية، ثم اضطرت إلى الهجرة إلى القاهرة طلباً للسلامة وعادت بعد ذلك وسكنت رام الله. والبحث الثاني بقلم هذر سيبرز بعنوان "المذبحة: رسوم من القدس" حيث تنقل الكاتبة بعض الصور من المذابح الصهيونية التي تجري في القدس.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى