الأحد ٥ شباط (فبراير) ٢٠٠٦
بقلم محمد خالد الفجر

عقدة اسمها الطموح

أنا ناقم عليك أيها المتنبي، ومعلن عقوبة انتقامية على شعرك، ومسخر لهذه العقوبة مناقضات لأبياتك، لأقضي عل وهج كلماتك أبدؤها بحب البقاء في القبور، وحجب النجوم، والبحث عن كل خمول وضمور، علِّي أستريح من وقع قولك :

إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم

فالشرف المروم منهك للفكر، ومنغص للعيش، والتطلع إلى النجوم ممرض للعنق ومؤلم للكاهل، ومتعب للعينين، أما الصورة الأخرى مع

أخي الجهل الذي بشقاوته ينعم، فهي منيرة للفؤاد، ومقوية للبصر وملفتة للعيون، ونبت صالح للبقاء في أرض عم فيها الشقاء.

كذبت علي أيها المتنبي وتفلسفت علي، وصدقتك ببساطتي، ولكني بوصولي إلى الجهل وصعودي لمنصة الشقاوة، عرفت كذبك وكشفت سرك فأنا الآن فاضحك، وبكل الوسائل محاربك .

نثرت فينا فلسفات سابقيك، وكذبت معهم علينا، فجعلتمونا نركض وراء ترهاتكم ظناًً بالوصول إلى شيء, وإذ بنا نعاود ونعاود الأفول بكفي حنين وندور في دائرة محيطها الطموح الذي منعنا من الحراك، وجعلنا ندور وندور، ولولا الجهل لبقينا لحكم كذبتكم خاضعين، وفي دائرة الطموح محجوزين .

ما الطموح الذي جعلت شعرك معبرًا عنه إلا تهور طائش، وعمل سمدور، ووعظ مخبون، ولكن لا تظنن كل الناس يرفعون لك ولكلامك راية القبول. فأنا صوت من الأصوات التي تحاول الصراخ معلنة الانتصار بقتل عدونا الطموح.

نحن شكلنا اليوم قوة لها مجلس ينعقد تحت شعار (جهلنا رافعنا وطموحنا قاتلنا)، هذا المجلس يامتنبي سيمزق كل طموح مازالت رسومه كخيوط العنكبوت في أدمغتنا، بدأنا من الآن بتمزيق هذه الخيوط، وجمعنا تبرعات من الجهل، والذل والخضوع واليأس والانحطاط، والعبودية، وصار لصوتنا صدى تردده كل وسائل الإعلام معلنةً أن الفتح قد أصبح قاب قوسين أو أدنى، وصار الجميع يقولون بدأت أبيات المتنبي تفقد بريقها. واقْتُرِح اقتراحٌ بأن يُؤَسس لها متحفٌ بخربة محاطة بأكوام من القمامة؛ حتى تبقى صورة طموحات المتنبي وأمثاله، منطبعةً بصورة مشؤومة تفوح منها ريح العفونة فتأنف الرؤوس من حملها .

سنبني بجهلنا مجدنا، وسندمر كلَّ عقل يحمل طموحاً، فإلى كل طامح نوجه له إنذارنا، ودعوتنا له بالرجوع عن جموحه والخضوع لنا فنحن أعلم منه؛ لأننا جربنا ما ينوي الخوض فيه، واعلم أخا الطموح أن الذي يجرب المجرب عقله مخرب، فلا تكن منهم وانطلق معنا في فضاء جهلنا واختر أحد الفروع:

الذل، العبودية، اليأس، الانحطاط، الأمية، وكل هذه الفروع يجمعها مجلسنا الموقر ( الجهل ).

فهيا إلى الجهل هيا، ولنبعد عنا عقدة اسمها ( الطموح ) .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى