الأربعاء ١٨ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم ليلى كوركيس

عن أي حب أتكلم؟!

فارغة ً أصبَحَت تلك المدينة
مثلي تماما ً..
تنقرِضُ على محياها كل الانفعالات،
صياح ٌ يبتلعهُ الغضب
وبكاءٌ يلتحف المناديل
في أعاصيرُ حب ٍ هرِمَ حتى الجفاف؟
 
عن أي حب أتكلم ؟!
ذاك الذي ارتَشـَفـَتهُ زجاجةُ الويسكي في بطنِها ؟
أم الذي بَصـَقَهُ جيدُها وأنتَ تهذي ؟
 
عن أي حب أتكلم ؟!
عن عبارات صارت خاوية ً مثل مدينتي
مدينتي المحطمة
مثلي مبعثرة ..
مثلي .. تشرب قهوتها خلسة ً
بين رصيف المقهى
وسيارة ملغومة
تنسف من نحب ومن نكره؟
 
عن أي حب أتكلم؟!
عن وجه أمي الحزين
وهي تحذرني من أهوائك وجنون القصف في لبنان؟
أم عن صمت أبي الكئيب
وهو يصارع، تارة ً، طرائفَ منطق ٍ يريدُهُ لي حاسما ً
وتارة ً أخرى هلوسات حروفي بكَ؟
..
أيكون أبي مخطئا ً لو خاف على وحيدتِهِ منكَ ؟
..
 
عن أي حب أتكلم؟!
عن قصة قديمة أهمَلـََتها كل الشعوب
ومزَّق صفحاتها زعماءُ الحروب في وطني؟
أم عن أطروحةِ عمر ٍ تدور وتدور
في اسطوانة مملة كوجه القمر
أو في "مباريم" غجرية ترقص من كثرة الألم؟!
 
عن أي حب أتكلم؟!
عن ماء ٍ نَقـَشَ الحجرَ ولم يخدش قلبـَكَ
فانفَجَرَت كل الطرقات والدروب
مثلما انشطر اسمي
وشكلي
وعقلي
وكبـِدي
بين بيروت ومونتريال
..
هل أتكلم عن حب ٍ نَسـِيَ أن يموتَ حبا ًً
تاهَت عنه المقابر بشواهدها قسرا ًً
وأصبح همسُها لهيبا ًً
فأحرقَ مواسمَ مدينتي الهاطلة أحلاما ً ؟
أم أخبركَ عن عنق ٍ لا زال يحمِلُ عطرَكَ ؟
 
ماذا أكتبُ ؟
كيف أكتبُ وأنا كمدينتي منكسرة
..
عن أي حب أكلمُكَ ؟
ذاك الذي علـَّبـَتهُ حساباتكَ في قارورة عطر ٍ تحملُ اسما ً عتيقا ً
فحَطَّمـَتها مساحاتي قبل وبعد أن رَحَلتَ خطواتكَ مسرعة ً ؟
أم أكلمـُّكَ عن عصفور ٍ لا زال يرفرف محتضرا ً ؟
..
عن أي عشق مسموم أكتُبُ ؟
عن ذاك الذي انحرفَ كقذائفِ الموتِ في بيروت
فكان مجونُها أكبر من النعوش؟
أم عن غفران ٍ لم أعد أقوى على مجاراته
فأغمضتُ عينيَّ هاتفة ً
"وَجَدتُها! هذه المرة لن أسامِحـَكَ، فإنك مدرك ٌ ما أنتَ فاعِلـُهُ"
وسأكتب على الطرقات والرمال والبحار وفي رحم السماء
"فليَمـُت الغفران في عشقِهِ وغبائهِ
لن أسامحك .. لن أسامحك" !!

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى