غربـةُ الـــذّات
أَنَا فِي عُيُونِ الوَقْتِ آخِرُ بَاحِثٍ
عَـنْ ذَاتِـهِ يَتَحَـيَّـنُ الأَسْبَـابَـا
وَلَأَجْـلِ بَارِقَـةٍ أُسَابِقُهَـا الرُّؤَى
أَطْلَقْـتُ لِلشَّـكِّ العِنَـانَ فَخَـابَـا
وَأَمِنْتُ سَهْمَ التِّيهِ حِينَ فَرَرْتُ مِنْ
قَوْسَيْـنِ أَدْنَـى غُرْبَـةٍ أَوْ قَـابَـا
هَذِي المَلَامِحُ دُونَ ظِلٍّ ... رِحْلَتِي
لِغَـدٍ تَحَسَّسَ مِنْ خُطَـايَ غِـيَـابَـا
وَتَقَمَّصَتْ وَجْهِي الطُّيُورُ أَكُنْتُ وَحْـ
ـدِي فِي تَقَاسِيـمِ الوُجُـودِ تُـرَابَــا؟
وَالأَرْضُ مُوقِنَـةٌ بِأَنِّي شَاعِـرٌ
أَطْـلَالُـهُ لَنْ تُنْبِــتَ اللَّبْـلَابَـا
وَالصَّخْرُ تَنْحَتُهُ شِفَاهُ المَاءِ مِنْ
قُـبَـلٍ تُـفَـجِّـرُ صُـلْبَـهُ أَعْنَـابَـا
مَرَّتْ بِأَغْصَانِي الفُؤُوسُ ضَحِيَّةً
لِيَبَاسِهَـا وَمَـرَرْتُ بِـي حَـطَّـابَـا
وَشَقَائِقُ الأَحْزَانِ تَحْكِي ...
عَنْ يَدٍ....
شَقَّـتْ بِأَغْـلَالِ الرَّغِيفِ شِعَـابَـا
عَنْ خَيْبَةِ الفَلَّاحِ حِينَ تَخُونُـهُ
كَفُّ الرِّيَــاحِ فَلَا تَسُوقُ سَحَابَـا
مُضْنَى بجَدْبٍ قَدْ أَشَاحَ بِوَدْقِهِ
عَـنْ كَادِحٍ عَــدَّ السِّنِينَ غِـلَابَـا
عَنْ طِفْلَةٍ صُغْرَى تُوَاسِي دُمْيَةً
نَامِي ...سَتُهْدِينَـا الحَيَـاةُ سَـرَابَـا
وَغَداً سَتُطْعِمُنَا مِنَ اليُتْمِ الشَهِيِّ
طَوًى وتَسْقِينَـا الدُّمُـوعَ شَــرَابَــا
لَا حَرْثَ أَيْنَعَ فِي اجْتِرَاحِ بُذُورِنَا
وَأَبِي يُــوَرِّثُ مُـقْلَـتَـيْـهِ شَبَـابَـا
وَعَلَى الطَّوَى أَرْخَتْ ضَفَائِرَ عُمْرِهَـا
أُمِّي وَ شَـدَّتْ لِلرِّحَـالِ قِـرَابَـا
سَتُرَقِّعُ الأَحْلَامَ لَوْ بَلِيَتْ عَلَى
أَكْتَافِـنَـا إنْ لَـمْ نَخِـطْ أَثْـوَابَـا
عَنْ حَاضِـرٍ هَـدَّ القُلُوبَ مُغَاضِباً
وَ بَنَـى لِأَوْرِدَةِ الجِـرَاحِ قِبَـابَـا
عَنْ قَادِمٍ يَسْتَلُّ سَيْفَ صَبَابَةٍ
تُدْمِي القُلُوبَ وَتَسْتَحِيلُ عِتَابَا
عَنْ مُشْتَهٍ سُكْراً تُعتِّقُ كَفُّـهُ
نَخْباً سَعِيداً يَفْتِـنُ الأَكْوَابَـا
عَنْ قَلْبِ صَلْصَالٍ يَشِيخُ وَإِنْ رَبَـتْ
سَهْـواً عُـطُــورُ الغَـانِيَــاتِ تَصَابَـى
وأَسِفْتُ مِنْ جَوْرِ الدُّمُوعِ كَرىً عَلَى
عَيْـنٍ يُجَـرِّحُ صَمْتُـهَـا الأَهْـدَابَــا
أَيْنَ الذِينَ جَنَــوْا عَلَى عَهْـدٍ لَهُـمْ
وَالشَّــوْقُ تَحْـرِقُ نَـارُهُ الأَعْصَـابَــا
كَـانُـوا مَعـاً مَـا بَيْـنَ طَعْنَـةِ لَيْلَـةٍ
وَضُحىً أَعَادَهُـمُ الهَــوَى أَغْــرَابَــا
مَــاضٍ يَـثُــورُ عَلَى اِنْتِحَـابِ فُصُـولِـنَـا
وَرُؤًى تُـثِيـــرُ بِحَـاضِــري الإِعْجَـابَـا
عَنْ كَاتِبٍ يَقْتَــاتُ مِنْ أَسْفَـارِهِ
وَأَنَــا المُسَافِـرُ مَا قَـرَأْتُ كِتَــابَـا
فِـي البَحْـثِ عَنْ ذَاتِي ...
عَكَفْـتُ عَلَى الــرُّؤَى .....
وَالـذِّكْـرَيَـاتُ أَقَمْتُهَـــا مِحْــرَابَــا
في وُسْعِها ألاَّ تجيشَ وقِبْلَتـي
كَشَفَتْ لِأَسْفـارِ الحنين حِجـابـا
ما بينَ أَسْتارِ الطُّلولِ وغُربَةِ الـ
شُّعراءِ عَنْ جُنُبٍ فصَلْتُ خِطابـا
أَنَا لَمْ أَزَلْ فِي الشِّعْرِ سَيَّابــاً وَفِي
تَذْكَـارِ أندُلِـسِ الهَــوَى زِرْيَـابَـــا