الخميس ١ تموز (يوليو) ٢٠١٠
بقلم حميد طولست

فاس الجديد يحترق

شهد حي «فاس الجديد» أكبر الأحياء الشعبية في العاصمة العلمية فاس، حريقا مهولا أتى على 24 متجرا متخصصا في تجارة الأثواب والملابس، وكلها، كما هو معروف، سلع قابلة للاشتعال وتأجيج الحرائق، الشيء الذي صعد من هيجان النار التي انبعثت من تماس كهربائي -حسب "راديو المدينة" لأي أقوال وتحليلات الشارع- وزاد من تعقيد عملية الإنقاذ، وتعسير مأمورية رجال الإطفاء الذين هبوا كعادتهم باذلين لتقديم التضحيات الجسام لتخليص التجار مما حل بهم. لكن ضعف البنية التحتية وقلة التجهيزات التي يعتمد عليها في مثل هذه الكوارث المهددة لممتلكات وأرواح الحي بكامله اضطرتهم –حسب شهود عيان- إلى للجوء لحي المرينيين للتزود بالماء لأن ما تحويه خزانات الوقاية لا يكفي لإخماد حريق في ضخامة وضراوته هذا الذي ابتلي به فاس الجديد الذي لا يتوفر شارعه الرئيسي، ومسرح الكارثة، على تجهيزات الإطفاء اللازمة لتزويد رجال الوقاية بالماء، وليس به مركز لهم.

وبالمناسبة، والمناسبة شرط كما يقولون، تذكرت أنه في لقاء - لا أذكر مناسبته- مع السلطات والمسؤولين عن الوقاية بالمدينة تدورست خلاله خطورة انعدام حنفيات الإطفاء بجل الأحياء الشعبية لفاس عامة، وفاس الجديد خاصة، والمعروف بضيق دروبه التي يتعذر وصول معدات الوقاية المدنية اليها عند وقوع الكوارث لا قدر الله، واُقترح إلى جانب تزويد كل الأحياء بتلك الحنفيات الضرورية للإنقاذ، مع إقامة مراكز صغير تابعة للوقاية المدنية مزودة بالهاتف وبعض معدات التدخل الأولي التي تسبق حضور رجال الإطفاء ومعداتهم الضخمة. كم سرني المقترح ساعتها ووجدته ذكيا وفعالا خاصة أن صاحبه، وهو ضابط شاب من الوقاية المدنية مليء بالحيوية والضمير، لم ينسى البدائل التي كان أهمها، تدريب بعض ساكنة الحي على التدخل الأولي وخاصة منهم "البياتة" التي لا يخلو من وجودها أي درب من دروب الأحياء والمدن القديمة، وهم تلك الفئة المعروفة عندنا مند القدم "بالعساسة ديال للليل" الذي يسهرون على حراسة المتاجر وأمن المساكن ليلا. إنه مقترح لا يتطلب الميزانيات الضخمة التي يتحجج دائما المسؤولون بانعدامها.

لقد حج هذا اليوم جميع المتضررين الى غرفة التجارة والصناعة والخدمات، للاحتجاج بعد أن ركب بعض صيادي المناسبات، وسماسرة الأحزاب، من تسييس الكارثة ليبنوا عليها مجدهم الباهت.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى