الاثنين ٣ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٨
بقلم عبد السلام محمود الحايك

في غفوة اللغة الرقيقة

في غفوة اللغة الرقيقة
نلتقي
كحمامتين على غصُنْ.
ونردد الكلمات في كل اللغات
نودع المنفى
وغربتنا على أبوابه
ونؤلف الجمل الرقيقة في الوطنْ.
"عدنا ورفرفت الطيور على رؤوس العائدين
من الجنوب إلى الجنوب
شمال ماكنا نقدسه هنا
- وطن القلوب-
نغادر المنفى
وننسى أننا عدنا إلى وطن سجين
تحت أقدام الغزاة
ومن أتى بعد الغزاةْ."
****
في غفلة الكلمات
كنا نرسم الصور الجميلة
عن شجيرات
تكللها الزهور
وتلة من خلف مئذنة
ودوري يلاحق الديدان في جذل
وشمس في الأفقْ.
لم ننس كرسياً يحن لعاشقين
وأمسيات مقمرةْ.
في غفلة الأيام عدنا للمكان
وكانت الشمس العتيقة لا تزال هناك
تلمع فوق شيء
كان في يوم لنا
وطناً
واصبح مقبرةْ.
****
ينساب بين شواهد الموتى
بلا صوت
ويحبس برهة أنفاسه
يتأمل الأسماء
يرحل في مدى الذكرى
السجون تجيء
والساحات حيث تحوم أطياف الشهادة والفداء
يظل يمشي
يحسب الخطوات
هل يصغي لنا السجان
هل لمح التفاتتنا الأخيرة
أم عبرنا
وانتهى فينا المسير إلى التخوم المقفرة.
*****
زوار ما قبل الصباح توقفوا
رحلوا إلى خلف الحدود
جاء الصباح
وبعده جاءت صباحات كثيرة.
لكن زواري الجدد.
يأتون في زمن التحرر كل وقت
قبل أن تأتي الظهيرة
عندما يأتي الغروب
وبعد منتصف الليالي
يقرعون الباب في عصبية رعناء
أو لا يقرعون.
زوار ما قبل الصباح يكبلون يديك
ويدفعونك للأمام بقسوة
ويهددون.
زوار كل اليوم أيضاً مثلهم
رغم التحرر يفعلون.
****
نفس السجون هنا
ونفس قذارة الجدران
حتى زرقة الأقفال تبدو نفسها
نفس الممرات الطويلة
والمهاجع
والأسرة والملاءات القديمة تلك
حتى هيأة السجان تبدو نفسها
نفس المبرر
" أنت مشتبه بتخريب السلام"
ونفس قافية الكلام
ونغمة التهديد
حتى قسوة التعذيب
تبدو نفسها.
رحل الغزاة إلى الحدود
وجاء أبناء السلام هنا
يقيمون الحدود
على مقاس مختصر.
في كل زاوية
وفي كل امتداد للبصر.
***
زوار ما قبل الصباح بسجنهم وقيودهم
كانوا الدليل على مدى حريتي.
زوار ما قبل الظهيرة أصبحوا قيدي الجديد.
وعلى بقايا ثورتي نصبوا الحديد
على الحديد
واسقطوا الحلم الوليد.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى