السبت ٢٠ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

في مَرايا الشمس

حمزة حسين عبادي الليباوي

عَذبٌ - وقد بَلَّ الجمالَ - سُكوبُها
تَظما... وَنهرُ الأَوفياءِ سَكوبُها
أُمّي حَنانُ اللهِ يَهطلُ كُلَّما
قد ضَجَّ في عَظمي الطَّرِيِّ حَليبُها
أَيقونَةُ الجَنّاتِ... تَأتَزِرُ الوُرودَ...
فَليسَ تُجدِبُ والربيعُ رَبيبُها
هي بَسمةُ الغَيمِ التي ما أَغدَقَتْ
إِلّا وَفي كلِّ الجهاتِ صَبيبُها
هي نخلةُ الأَيامِ... يَهمي شَهدُها
مُذ مارسَ القلبَ الجميلَ لَهيبُها
قَلَقُ السَّنابِلِ... ما يُسافرُ قَمحُها
وَيعودُ إِلّا وَالسُّهادُ نَصيبُها
تَكتَظُّ ناياتُ الحُقولِ بِصَدرِها
تَشدو... وَمُثقَلَةُ السَّحابِ تُجيبُها

أُمّي بِلادُ الحبِّ في أُمَمِ النَّدى
تُحْيي الْمَدائِنَ... وَالوَفا مَندوبُها
أُمّي تَغاريدُ الغُصونِ إِذا دَهى
الأَعشاشَ لَحنُ الرّيحِ وَهوَ يُريبُها
أُمّي مَواويلٌ يَشعُّ أَنينُها
في ليلةٍ أَلِفَ الشُّجونَ غَريبُها
في أَنَّةِ الأَبوابِ يَهمسُ قَلبُها
وَعلى رُفوفِ العُمرِ يَرقُصُ طِيبُها
تَستَلُّ مِن مَرَحي بَلاسِمَ هَمِّها
وَكأَنَّ ضِحكَتِيَ اللعوبَ طَبيبُها
أَستَشرِفُ الأَفراحَ في بَسماتِها
وَيُعيدُ لي ذكرى الهُمومِ شُحوبُها
لم أَقتَنعْ يَجتاحُ وَردَتِيَ الضَّنى
مُذ أَبدَعَ الحُسنَ البَهِيَّ مَشيبُها
أُمّي مَحَطّاتُ الوِصالِ إِذا جَفا القلبُ الْمُهاجِرُ...
والفِراقُ رَقيبُها
لَم تَفتَرِضْ هَجري وَلَا في خاطِرٍ
أَو تَعتَرِضْ أَنَّ الغِيابَ يُذيبُها
تَقتاتُ مِن صُوَرِ السنين صَبورَةً
مُرَّ التَّأَسّي... وَالأَسى مَشروبُها
لَمْ تَقتَرِفْني غَيرَ حُبٍّ مُزمِنٍ
فَجَرَتْ على خَدِّ الحنينِ ذُنوبُها
هيَ نَسمَةُ الفَجرِ الْمُعَتَّقِ بِالشَّذا
رَقَّتْ لِيَمرَحَ في الضُّلوعِ هُبوبُها
وَأَريجُ شايِ الصُّبحِ يُطربُني... فَكَم
أَعلَنتُها: إِنَّ الفؤادَ طَروبُها
فَتَصُبُّهُ رُوحاً تُجيدُ سَعادَتي
وَالقلبُ سُكَّرُ... وَالْمَحَبَّةُ كُوبُها
ما زِلتُ أَذكرُ قُبلَةً قد أَشرَقَتْ
في وَجنَتي... وَعَلى يَدَيَّ غُروبُها
صُلِبَتْ على جِذعي تُرَتِّلُ عُمرَها
صَبراً... أَتدري اليومَ كيفَ صَليبُها؟
هي أُختُ تلكَ الشمس...
إِلّا أَنَّها الشمسُ التي خَنَقَ الصَّباحَ مَغيبُها

حمزة حسين عبادي الليباوي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى